اختارت العديد من الدول العربية إعادة علاقاتها مع سورية، ودعمت بالتالي عودتها إلى جامعة الدول العربية بعد تجميد عضويتها عام 2011.
ومؤخراً، شهدت المنطقة تحولاً مهماً، أدى إلى إعادة عدة دول عربية حليفة لواشنطن، العلاقات مع دمشق ، عبر إحياء الروابط الاقتصادية والدبلوماسية، ووصلت هذه التغيرات إلى أوجها عندما زار وزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد دمشق والتقى الرئيس بشار الأسد، في 9 تشرين الثاني 2021.
وأدى الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، بما صاحبه من فوضى، إلى تعزيز اعتقاد بين القادة العرب بأنهم بحاجة لرسم مسارهم بأنفسهم. ومع توقع نهج تميل فيه واشنطن إلى الوقوف على الحياد، لانشغالها الآن بالتحدي الذي تمثله الصين أصبحت أولويات القادة العرب تحفز خطواتهم، وعلى رأسها كيفية إصلاح اقتصادهم الذي كبَّلته سنوات الصراع وجائحة كوفيد-19.
وبالرغم من هذه التطورات، مازالت العديد من الدول العربية ترفض عودة سورية إلى الجامعة العربية، فمن هي الدول التي تؤيد عودتها ومن هي تلك الرافضة، وماهي مبررات كل دولة في موقفها؟
الدول المؤيدة لعودة سوريا
الجزائر: في 10 من تشرين الثاني الجاري، قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، إنه “حان وقت عودة سورية للجامعة العربية، لكن دون التدخل في شؤونها الداخلية”، وأضاف لعمامرة أن بلاده، التي ستحتضن قمة جامعة الدول العربية القادمة، تبحث عن توافُق عربي لضمان عودة سورية إلى الجامعة، معرباً عن ترحيب بلاده بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإماراتي لدمشق ولقائه الرئيس بشار الأسد.
يُذكر أن الموقف الجزائري بشأن عضوية سورية في الجامعة العربية ليس بجديد؛ إذ كانت الدولةَ الوحيدةَ رفقة العراق، التي تحفَّظت على قرار تجميد العضوية، كما لم تغلق سفارتها في دمشق طوال سنوات الأزمة هناك.
العراق: يؤيد العراق منذ بداية الأزمة، ضرورةَ عودة دمشق للجامعة العربية. وفي أيلول الماضي، أكد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين أن بلاده تعمل من أجل عودة سورية لشغل مقعدها في الجامعة العربية.
مصر: سبق لمصر أن أكدت أنها ليس لديها أي شروط لعودة سورية للجامعة العربية، وذلك وفق تصريحات سابقة لوزير الخارجية سامح شكري. وفي آذار الماضي، قال شكري إن “عودة سورية إلى الحاضنة العربية أمر حيوي من أجل صيانة الأمن القومي العربي”.
لبنان: تعد بيروت من أبرز المؤيدين لعودة سورية إلى الجامعة العربية، وكانت من الرافضين لتجميد عضويتها فيها أكثر من مرة.
دول عربية أعادت العلاقات مع سورية:
الإمارات: أعادت أبوظبي فتح سفارتها في دمشق عام 2018، وفي عام 2020 اتصل ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد لأول مرة بالرئيس ببشار الأسد وأكد على “ضرورة وقوف بلاده إلى جانب دمشق في محنتها”.
وفي تشرين الثاني 2021، زار وزیر خارجية الإمارات عبد الله بن زاید دمشق، والتقى الرئيس الأسد، وشدّد على “دعم الإمارات لجهود الاستقرار في سوريا”، معتبراً أن ما حصل فيها “أثر على كل الدول العربية”.
الأردن: شهدت العلاقات بين عمّان ودمشق تذبذباً كبيراً خلال سنوات الحرب، لكن خلال السنوات الأخيرة بدأت العلاقة تتجه نحو فتح الحدود والمعابر التجارية بين الطرفين، وتطورت العلاقات بعد اتصال هاتفي بين العاهل الأردني والرئيس الأسد، وحدوث زيارات رفيعة المستوى بين الطرفين، خلال العام 2021.
البحرين: في كانون الأول 2018، أعلنت المنامة مواصلة عمل سفارتها في دمشق، واستمرار الرحلات الجوية المتبادلة بين الطرفين، مؤكدة في أكثر من مناسبة على أن قرار إعادة سورية إلى جامعة الدول “يجب أن يُتخذ في الجامعة على أعلى مستوى”.
موريتانيا: لأول مرة منذ عام 2011، عينت نواكشوط سفيراً لها في دمشق في عام 2020، دون إبداء موقف واضح من عودة سورية إلى الجامعة العربية.
سلطنة عُمان: كانت السلطنة من الدول العربية والخليجية السباقة في إعادة العلاقات مع سورية، حيث أعادت، في 4 تشرين الأول 2020، سفيرها إلى دمشق. وحافظت مسقط على علاقتها مع دمشق، وأبقت على سفارتها مفتوحة في دمشق رغم تخفيض تمثيلها الدبلوماسي عام 2012.
دول عربية رافضة لعودة دمشق للجامعة العربية
السعودية: صرّح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، مطلع تشرين الثاني الجاري، بأن الرياض لا تفكر في التعامل مع دمشق في الوقت الحالي. وأضاف بن فرحان في مقابلة مع “CNBC” الأمريكية، أن بلاده تدعم العملية السياسية في جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة بين السلطة والمعارضة.
وجاءت هذه التصريحات، في ظل تقارير إعلامية، تفيد بأن الرياض أعادت في أيار الماضي، فتح قنوات مباشرة مع دمشق، بزيارة رئيس جهاز المخابرات السعودي خالد الحميدان، إلى دمشق ولقائه الرئيس الأسد، دون تأكيد أو نفي سعودي.
قطر: في آذار الماضي، أعلن وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن “أسباب تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية ما زالت قائمة”. وشدد آل ثاني آنذاك، على “وحدة الأراضي السورية والتوافق على رفض الحل العسكري للأزمة”.
وفي تشرين الثاني 2021، أعرب الوزير القطري عن أمله في إحجام دول أخرى عن اتخاذ المزيد من الخطوات للتقارب مع سورية، فيما تثار تساؤلات بشأن أسماء الدول الأخرى التي قد تحذو حذو الدوحة، التي دعمت وما زالت تدعم الميليشيات المسلحة منذ نحو عقد.
دول عربية لم تعلن مواقفها
حتى الآن، لم تعلن دول المغرب وليبيا والسودان وجيبوتي واليمن وجزر القمر والكويت وفلسطين والصومال موقفاً واضحاً من دمشق أو عودته إلى جامعة الدول العربية. لكن في تونس هناك حراك كبير لإعادة العلاقات مع دمشق، ففي آب 2021، حث “الاتحاد العام التونسي للشغل” (أكبر المنظمات النقابية) الرئيس قيس سعيّد، على استعادة العلاقات الدبلوماسية مع سورية.
اقرأ أيضا: هل سيبتعد الأسد عن إيران؟