لا تشبه إجراءات الحكومة في موضوع رفع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء والخدمات العامة بعد عشرين عاماً من الغياب إلا فرض لعبة الجمباز على شاب ثلاثيني. ” يعني جبنا الشب وفسخنا رجليه ونجحت عملية الفسخ ولكن الشاب بقي على الأرض عاجزاً عن الوقوف أو الحركة “. فلعبة الجمباز تبدأ في سن مبكرة ولا سيما عملية فسخ الأرجل. وهكذا الحكومة فعلت فقد نجحت في سنة واحدة من إيصال الأسعار إلى المستوى العالمي. ولكن لم يعد هناك شخص قادر على تلبية أي شي من احتياجاته الأساسية. وغدا عاجزاً أمام استحقاقات بسيطة كالأكل والعلاج والتعليم.
توقيت متأخر
العام ٢٠٠٨ كان استهلاك سورية من المازوت تسعة مليارات ليتر، أي حاجة سورية ولبنان والأردن والعراق ،بينما نحلم اليوم بالوصول إلى تأمين مليار ليتر.
طبعاً استهلاك تسعة مليارات ليتر كان عام ٢٠٠٨ لأن سعر المازوت كان منخفضاً جداً وبالتالي كان المواطن يسرف في الاستهلاك.
و كذلك فإن المهرب إلى دول الجوار يتفنن في ابتكار أساليب التهريب. وكلنا شاهدنا حينها الخراطيم الممتدة من الأراضي السورية إلى لبنان، وكذلك سلسلة الغالونات المتحركة.
لو أن الحكومات المتعاقبة كانت تقارب بين الأسعار المحلية والأسعار العالمية وبزيادات بسيطة لما وصلنا اليوم. إلى زيادات تتجاوز ٥٠٠ ليرة في المرة الواحدة، والأمر ينسحب على كل شيء .
رفع ودخل ومنطق
رفع الأسعار بالمنطق الاقتصادي هو خطوة طبيعية، والاقتراب بها أو مساواتها بالأسعار العالمية كذلك خطوة صحيحة. ولكن بسياسة الخطوة خطوة مع مقابلة ذلك بإجراءات تحسين دخل المواطن ليقارب دخل المواطن في الدول الأخرى. وأن يترافق ذلك أيضا بتقديم دعم نقدي لكل شخص لم يستطع عكس ارتفاع الأسعار على منتجاته كالموظف ومن لا يمتلك دخلاً بالأساس . وليس منطقاً ولا اجتهاداً أن تستبعد شرائح من الدعم بتبريرات بعيدة عن المنطق. فمن امتلك سيارة وهو موظف مثلاً ليس فقط يستحق الدعم بل الشفقة لأن راتبه لا يكفيه لأيام. و حسرته عن عجزه في تعبئة البنزين أكبر من حلم من لا يمتلك سيارة بامتلاكها. عندما نُبعد شرائح معينة من الدعم بشكل غير منطقي، فالمواطن المدعوم سيدفع الثمن.و ذلك لأن الطبيب والمحامي والصيدلاني وغير ذلك من ” المُستبعدين ” سيعكس ذلك على خدماته التي يقدمها للمواطن وهكذا سيدفع ” المدعوم ” الثمن.
الكاتب معد عيسى – موقع سينسيريا
اقرأ ايضا: سعر شجرة الميلاد يترواح من 350 ألفاً وحتى مليوني ليرة