على الرغم من وضع السعر المغري من الحكومة لشراء الموسم الحالي للقطن، إلا أن ارتدادات صادمة ستنعكس على الجهات المستفيدة من المحصول جراء ضعف تسويقه وتسليم كميات ضئيلة من إنتاجه، وذلك بعد أن غدا سلعة رخيصة بيد التجار والمضاربين والعابثين به بعد أن كان قاطرة للاقتصاد السوري.
وعلمت «الوطن» من مصادر مطلعة أن المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان استلمت فقط 6000 طن قطن خام محبوب حتى يوم أمس، ولأسباب لا علاقة لها بالتسعيرة الحكومية المجزية، وبالتالي، لن تتجاوز كميات الأقطان المحلوجة 2000 طن، وهي لا تكفي حاجة شركات الغزل بمستودعاتها الفارغة لأكثر من شهر واحد.
ولفتت المصادر إلى أن السياسات والإجراءات الاعتباطية لوزارة الصناعة بمؤسساتها التابعة لها مثل (الأقطان- النسيجية) وضعف الإدارة في تسويق المحصول، ستعطي نتائج كارثية على واقع الصناعة النسيجية السورية، التي تشكل 50 بالمئة من الصناعة السورية، والتي دقت ناقوس الخطر مع شركات الزيوت التي ستتوقف عن العمل في ظل الحاجة الماسة للزيوت النباتية في السوق المحلية، بعد أن كان إنتاج زيت القطن والكسبة العلفية يفيض عن حاجة السوق.
وتساءلت: أين دور المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان في تأمين حاجة شركات الغزل والزيوت، وهي الجهة الحصرية المعنية باستلام الأقطان وحلجها وتسويق النواتج من الأقطان المحلوجة وبذور القطن إلى شركات الغزل والزيوت في القطاعين العام والخاص وتمتلك وفق مرسوم إحداثها رقم 106 لعام 1965 صلاحية شراء الأقطان المحبوبة ونواتجها وبذور القطن وزغبه وعوادمه، فلماذا عجزت عن إنجاز مهامها المنوطة بها، مع أن الحكومة منحتها قرضاً لشراء القطن المحبوب وبذور القطن بمبلغ 182 مليار ليرة سورية!؟.
ولفتت إلى أن المؤسسة النسيجية غير معنيه مطلقاً بشراء القطن المحلوج إلا من مؤسسة الأقطان حصرا، فلماذا أعلنت ولمرات عديدة عن مناقصة لشراء المادة مستندة في ذلك إلى موافقة الاستيراد الصادرة بتاريخ 28 حزيران الماضي، وكيف أعلنت عن أول مناقصة لشراء القطن المحلوج بتاريخ 13 آب الفائت وهو موعد بدء استلام القطن المحبوب، وكيف تفتح الباب لإجراء عقود تشغيل للغير خلال هذا الموعد؟.
وأكدت المصادر أن هذه الإجراءات الكارثية الكبيرة شجعت بدورها على قيام المحالج الأهلية الخاصة المنتشرة في المناطق التي تسيطر عليها ما تسمى بـ«قوات سورية الديمقراطية- قسد» على حلج الأقطان والاتجار بنواتجها والإحجام عن تسليمها عبر وسطاء إلى محالج الدولة، كما جرى في السنوات السابقة، علما أن المساحات المزروعة بالقطن ضمن هذه المناطق تشكل 80 بالمئة من إجمالي المساحات المزروعة في البلاد.
وأضافت: الكارثة الأكبر هي قيام التجار، الذين جرى إبرام عقود تشغيل للغير معهم، بشراء الأقطان المحبوبة من المناطق الآمنة بغية تشغيلها في محالج الدولة والاتجار بها، وهذا مخالف لأحكام القانون رقم 21 لعام 2010 الناظم لزراعة الأقطان.
وكشفت أنه تم ضبط ومصادرة سيارتين محملتين بالأقطان من المناطق الآمنة في محافظة دير الزور، حيث جرى شراؤها من قبل تجار أبرمت عقود تشغيل للغير مع مؤسسة الأقطان، وماهي إلا جزء من الأقطان التي تم شراؤها في المناطق الآمنة بغية الاتجار بها.
وبينت أنه كان يتوجب على مؤسسة الأقطان اتخاذ سياسة تسويقية مغايرة تماما، من شأنها تأمين حاجة القطر من الأقطان ونواتجها، وتتلخص بإغلاق باب شراء القطن المحلوج حتى نهاية تشرين الثاني بغية تجفيف منافذ التصريف والحث على تسليم القطن المحبوب من خلال تشجيع الوسطاء على تأمين القطن المحبوب كما جرى في السنوات السابقة، مع إيقاف إبرام عقود التشغيل للغير لما لها من أثر سلبي في المضاربة بالأسعار من خلال تعدد الموردين فضلاً عن التحكم بأسعار الخيوط القطنية الناتجة واحتكارها في السوق المحلية وغياب دور القطاع العام الذي يمتلك الإمكانيات الكبيرة لشراء وتشغيل الأقطان وضبط أسعارها في السوق المحلية.
وأردفت: إذا دعت الحاجة لشراء القطن المحلوج وبذور القطن بعد نهاية تشرين الثاني، فيتوجب فرض سعر محدد من قبل مؤسسة الأقطان وفق تصنيفات فنية محددة، وأن يتم حصر الشراء بمؤسسة الأقطان تلافياً للمضاربة السعرية كما يحدث راهناً، علماً أن للمؤسسة تجارب ناجحة ومدروسة خلال السنوات السابقة لذلك.
الوطن
اقرأ أيضا: لنقلها لـ “حوش بلاس الصناعية”.. قرار بإغلاق ورشات السيارات وسائر المهن الصناعية في باب شرقي