كشف تفاصيل غرق سفينة أقلت 30 طبيبًا سوريًا
رغم مرور أكثر من 9 سنوات على غرق السفينة التي كانت تقل العشرات من اللاجئين السوريين من بينهم 30 طبيباً من خيرة أطباء سوريا مع عائلاتهم، لا تزال ذكرى هذه الكارثة ماثلة في ذاكرة الكثيرين كغيرها من حوادث الموت غرقاً التي اعتاد عليها العالم.
ووصف ناشطون الأطباء الضحايا آنذاك بخيرة الكوادر الطبية وأمهرهم، وروى الطبيب “مازن دهان” أحد الأطباء الناجين في منشور على صفحته في “فيسبوك” إنه اتفق مع زملائه الأطباء مع مهرب وقرروا أن يأخذوا أفضل وأكبر سفينة وأفضل مهرب حينها، مع الأخذ بالأسباب من ناحية تأمين ستر النجاة من قبل المهرب (والتي لم يؤمنها فيما بعد رغم الطلب مراراً بل أخبر أنها موجودة على السفينة)، ووجود جهاز ثريا وبوصلة.
وأشار المصدر إلى أنهم اجتمعوا في النقطة المتفق عليها وبعد انتظار 3 أيام تم تأجيل الرحلة بسبب سوء الأحوال الجويةـ وبعد أسبوع وكان الجو في حالة أفضل من حيث سرعة الريح وارتفاع الموج واعتدال الحرارة بدأت الرحلة.
وتابع الطبيب الناجي واصفاً مراحل رحلة الموت التي انطلقت من ساحل “زوارة” غرب ليبيا موضحا أنه بعد الإقلاع بحوالي 3 ساعات بتاريخ 11/10/2013 لحقت بهم سفينة صغيرة عليها علم الأمازيغ، وعرفوا عن نفسهم بأنهم خفر سواحل، لكن من الواضح أنهم كانوا عصابة بينهم وبين المهرب مشكلة فعرض ركاب السفينة عليهم المال، ولكنهم رفضوا وحاولوا قلبها برمي حبال وتطويقها.
وأردف المصدر أن القراصنة المذكورين بدؤوا بإطلاق الرصاص بالكلاشينكوڤ، في الهواء تخويفاً لهم، ثم بدؤوا بإطلاق الرصاص على حجرة القبطان وعلى جسم السفينة، والكل يعرف أن ثقبا صغيرا بإمكانه ملء برميل كبير بمرور الوقت، لا سيما تحت ضغط الماء، لأنهم تعمدوا إصابة القسم السفلي من السفينة وأصيب 3 أشخاص من اللاجئين إصابات في الأطراف، تم تضميدهم وايقاف النزف من قبله ومن بعض الأطباء على السفينة.
ويمضي الطبيب الناجي قائلاً:”بحلول الساعة 11 ظهرا -أي بعد 13 ساعة على انطلاق السفينة – تم الاتصال بخفر السواحل الإيطالي، لكنهم رفضوا بحجة أننا بعيدون عنهم وأننا في المياه الدولية، وأخبرونا أن نتصل بمالطا، لأن مجال تغطيتها للبحر أكبر، وبالفعل–كما يقول- تم الاتصال بمالطا وإعطاء الاحداثيات، وتبين فيما بعد بالتحقيقات التي قام بها الصحفي الإيطالي المشهور فابريزيو غاتي Fabrizio Gatti أن السفينة الايطالية كانت على بعد ساعة واحدة منا، والسفينة المالطية كانت على بعد ساعتين منا، وتأخرت المساعدات كثيراً، وبحلول الساعة 4 عصراً كانت السفينة تترنح وبدت أخفض من المستوى الذي كانت عليه وتوشك أن تنقلب.
ووصف المصدر حالة ركاب السفينة التي كان على متنها، حيث أصاب الهلع والرعب جميع الركاب، وسقطت بعض الحقائب في البحر.
وتابع أن تسرب الماء بمقدار 5 سم وازدحام الطابق الأوسط من السفينة دفع به إلى إرسال صغاره طارق وبشر إلى صديقه د. أيمن في القسم العلوي من السفينة، وبعد حوالي ربع ساعة تسرب قسم من الماء إلى القسم الأوسط من السفينة.
بدأت السفينة بالترنح يمنة ويسرة وفقدان توازنها، لم يكن أحد يعرف حجم الماء المتسرب، فهو كامن في الفراغ بين الجسم الخارجي والجسم الداخلي للسفينة، لكن ترنحها بهذا الشكل جعل الركاب ينتقلون يمنة ويسرة في محاولة لخلق توازن مضاد.
وأردف الطبيب “دهان” مستذكراً لحظات وقوع الكارثة أن السفينة بدأت بالميلان إلى الأيسر، ثم انقلبت على جانبها الأيمن 90 درجة فأصبح حائط السفينة الذي كان خلفهم تحت أقدامهم ووقفوا عليه، وبعد 15 ثانية وجد نفسه دون زوجته التي كانت إلى جانبه بعد أن انقلبت السفينة 180 درجة وأدرك أنها علقت بالسفينة مثل كثير من الناس.
وغرق جراء الكارثة حوالي 250 شخصاً حسب الإحصائيات الرسمية لمالطا وإيطاليا قسم كبير منهم كان يجيد السباحة ومنهم زوجة د. أيمن رحمها الله، التي لديها ميداليات في السباحة، وكانت تقول لزوجها مازحة -حسب المصدر- “إذا صار شي أنا بنقذك” فنجا هو الذي لا يعرف السباحة وغرقت هي، ومنهم الدكتور مصطفى الدقاق الذي كان يقول رحمه الله: إذا صار شي لا سمح الله فأنا بعرف أسبح وأولادي الشباب كمان “سبيحة”،
وتوفي هو وأولاده، توفي أناس كثيرون يرتدون بزات نجاة، ومن الضحايا د. عمران رسلان (اختصاصي عظمية)، وجميع عائلته الذين علقوا في السفينة، ولم يعثر على أي فرد منهم، وكذلك د. خالد العوض (اختصاصي جراحة أعصاب) ونجله وابنتيه، د. مصطفى الدقاق وزوجته، وأبنائه الشباب ود.
سامي السيد محمود و زوجته ونجله وابنته، ونجا نجله فاتح 6 سنوات، ونجا للمفارقة أشخاص لا يعرفون السباحة أبداً، منهم طبيب كان يزن 130 كغ وطبيب توفيت ابنتاه الصغيرتان ونجا رغم أن لديه شلل أطفال وداء رئويا، ولم يكن يجيد السباحة.
ويعد طريق هجرة وسط البحر الأبيض المتوسط الأكثر فتكا على مستوى العالم بسبب طول مدة الرحلة التي قد تستغرق أياما، فضلاً عن أنماط التهريب الخطرة والفجوات في قدرات البحث والإنقاذ، إضافة إلى القيود المفروضة على عمل المنظمات غير الحكومية، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
وكالات
اقرأ ايضاً:أخطر دول العالم لعام 2021.. سوريا في المركز الـ..؟