عودة لبنان الى العباءة السورية؟
عباس ضاهر
لم يُضبط لبنان سياسياً منذ خروجه من تحت العباءة السورية. بقيت ساحته تهتز عند كل حدث داخلي أو إقليمي، سياسياً وأمنياً.
فرضت طبيعة النظام الطائفي أزمات لبنانية متتالية، أنتجت إقتصاداً هشاً ومعيشة قلقة، خصوصاً أنّ الطائفية إستُخدمت ستاراً للفساد الذي نخر أسس المؤسسات اللبنانية وأعاقت عمليات الاصلاح المطلوبة. وبما أن اللبنانيين عاجزون عن فرض إصلاح النظام، فلا علاجات جوهرية مُنتظرة في أيّ من الأفقين القريب والبعيد، رغم مساعي جامعة الدول العربية التي أطلّت في الساعات الماضية مع الأمين العام المساعد للجامعة حسام زكي، لإزالة المطبّات الناشئة بين دول الخليج ولبنان. لا توحي المعطيات ان الجامعة ستنجح في مهمتها، غير ان محاولتها محمودة الاصداء لملء الفراغ العربي.
يئست عواصم العالم من أزمات البلد، بعد محاولات عدة، كانت آخرها المحاولة الفرنسية، التي سجلت تراجعاً واضحاً في طموحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من مستوى تحديث النظام اللبناني الذي طرحه في زيارته الى بيروت عقب انفجار المرفأ، إلى حدود تأليف حكومة لا غير. ثم تبيّن أنّ الدول نفضت أيديها من بيروت حالياً. لماذا؟ إلى متى؟.
اذا كانت مكوّنات لبنان السياسية ربطت مساراته منذ تأسيسه بالإقليم وبعواصم بعيدة، فإن أية مشاريع للحلول اللبنانية لا يُمكن أن تتم منطقياً، بمعزل عن التحولات الإقليمية. مما يعني ان اللبنانيين سيترقبون مسار المفاوضات الآتية بين السعوديين والإيرانيين، وبين طهران والعواصم الغربية، كي يلمسوا انفراجات سياسية عملية.
تشكّل محطة فيينا التفاوضية بين الاوروبيين والإيرانيين في آخر الشهر عاملاً مهماً في معرفة الاتجاهات السياسية التي ستنعكس حُكماً على الإقليم. واذا كان ملف اليمن هو المعوّق لأي تفاهم محتمل بين السعودية وإيران، فإن ترتيب العلاقات بين بيروت وعواصم الخليج ينتظر ملامح التسوية بشأن اليمن. فماذا لو طال الإنتظار؟.
يتردّد كلامٌ دولي بأنّ الجمهورية اللبنانية لا تتحمّل مزيداً في تأخير المعالجات، ومن هنا تأتي المبادرات الدولية بالمفرق، فيتولى الغرب دعم المؤسسة العسكرية للحفاظ على قدراتها في ضبط الأمن ومنع التفلت، كما اظهرت وقائع زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون الى الولايات المتحدة الاميركية. في وقت تهتم فيه عواصم اوروبية بدعم منظمات “المجتمع المدني” مالياً واعلامياً ومعنوياً.
لكن في السياسة، ادركت العواصم الدولية عجزها عن فرض مشاريع الحل في لبنان، من دون التحولات الاقليمية، لكن بدأ يتسرب كلام عن نوايا خارجية لتكليف دمشق بالملف اللبناني.
يتصدّر هذا الطرح بعد حصول تقارب خليجي-سوري ظهر في اتصال الرئيس السوري بشار الأسد وولي العهد في امارة ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد. مما يعني ان العلاقات الخليجية-السورية عادت الى طبيعتها، في وقت تحظى فيه دمشق بثقة ايرانية ودعم روسي ومصري.
كل ذلك يعزز طرح عودة سوريا لضبط التوازنات السياسية في لبنان. فهل تقبل دمشق؟.
النشرة