لم تكن ماجدالينا أندرسون أول رئيسة وزراء امرأة في تاريخ السويد فحسب، بل إنها تعد أيضاً رئيسة لواحدة من أقصر حكومات البلاد عمراً، بعدما استقالت عقب ساعات من اختيارها لرئاسة الحكومة، وحتى قبل أن تقابل ملك البلاد.
فلقد استقالت ماجدالينا أندرسون، أول رئيسة وزراء في السويد، من منصبها بعد نحو 7 ساعات فقط من التصويت عليها، حسبما أعلن حساب السويد الرسمي على تويتر الأربعاء 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
جاءت هذه الخطوة الدراماتيكية قبل أن تتولى ماجدالينا أندرسون منصبها بالكامل، وحتى قبل أن تعقد اللقاء البروتكولي مع الملك، حسبما قال مسؤول سويدي لشبكة CNN.
وأضاف حساب السويد على تويتر، أن استقالتها جاءت بعد هزيمة الميزانية في البرلمان، الأربعاء، مع دعم المشرعين لمشروع قانون المعارضة بشأن الميزانية.
وقرر حزب الخضر ترك حكومة الأقلية الائتلافية مع الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة أندرسون. وستبقى الحكومة الحالية حكومة مؤقتة لحين تشكيل حكومة جديدة.
ولقد خلفت أندرسون ستيفان لوفين، الذي استقال مؤخراً من منصب رئيس الوزراء في البلاد وزعيم حزب الديمقراطيين الاجتماعيين.
كيف تولت الحكومة رغم أنها لا تمتلك الأغلبية؟
لم يكن وصول أندرسون إلى المنصب سلساً منذ البداية.
فالمرأة التي كانت تشغل منصب وزيرة المالية لم تحظَ بدعم أغلبية البرلمان، حسبما ورد في تقرير لموقع “بي بي سي عربي”.
فمن بين 349 عضواً في البرلمان، حصلت أندرسون على 117 صوتاً فقط، هي أصوات أعضاء حزبها الديمقراطي الاشتراكي، وحزب الخضر، في حين صوت ضدها 174 عضواً ممثلين عن الأحزاب اليمينية داخل البرلمان، وامتنع 57 من حزب الوسط وحزب اليسار عن التصويت.
وحصلت أندرسون على موافقة البرلمان بعد توصلها إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة مع حزب اليسار “الشيوعي السابق”، بموجبه لم يصوت الحزب ضدها في عملية التصويت على الحكومة.
ووفقاً للنظام السويدي لا يحتاج المرشح لرئاسة الوزراء إلى الحصول على دعم الأغلبية في البرلمان، ما دامت الأغلبية لم تصوت ضده.
وبالتالي كان امتناع حزب الوسط وحزب اليسار عن التصويت (57 صوتاً)، ودعم حزب الخضر والديمقراطيين الاشتراكيين لها (117 صوتاً)، قد أدى إلى وصول أندرسون إلى الرقم السحري “174 صوتاً” وهو نفس عدد أعضاء البرلمان اليميني الذين صوتوا بـ”لا” على ترشيحها لرئاسة الوزراء.
لكن قبضتها على السلطة كانت ضعيفة بسبب المشهد السياسي المجزأ في الدولة الاسكندنافية.
فلقد حكم سلفها لوفين من خلال القيام بجهود معقدة، وُصفت بأعمال الشعوذة، لتأمين الدعم من كل من أحزاب اليسار والوسط في البرلمان، رغم أنهم ليسوا جزءاً من الحكومة الائتلافية.
لكن حزب الوسط كان قلقاً من الاتفاق مع حزب اليسار، وقال إنه لن يدعم حكومة أندرسون في تصويت على مشروع قانون مالي اقترحته ثلاثة أحزاب معارضة.
وقالت آني لوف، زعيمة حزب الوسط للصحفيين “لا يمكننا دعم ميزانية من حكومة تتحرك بعيداً نحو اليسار، وهو ما نعتقد أن الحكومة القادمة تفعله”.
كما أن انتخاب أندرسون قد تم بعد عقد صفقة مع حزب الخضر المعارض، مقابل ضمان معاشات تقاعدية أعلى للعديد من السويديين.
لكن الحزب استقال من الائتلاف الحكومي بعد ذلك بساعات قليلة، وصوت لصالح الميزانية التي أعدتها المعارضة، والتي تشمل أقصى اليمين المناهض للهجرة، بدلاً من الميزانية التي أعدتها أندرسون.
ماجدالينا أندرسون مازالت تأمل في العودة
وقالت أندرسون للصحفيين “لقد أبلغت المتحدث أنني أرغب في الاستقالة”. وأضافت أنها تأمل أن تحاول أن تصبح رئيسة للوزراء مرة أخرى كزعيم حكومي لحزب واحد، هو حكومة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، المكونة من حزب واحد”، حسبما ذكرت رويترز.
وقال حزبها في بيان “هناك ممارسة دستورية، مفادها أن أي حكومة ائتلافية ينبغي أن تستقيل عندما يستقيل حزب واحد منها”، مضيفاً أنه لا يريد قيادة حكومة تكون شرعيتها موضع تساؤل.
أكبر التحديات: عصابات وإطلاق نار وفصل عنصري
من يقود السويد سيواجه تحديات كبيرة، إذ يفسد عنف العصابات وإطلاق النار الحياة في العديد من ضواحي العاصمة ستوكهولم وغيرها من المدن الكبرى.
وتعهدت أندرسون بإنهاء الفصل العنصري، فضلاً عن عمليات إطلاق النار والتفجيرات التي ابتُليت بها البلاد في السنوات الأخيرة، والتي تكون غالباً من قبل عصابات المخدرات التي تؤثر بشكل أساسي على الأحياء الفقيرة التي تضم أعداداً كبيرة من المهاجرين.
كما كشفت جائحة Covid-19 عن فجوات في دولة الرفاهية التي تم التباهي بها، حيث كان معدل الوفيات في السويد أعلى بكثير مما هو عليه في دول الشمال المجاورة.
وتحتاج الحكومة أيضاً إلى تسريع التحول إلى الاقتصاد “الأخضر” إذا كان لها أن تحقق أهدافها المتعلقة بتغير المناخ، وبالفعل ركزت أندرسون على نيتها جعل السويد نموذجاً عالمياً يحتذى به فيما يتعلق بالتغير المناخي.
كما قالت إنها تريد “استعادة السيطرة الديمقراطية على المدارس والرعاية الصحية ورعاية المسنين”، والابتعاد عن خصخصة قطاع الرعاية الاجتماعية.
سيرتها الذاتية
عملت ماجدالينا أندرسون سابقاً كنائب مدير عام مصلحة الضرائب السويدية، وفقاً لسيرتها الذاتية على موقع الحكومة السويدية.
وهي حاصلة على درجة الماجستير في الاقتصاد من كلية ستوكهولم للاقتصاد، وشغلت منصب وزيرة المالية السويدية منذ عام 2014.
وهي أيضاً ثاني امرأة تترأس حزب الديمقراطيين الاجتماعيين من يسار الوسط، وفقاً لحساب Twitter السويدي.
عربي بوست
اقرأ أيضا: ضابط سوري يسبب صداعاً للإسرائيلين