توتر ومناورات عسكرية أميركية روسية… فهل يشتعل الفتيل؟
100 ألف مقاتل روسي على حدود أوكرانيا
من بين أكثر القضايا سخونة هو الحشود العسكرية الروسية على الحدود الشرقية والجنوبية والشمالية قرب الحدود مع أوكرانيا، والتي حذّر منها الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أخيراً.
أمر الحشود العسكرية استدعى من واشنطن أن تطلب توضيحاً بشأن تحرّكات وصفتها بـ “غير الاعتيادية” للقوات الروسية، حيث تتخوف الولايات المتحدة من حجم ونطاق التحراكات الروسية وأيضاً من تكرار سيناريو 2014 شرق أوكرانيا.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت صور الأقمار الصناعية الشهر الماضي زيادة كبيرة في أعداد الطائرات بالمهبط الواقع قُرب مدينة “نوفوفيدوريفكا” (على الساحل الغربي)، ويظهر تحليل شركة “أوربيتال إنسايت” شاحنات قرب ساحة “أوبوك” للتدريب وهي تتمرَّن على استخدام الدخان لتغطية حركة الجنود.
موسكو تجيب على تخوّفات واشنطن، وتؤكد على أنها لا تخطط لأيّ تدخل عسكري في الأراضي الأوكرانية، وعلى حقها في حشد أي قوات عسكرية داخل أراضيها.
وبين هذا وذاك،لا يمكن إهمال التحالفات التي تحاول الولايات المتحدة وأوكرانيا وأعضاء من حلف “الناتو” تشكيلها لمواجهة روسيا، والتي ردّت عليها موسكو بقطع العلاقات مع الحلف بدءاً من تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، وإلى أجلٍ غير مُسمى.
واشنطن تقرّ بالهزيمة.. الغاز الروسي عبر ألمانيا
الاقتصاد حاضر في الأزمة الروسية الغربية ضمن قائمة العوامل المؤثرة في توترات البحر الأسود، وتعتبر الدول الأوروبية أكثر المناطق اعتماداً على الغاز الذي يأتي خصوصاً من روسيا.
وتقول صحيفة “فايننشال تايمز” الأميركية إنَّ معظم صادرات الغاز الروسي تدفّق إلى أوروبا بعد تفكّك الاتحاد السوفياتي، وذلك عبر البنية التحتية الموجودة في خطوط الأنابيب في أوكرانيا، لكن في العقود الـ3 الماضية، ولأسباب سياسية، سعت شركة “غازبروم” الحكومية إلى “تنويع شبكة الغاز، وتقليل اعتمادها على جارتها أوكرانيا التي استفادت بنحو مليار دولار، ومد خطوط أنابيب “نورد ستريم2” جديدة عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا.
بناءً عليه، يُمكن لروسيا أن تستخدم الغاز كسلاح دفاعي أمام السياسات الأوروبية المعادية ويمكن أن تتحكم بحجم توريدات الغاز إلى أوروبا.
لكن ظهور مشروع “نورد ستريم2” الروسي- الألماني أخذ بعداً دولياً، ولا سيما بعد أن فرض عليه الرئيس الأميركي السابق في كانون الأول/ ديسمبر 2018، قانون عقوبات مستهدفاً بشكل أساسي السفن التي تشارك في وضع الأنابيب اللازمة لهذين المشروعين.
وسعى الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، خلال السنوات الماضية، على إخضاع الموقف الأوروبي لإدارته، أما إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، حافظت على موقف إدارة ترامب في رفض المشروع، وبحثت عن سبل جديدة لوقفه بما في ذلك فرض عقوبات جديدة على الشركات المستثمرة فيه.
تطلب الاتفاق بين برلين وواشنطن على كيفية التعامل مع المشروع الروسي- الألماني سنوات، عملت فيه الشركات الروسية المعنية على تمديد الأنابيب تحت البلطيق لتحويل المخططات إلى أمر واقع رغم العقوبات، وهو ما جعل أميركا تصطدم في النهاية بحائط صلب وضع لبناته الحليف الألماني إلى جانب الخصم الروسي. عند ذلك توصلت ألمانيا وأميركا إلى اتفاقٍ بشأن خط الأنابيب حيث يفرض هذا الاتفاق على ألمانيا استمرار دعم مشاريع الطاقة الثنائية مع أوكرانيا.
بالنسبة لروسيا، تعني الصفقة أنّها ستتمكن من مضاعفة حجم الغاز الطبيعي المُصدَّر مباشرةً إلى ألمانيا عبر خط بحر البلطيق، مع تجاوز أوكرانيا، ورغم معارضتها العلنية للاتفاق بين برلين وواشنطن بسبب مضامينها التسييسية للمشروع، فإنها تبدو “راضية” عن انتهاء المشروع الذي سيدخل العملات الصعبة إلى اقتصادها ويعزز علاقتها بالسوق الأوروبية.
الاتفاق أسخط العديد من الأطراف أهمها كييف ووارسو، والولايات المتحدة الأميركية التي ألغت معظم العقوبات المرتبطة بالمشروع والتي أقرّت أنّها غير قادرة على إيقاف قطار “نورد ستريم2” الذي أنجز بشكلٍ كامل.
وبذلك يكون الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد ضحى اقتصادياً بأوكرانيا وأرباحها وبمكانتها السياسية، وربما سيتم خداعها مجدداً ولكن هذه المرّة عسكرياً حيث من الممكن أن تتخلى واشنطن عن دعم أوكرانيا مقابل ملفات أخرى.
الميادين