انعطافة إماراتية تجاه كل من إيران وسوريا
للمرة الأولى يعلن عن زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد إلى طهران في الشكل والتوقيت. برغم أنها ليست المرة الأولى التي يزور فيها إيران منذ انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 2016.
زيارة تحملُ دلالات لافتة تؤشّر على انعطافة إماراتية واضحة تجاه إيران، وعلى تغيّر في السياسة الخارجية الإماراتية تجاه القضايا الإقليمية بهدف جسر الهوة وتعزيز التعاون مع دول المنطقة كما وصفها أنور قرقاش، مستشار الرئيس الإماراتي للشؤون الدبلوماسية تعقيباً على زيارة طحنون. وهذا ما تلقّفته طهران بإيجابية وترحيب ما دام يتوافق مع دعواتها السابقة إلى تعزيز التعاون الإقليمي.
انعكست أصداء زيارة طحنون إلى طهران التي تزامنت مع زيارة لوزير الخارجية السوري فيصل المقداد على المؤتمر الصحافي الذي جمع وزيري البلدين، برغم أن زيارة المقداد غير مرتبطة بزيارة الضيف الإماراتي كما أكدت الخارجيةُ الإيرانية بل ترمي إلى تعزيز العلاقات الثنائية ومواصلة التنسيق والتشاور بين البلدين.
ربما تحاول الإمارات تحصين نفسها بعد الانكفاء الأميركي من المنطقة، وبعد الانسحاب المفاجئ منْ أفغانستان. لكنّ السؤال هنا: هل يمكن للإمارات جمع المتناقضات في كفتين؛ الحفاظ على العلاقات مع إيران من جهة، والحفاظ على العلاقات مع “إسرائيل” من جهة أُخرى؟ قد يكون هذا صعباً في ظل المواجهة المحتدمة بين إيران و “إسرائيل”.
في هذا السياق، قال الكاتب والباحث في الشؤون السياسية، عامر سبايلة، إن “الإمارات تعيد ترتيب أوراقها من باب الأمن”، ورأى أنه يتم الحديث “مرحلة إغلاق الخلافات بالنسبة للإمارات”.
واعتبر سبايلة في حديث للميادين أن “ما تقوم به الإمارات اليوم هو محاولة إغلاق ملفات”، ورأى أن هذه الخطوات “متأخرة لكنها صحيحة”، لافتاً إلى أن “التحوّل اللافت في السياسة الإماراتية بدأ مع رحيل ترامب ووصول الإدارة الديمقراطية”.
كلام سبايلة أكّده رئيس تحرير صحيفة “إيران ديبلوماتيك”، عماد آبشناس، الذي قال إن “زيارة طحنون بن زايد إلى طهران ليست فقط أمنية وقد قام بعدة زيارات غير رسمية سابقاً”.
واعتبر أن “الإمارات تريد الخروج من مظلة بعض الدول، وأن تكون سياستها مستقلة وتعكس هذه الصورة لدول الجوار”، مؤكّداً في حديثه للميادين أن “الرسائل من تزامن زيارة طحنون والمقداد هي أن بوابة العلاقات مع إيران أيضاً تمر عبر سوريا”، وأن “الظروف الجيوسياسية بالنسبة للإمارات تفرض عليها أن يكون لديها علاقات جيدة مع إيران والسعودية”.
في السياق نفسه، رأى مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاسترتيجية، محمد السعيد إدريس، أن “إيران كدولة مجاورة للإمارات تحتل مكانة كبيرة في العقل الاستراتيجي الإماراتي، وأنها على علاقات جيدة مع القوى الإقليمية المتصارعة بالمنطقة، وهي بالتالي تؤمن نفسها”.
وأكّد في حديثه للميادين أن “السعودية غير بعيدة عن الحوار مع إيران، لكنها تقترب بتحسّب لأنها محاطة بملفات أولها اليمن”، معتبراً أن “زيارة ابن سلمان لسلطنة عمان كمحطة أولى في جولته لها دلالات كثيرة”.
السعيد إدريس قال إن “الإمارات سبّاقة بين دول الخليج في الكلام عن ضرورة عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، ورأى أيضاً أن التحول اللافت في السياسة الإماراتية بدأ مع رحيل ترامب، وأن الإمارات لا تستطيع أن تنحرف بشكل كبير عن العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية”.
وأضاف أن “الإمارات قرأت ما حدث لأميركا في أفغانستان وما يحدث في فيينا، وموقف إيران القوي هناك”.