من ضمن القضايا الترويجية التي اعتمدها الوفد السوري مؤخراً إلى دولة الامارات العربية المتحدة .كواحدة من القضايا الترغيبية التي تزيد من الاندفاع نحو الاستثمار في سورية. برزت قضية انخفاض أجور اليد العاملة على أنها فرصة أمام المستثمرين من شأنها التخفيض من تكاليف الاستثمار، وبالتالي من زيادة العوائد والأرباح.
في الواقع إن أجور اليد العاملة منخفضة عندنا في سورية .. هذا صحيح .. ولكن الصحيح أيضاً هو أن هذا الانخفاض ليس من مصلحة أي استثمار على الاطلاق،لا بل فإنه يُشكّل تهديداً حقيقياً له. ومن شأنه أن ينخر في زواياه على المدى الطويل بشكلٍ خطير دون أن يدري المستثمر. وحتى دون أن يدري العامل منخفض الأجر أو الراتب أيضاً.
مساوىء الاجور المخفضة
إن انخفاض الأجور والرواتب يساهم إلى حدّ كبير بفقدان ولاء العامل أو الموظف لمؤسسته أو للمشروع الاستثماري. لأن هذا الانخفاض سيكون له ارتدادات مختلفة ومتنوعة تؤثّر بشكل سلبي على إنتاجية المشروع وعوائده وأرباحه، وعلى مدى نجاحه أيضاً. وذلك من منطلق أن انخفاض الأجور يؤثر بشكل مباشر على انخفاض مستوى معيشة العامل أو الموظف. وهذا سيؤدي بطبيعة الحال إلى إحداث فراغ في الحياة الطبيعية سيسعى العامل إلى سدّه وإغلاق الهوّة بين الدخل ومتطلبات الحياة. وهذا الأمر لن يكون إلا على حساب العمل، فسوف يسعى العامل إلى تغطية الفرق بعمل إضافي آخر وهذا سيؤثر على طاقته في اليوم التالي. كما سيحد كثيراً من إمكانية التفرغ لشؤون عمله، وبالتالي سيتحول إلى مجرد منفذ للأعمال. ما قد يفوّت على المؤسسة أو المشروع إمكانية المزيد من الحالات الإبداعية التي تحسّن من ظروف المشروع الاستثماري.
كما أن انخفاض الأجر يُشعر العامل أن هناك انتقاصاً من قدره ومن حقوقه. وهذا يؤدي إلى حالة نفور كامنة من العمل، لا تلبث أن تنفجر عند أقرب فرصة ممكنة. على شكل ترك العمل أو استبداله أو على الأقل التملص من بعض المسؤوليات والواجبات.
وهذا كله غير أن ضعف الأجور وسعي العامل لإيجاد فرصة مرافقة لعمله يزيد دخله من خلالها سوف يؤدي إلى حجب الكثير من فرص العمل أمام جيش آخر من العاطلين والباحثين عن عمل. وكلنا يعرف مدى انعكاس هذا الأمر على المجتمع بشكل عام وعلى تفاقم حالة البطالة شديدة الخطورة.
ولذلك علينا أن لا نفرح كثيراً بانخفاض أجور اليد العاملة، وأن لا نعتبرها ميزة مشجعة على الاستثمار. لاسيما وأنها في الحقيقة تشكل خطراً على المجتمع وخطراً على المشاريع الاستثمارية وخطراً على المستثمرين أنفسهم. ولا نشك بأن أي مستثمر ذكي لن يقبل بمثل هذا الواقع حتى وإن كان متاحاً بين يديه حفاظاً على حسن أداء استثماراته ومشاريعه. وكيلا يكون الاستثمار بالنهاية مقلوباً.
اقرا أيضا: واشنطن: نريد زيادة إمدادات النفط داخل وخارج أمريكا لخفض أسعار البنزين