على مسرح الشمال السوري.. القصة السرية الكاملة بقلم بوتين وأردوغان
د. محمد بكر
لا يمكن فصل مضمون ودلالات الزيارات التي قام بها الرئيس السوري ومن ثم الرئيس التركي وختمها نفتالي بينيت إلى موسكو ولقاء بوتين ، عن تطورات الأحداث المتسارعة وماترسله من رسائل سياسية وميدانية في الداخل السوري وتحديداً في الشمال ، فأنْ تبدأ هيئة تحرير الشام بزعامة ابو محمد الجولاني حملة أمنية وعسكرية مكثفة لملاحقة وتصفية ” إخوة الجهاد ” وتحديداً مايسمى تنظيم جند الشام بزعامة مسلم الشيشاني في الوقت الذي يستقدم فيه الأتراك تعزيزات عسكرية بالتحالف مع” الجيش الوطني” وفصائل معارضة سورية أخرى، استعداداً لعملية عسكرية كبرى شرق الفرات كما تُوصّف وسائل إعلام تركية، لمواجهة وربما تصفية قوات قسد، فإن ذلك يترك إشارات استفهام كبيرة وكبيرة جدا، بأن مايحدث ليس بعيداً عن مخرجات قمة سوتشي بين أردوغان وبوتين، التي تبدو أنها قمة قد بحثت أموراً في العمق السياسي وعلى طريق المقايضة خلافاً للكثير من التحليلات في هذا المعنى ، فجند الشام اتهمت هيئة تحرير الشام أنها تسعى لتصفية كل الأفراد الأجانب الذين ضمن التشكيلات العسكرية في إدلب استعداداً لتسليم المدينة للروس، وهذا إن صح ، لا بد أن يُصرف سياسياً وميدانياً شرق الفرات بدعم موسكو للعملية العسكرية التركية في الشمال، ولكن على أساس سري ربما بين بوتين وأردوغان قاعدته ” فخار يكسر بعضو ” وتالياً غربلة مايتبقى من المجاميع المسلحة والفصائل المقاتلة في إدلب، وبين قسد والجيش الوطني الذي سيكون في بوز المدفع للعملية العسكرية التركية، وليس الجيش التركي في المواجهة القادمة مع قسد .
قيل أن الولايات المتحدة قد شرعت في تسليم ملف الشمال بالكامل للروس، وذلك في إطار التقييم الجديد للإدارة الأمريكية في تواجدها المباشر في الشرق بدأته بالانسحاب من أفغانستان وربما تختمه بالانسحاب من سورية والعراق قريباً، وكل ذلك سيكون ضمن مخرجات الحوار الاستراتيجي الذي اتفق عليه بوتين مع بايدن في القمة التي جمعتهما مؤخراً في جنيف ، وفي إطار تبادل ” المنافع والأثمان ” السياسية لن يكون آخرها التهدئة الملحوظة بين الجانبين في ملف شرق أوكرانيا ، وإنما ” كر مسبحة ” التوافقات سيتواصل في جبهات أخرى أولها سورية في إطار ماقيل عن موافقة روسية ضمنية على الغارات الإسرائيلية على مواقع تابعة لإيران في سورية، بحسب ما نقل وزير الإسكان الإسرائيلي زئيف إلكين لإذاعة جيش الاحتلال الذي حضر لقاء بينيت ببوتين بصفة مترجم، بأن الرئيس الروسي طلب منهم ماسماه توخي الحذر الشديد أثناء غاراتهم على سورية منعاً لإصابة جنود روس .
المؤكد أن المرحلة القادمة في سورية هي مرحلة صدامات دموية عنوانها تصفية الأذرع ( الفصائل المسلحة التابعة لأردوغان ولإيران و أميركا) وإعادة هيكلة ما يتبقى منها، بتوافق داعمي هذه الأذرع مقابل حل سياسي للمنطقة بأكملها.
رأي اليوم