كتب معد عيسى تحت عنوان “الدعم المقلوب”
بالتوازي مع رفع أسعار المشتقات النفطية حضر موضوع الدعم بقوة في أروقة الحكومة التي بدأت تستطلع الآراء حول من يستحق الدعم. ومن لا يستحقه دون أن يرشح شي عن حجم الدعم وشكله وطريقة إيصاله.
معايير توزيع الدعم وتحديد من يستحقه اختلفت كثيراً خلال الفترة الأخيرة. فمثلاً لم يعد كل من يملك سجلاً تجارياً أو صناعياً يملك مصدر دخل بعد أن غادر الكثيرون أعمالهم بسبب ارتفاع أسعار الصرف وغياب المشتقات النفطية والكهرباء. ولذلك قبل اعتماد هذا المعيار على الحكومة أن تعطي فرصة لمن يريد إلغاء سجله التجاري أو الصناعي، لانه لم يعد بحاجة إليه بعد أن أوقف أعماله. و عليه فمن لم يلغ سجله فهو لا يستحق الدعم، ولديه عمل والعكس صحيح. وفي هذه الحالة يتم إنصاف الجميع، وأيضا لم يعد كل من يملك منزلين في نفس المحافظة لديه دخل أضافي. بل على العكس من ذلك أصبح في كل مسكن أكثر من عائلة من الأشقاء بعد أن أصبح المنزل حلماً ولكن المنزلين باسم الأب.
أما فيما يخص الشرائح المستحقة للدعم فأول شريحة وأكثر شريحة تستحق الدعم اليوم هي شريحة العاملين في الدولة. والتي لا يتجاوز سقف دخلها ما يعادل أربعين دولاراً في الشهر بعد أن كانت في الماضي قبل الحرب والعقوبات والحصار تتقاضى في الحدود الدنيا ما يزيد على ما يعادل مئتي دولار. وهذا يمكن تعريفه بالدعم المقلوب فبدل أن تدعم الحكومة الموظف. فإن الموظف يدعم الحكومة بما يعادل مائة وخمسين دولار شهرياً. أما الشريحة الثانية فهي الشريحة التي لا تملك مصدراً للدخل. وقد يكون لها قيود في وزارة الشؤون الاجتماعية.
إذاً تحديد شريحة المستحقين للدعم. وكذلك شريحة المستبعدين لا يمكن أن يتم على المعايير التي تم الحديث عنها سابقاً. ولا بد من معرفة أدق التفاصيل لكل معيار لأن ظروف الناس تغيرت بشكل كبير ولابد من لحظ ذلك في مشروع منح الدعم.
الحكومة ذهبت لخطوات رفع أسعار المشتقات النفطية مضطرة تحت ضغط كلفة فاتورة دعم هذه المشتقات. ولكن ذلك يحملها مسؤولية توفيرها لأن عدم توفرها سيزيد من الأسعار وينشط السوق السوداء ويرفع أسعارها. وحينها ستضيع كل أشكال الدعم. وستفقد الحكومة أي مصدر لزيادة موارد الخزينة بعد أن وصلت بكل أسعارها للسعر العالمي مع علاوة خصوصية الوضع السوري من حرب وحصار وعقوبات.
نجاح ملف الدعم يحتاج لإدارة دقيقة وقرارات تحاكي المعاناة. لا كالقرارات التي تمنح علاوات وحوافز على راتب عام 2013 وتحتسب الأسعار على سعر الصرف الحالي والاسعار العالمية .
سنسيريا
اقرأ أيضا: عام الغلاء.. لماذا توشك أسعار الغذاء و”كل شيء آخر” على الانفجار؟