السبت , أبريل 27 2024
شام تايمز
طائفة الإيبغو .. قصة اليهود الضائعين الذين لا تعترف إسرائيل وحاخاماتها بهم

«اللغة التي كتب الله بها الكون».. لماذا تعتبر الرياضيات لغة حقيقية؟

«اللغة التي كتب الله بها الكون».. لماذا تعتبر الرياضيات لغة حقيقية؟

شام تايمز

الرياضيات، ذلك العلم الذي لا يستطيع الكثير من الناس تقبله بسهولة، ففي فترة الدراسة قليلًا ما تجد أحد الطلاب يقول لك إنه يحب الرياضيات، تمامًا كما يقول لك الكثيرون إنهم لا يطيقون مادة الفيزياء، وما الفيزياء في النهاية إلا الناحية التطبيقية للرياضيات.

شام تايمز

ربما تكون الرياضيات صعبة على كثير من الناس، لكنها واحدة من أهم العلوم في العالم، بل قد لا نكون نبالغ إذا ما قلنا إنها العلم الأهم في رأي الكثيرين؛ لأنه لولا علوم الرياضيات ما تطورت الكثير من العلوم الأخرى، وما كنا لنحيا في ظل هذا التطور العلمي الكبير.

لكن محور حديثنا هنا مختلف، نحن لن نتحدث عن الرياضيات كعلم، بل كلغة. ربما يصاب البعض بالدهشة من هذا الطرح، لكنه أمر حقيقي، فالرياضيات لغة متكاملة الأركان، ويقول عنها الفيزيائي الإيطالي الشهير جاليليو جاليلي: إن «الرياضيات هي اللغة التي كتب الله الكون بها». وتسمى الرياضيات «لغة العلم» أيضًا.

جاليليو قال في كتابه «Il Saggiatore» إنه «لا يمكن قراءة الكون حتى نتعلم اللغة ونتعرف على الحروف التي كُتبت بها. إنه (أي الكون) مكتوب بلغة رياضية، والحروف عبارة عن مثلثات ودوائر وأشكال هندسية أخرى، والتي بدونها من المستحيل أن يفهم البشر كلمة واحدة»، فهل تعد الرياضيات لغة حقيقية مثلها مثل العربية، والإنجليزية، والصينية وغيرها من اللغات؟

ما هي اللغة؟

حتى يمكننا الإجابة عن السؤال السابق، علينا أولًا أن نعرف ما هي اللغة، وما الذي يجعل من شيء ما لغة. في الواقع هناك تعريفات متعددة لمصطلح «لغة»، فقد تكون اللغة نظامًا للكلمات أو الرموز المستخدمة ضمن قواعد معينة، وقد تشير اللغة إلى نظام اتصال يستخدم الرموز أو الأصوات.

عرف العالم اللغوي نعوم تشومسكي اللغة بأنها مجموعة من الجمل التي نشأت باستخدام مجموعة محدودة من العناصر، ويعتقد بعض اللغويين أن اللغة يجب أن تكون قادرة على تمثيل الأحداث والمفاهيم المجردة، ولن نخوض هنا كثيرًا، لكن أيًا كان التعريف المستخدم، فإن اللغة يجب أن تحتوي على المكونات التالية:

– يجب أن تكون هناك مفردات من الكلمات أو الرموز.

– يجب إرفاق معنى بهذه الكلمات أو الرموز.

– تستخدم اللغة القواعد النحوية، وهي مجموعة من القواعد التي تحدد كيفية استخدام المفردات.

– ينظم بناء الجملة هذه الرموز في هياكل أو افتراضات مكتوبة.

– يتكون السرد أو الخطاب من سلاسل من الجمل المبنية.

– يجب أن يكون هناك (أو كان) مجموعة من الأشخاص الذين يستخدمون هذه الرموز ويفهمونها.

في الحقيقة، تلبي الرياضيات كل هذه المتطلبات بشكل لا لبس فيه، فالرموز ومعانيها وبناء الجملة والقواعد الخاصة بالرياضيات هي نفسها في جميع أنحاء العالم، ويستخدم علماء الرياضيات والعلماء وغيرهم الرياضيات لتوصيل مفاهيم ومعانٍ معينة.

الرياضيات وقواعد اللغة

نحتاج الآن إلى توضيح كيف أن الرياضيات تنطبق عليها شروط اللغة، وطبقًا للشروط السابقة، سنلاحظ وجود ثلاثة أشياء أساسية تتكون منها أي لغة: المفردات، والقواعد النحوية، وبناء الجملة.
الأسماء والأفعال في الرياضيات!

نبدأ بالمفردات، والتي يقصد بها تلك الكلمات أو الرموز التي تكتب بها اللغة. مفردات الرياضيات مستمدة من العديد من الأبجديات المختلفة وتتضمن رموزًا فريدة أيضًا، وكما أن اللغات تتكون من أسماء وأفعال، فإن الرياضيات تتكون من أسماء وأفعال.

تشمل الأسماء في الرياضيات كلًا من:

– الأرقام (0، 3 2875، 4.765، وهكذا).

– الكسور (1⁄4، 5⁄9، 2 1⁄3).

– المتغيرات (أ، ب، ج، س، ص، ع).

– التعبيرات (3x، x2، 4+x).

– المخططات أو العناصر المرئية (دائرة، زاوية، مثلث، مصفوفة).

– رمز اللانهاية (∞).

– باي (π).

– أرقام تخيلية (i، -i).

– سرعة الضوء (c).

بينما تشمل الأفعال في الرياضيات كلًا من:

– المعادلات أو المتباينات (=، <، >).

إجراءات مثل الجمع، والطرح، والضرب، والقسمة (+ أو – أو x أو * أو /).

عمليات أخرى مثل عمليات حساب المثلثات (جا، جتا، ظا، ظتا، قا، قتا).

بناء الجملة

مما سبق يمكن أن نتوجه نحو بناء الجملة، فطالما عندنا أسماء وأفعال، يمكننا تكوين جمل، ويمكن ذكر المعادلة الرياضية لتشكيل جملة لها اسم وفعل، تمامًا مثل الجملة في اللغة المنطوقة، فعلى سبيل المثال: «3 + 5= 8» يمكن ذكرها على أنها «ثلاثة مضافة إلى خمسة تساوي ثمانية»، هذه جملة رياضية متكاملة الأركان ومفهومة، ولها قواعد نحوية واضحة.

قواعد النحو

تتميز قواعد الرياضيات وصياغتها، ومفرداتها، بأنها عالمية، فبغض النظر عن البلد الذي تنتمي إليه أو اللغة التي تتحدثها، فإن بنية اللغة الرياضية هي نفسها. في أغلب دول العالم، تقرأ الصيغ الرياضية من اليسار إلى اليمين، وحتى في الدول العربية، التي تكون فيها الأبجديات والرياضيات من اليمين إلى اليسار، لا توجد مشكلة في فهم وقراءة الجمل الرياضية العالمية.

تستخدم الأبجدية اللاتينية للعوامل والمتغيرات، وعادة ما ترسم الأعداد الصحيحة بالرموز «i، j، k، l، m، n». وتمثل الأعداد الحقيقية بـ«a ، b ، c ، α ، γ». وترسم الأعداد المركبة بالرمز «w وz»، ويرمز إلى الأرقام المجهولة بالرموز «x وy وz»، وفي الدول العربية عربت هذه الرموز لما يوازيها بالأبجدية العربية، لكن تظل الأبجدية اللاتينية معروفة ومفهومة أيضًا. وتستخدم الأبجدية اليونانية لتمثيل مفاهيم محددة. على سبيل المثال، تستخدم «λ» (لامدا) للإشارة إلى الطول الموجي ويرمز للكثافة بالرمز «ρ» (رو)، وتشير الأنواع المختلفة من الأقواس إلى الترتيب الذي تتفاعل به الرموز، ولكل نوع من الأقواس دلالة معينة وعملية رياضية معينة يحكمها، وطريقة صياغة الدوال والتكاملات والمشتقات موحدة ولا تتغير حول العالم كله.

التواصل عبر الرياضيات

نصل هنا إلى الشروط الأخرى المتعلقة باللغات وهي توصيل المعنى وتحدث الناس بها. ينطبق هذا الشرط على الرياضيات، فكما أن معرفة قواعد وكيفية عمل الجمل مهم في أي لغة حتى نفهمها بشكل جيد، فإن الأمر ينطبق على الجملة الرياضية أيضًا، وعند دراسة الرياضيات، غالبًا ما يجد الطلاب أن الأرقام والرموز مخيفة، لذا فإن وضع معادلة بلغة مألوفة يجعل الموضوع أكثر سهولة.

على سبيل المثال: نحن نشرح للأطفال جملة «7 – 3 = 4»، بالقول إنك تملك سبعة تفاحات، وأعطيت لصديقك منها أربعة تفاحات، فكم تفاحة تبقت لديك؟ وهذا التبسيط الذي قمت به الآن يشبه عملية الترجمة من لغة إلى أخرى، فأنت ترجمت جملة من الرياضيات إلى اللغة العربية.

ولأن الرياضيات هي نفسها في جميع أنحاء العالم، يمكن للرياضيات أن تعمل لغة عالمية، فالعبارة أو الصيغة لها نفس المعنى، بغض النظر عن اللغة الأخرى المصاحبة لها، والتي تحاول تبسيط المعنى بها، وبهذه الطريقة تساعد الرياضيات الناس على التعلم والتواصل، حتى لو كانت هناك حواجز اتصال أخرى بسبب اختلاف اللغات.

الرأي الآخر

في المقابل لا يتفق الجميع على أن الرياضيات لغة، فبعض تعريفات «اللغة» تصف الرياضيات بأنها شكل من أشكال الاتصال المنطوقة، أي أن الرياضيات في نظر هذه التعريفات هي شكل مكتوب من أشكال الاتصال فقط، ففي حين أنه قد يكون من السهل قراءة بعض العبارات والجمل الرياضية بصوت عال، (على سبيل المثال: 1 + 1 = 2)، إلا أنه من الصعب جدًا قراءة المعادلات الأخرى بصوت عال مفهوم (مثل معادلات ماكسويل). أيضًا، يجادل البعض في أن تقديم العبارات الرياضية المنطوقة يجري باستخدام اللغة الأصلية للمتحدث، وليس من خلال لغة عالمية خاصة بالرياضيات.

لكن هذه المعايير تعني أننا سنستبعد أيضًا لغة مثل لغة الإشارة من كونها لغة، رغم أن معظم اللغويين يقبلون لغة الإشارة كلغة حقيقية، كذلك هناك عدد قليل من اللغات الميتة التي لم يعد أحد يعرف كيف ينطقها أو حتى يقرأها، فهل يعني هذا أنها ليست لغة؟

ساسة بوست

اقرأ ايضاً:طائفة الإيبغو .. قصة اليهود الضائعين الذين لا تعترف إسرائيل وحاخاماتها بهم

شام تايمز
شام تايمز