FP: إلى أي مدى اقتربت إيران من امتلاك سلاح نووي؟
نشرت مجلة “فورين بوليسي” تقريرا للصحفي كولوم لينش، قال فيه إن إدارة جو بايدن حذرت من أن إيران على وشك إنتاج وقود يكفي لصنع قنبلة نووية.
ولكن ما مدى قرب إيران من امتلاك القدرة على إطلاق سلاح نووي؟
وللإجابة عن هذا التساؤل، كان التقرير التالي للمجلة ترجمته “عربي21” كاملا:
هناك عدد من العقبات التكنولوجية الحاسمة التي يجب على طهران التغلب عليها أولا للحصول على برنامج أسلحة نووية يعمل بكامل طاقته. يجب على إيران تطوير ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب للاستخدام في صنع الأسلحة، وبناء رأس نووي قادر على حملها، وتطوير نظام صاروخي باليستي قادر على إيصال الرأس النووي وأخيرا، يجب إجراء اختبار لمعرفة ما إذا كانت المادة المتفجرة تعمل بالفعل.
لقد أصبح معرفة الوقت الذي ستستغرقه إيران للسيطرة على هذه التحديات أكثر إلحاحا في وقت تجتمع فيه أمريكا وإيران والعديد من القوى الرئيسية الأخرى هذا الشهر في فيينا في محاولة الفرصة الأخيرة لإحياء الاتفاق النووي التاريخي لعام 2015 والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA).
قال مسؤول أميركي كبير لمجلة فورين بوليسي في مقابلة هاتفية يوم الأحد إن محادثات فيينا حققت “بعض التقدم” في الأسابيع الأخيرة، لكن هذا ليس كافيا لتبرير مفاوضات مفتوحة. وأضاف المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته .. أن “الوتيرة التي تتقدم بها المحادثات لا تواكب وتيرة التقدم النووي الإيراني”. وأضاف المسؤول أنه إذا استمرت المحادثات خلال الأسابيع المقبلة بالوتيرة المتباطئة الحالية، فقد يتعين على واشنطن إعادة النظر في أهمية الاتفاق النووي و”اتخاذ قرار بشأن تصحيح المسار”.
بموجب شروط الاتفاق النووي لعام 2015، سُمح لإيران بإنتاج يورانيوم منخفض التخصيب لبرنامج طاقة نووي سلمي، يخضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. التزمت إيران بالاتفاق إلى حد كبير حتى عام 2018، عندما انسحب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاقية. دفع ذلك إيران في العام التالي إلى بدء عملية تدريجية لوقف الامتثال للاتفاق النووي، مما أثار مخاوف القوى الغربية وإسرائيل من أنها ستحقق اختراقات تكنولوجية تجعل خطة العمل الشاملة المشتركة بلا معنى.
سعت إسرائيل وأمريكا إلى إبطاء التقدم النووي الإيراني عن طريق تخريب بنيتها التحتية النووية، بما في ذلك عن طريق إصابة أجهزة الكمبيوتر التي تشغل أجهزة الطرد المركزي للتخصيب الإيرانية. ويُشتبه أيضا في قيام إسرائيل باغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020. لكن هذه الجهود فشلت في منع إيران من اتخاذ خطوات كبيرة في برنامجها النووي.
تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بإعادة الالتزام بخطة العمل الشاملة المشتركة ورفع العقوبات المتعلقة بالمجال النووي عن إيران إذا وافقت على العودة إلى الامتثال الكامل بالاتفاق. تريد إيران رفع العقوبات أولا والحصول على تأكيدات صارمة بأن الإدارة الأمريكية المستقبلية لا يمكنها التراجع عن الصفقة مرة أخرى.
أما الجدول الزمني لإيران لتخصيب الوقود المستخدم في صنع الأسلحة وتصميم رأس حربي عملي وتحميله على صاروخ باليستي قادر على ضرب أهداف في الشرق الأوسط فهذا ما تعرفه عنه:
في تقييم قدرة الأسلحة النووية المحتملة لإيران، ركزت أمريكا إلى حد كبير على “وقت الاختراق” المقدر لطهران: مقدار الوقت الذي ستستغرقه إيران لإنتاج قنبلة نووية واحدة إذا عملت بكل جهدها للقيام بذلك.
مع فرض قيود (JCPOA)، قدرت أمريكا في عام 2015 أن الأمر سيستغرق إيران 12 شهرا لإنتاج وقود نووي كافٍ لصنع قنبلة إذا قررت التخلي عن الصفقة والسعي للحصول على سلاح عملي. اليوم، تقلص هذا التقدير إلى حوالي شهر واحد حيث قامت طهران بتركيب أجهزة طرد مركزي أكثر تقدما في مراكزها النووية وقيدت وصول المفتشين الدوليين إلى المنشآت النووية الإيرانية.
بموجب شروط اتفاقية عام 2015، سُمح لإيران بتخزين 300 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب وتشغيل أكثر من 5000 جهاز طرد مركزي من الجيل الأول في محطة نطنز لتخصيب الوقود. يُحظر على طهران تخصيب اليورانيوم بتركيز يزيد عن 3.67% من اليورانيوم -235، وهي مادة قابلة للانشطار يمكن أن تستخدم في توليد الكهرباء عند مستويات منخفضة ولكن يمكنها أن تستخدم في قنبلة نووية إذا وصلت إلى تركيز 90%.
منذ انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، عمدت إيران بشكل مطرد إلى تخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى. في تموز/ يوليو 2019، بدأت إيران في تخصيب ما يصل إلى 5%، إلى 20% في كانون الثاني/ يناير 2021 وإلى 60% في نيسان/ أبريل 2021. ومن هذه النقطة، هناك خطوة قصيرة نسبيا لإنتاج وقود نووي صالح لصنع الأسلحة.
يتطلب إنتاج الوقود المستخدم في صنع الأسلحة استخراج المواد الانشطارية التي يمكن أن تؤدي إلى تفاعل نووي (يورانيوم -235) من اليورانيوم المنجم. إن تكرير اليورانيوم إلى درجة نقاء 3.67 في المائة يزيل الغالبية العظمى من الذرات الزائدة، مما يجعل عملية التكرير إلى درجة نقاء 5 و 20 و 90% أقل استهلاكا للوقت وأكثر سهولة.
من أجل تسريع وتيرة التخصيب، قامت إيران بتركيب آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتطورة القادرة على تخصيب اليورانيوم بجودة أعلى في كل من نطنز ومحطة فوردو لتخصيب الوقود. (منعت JCPOA إيران من تخصيب اليورانيوم في فوردو). ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، كانت إيران قد جمعت مخزونا من اليورانيوم المخصب يبلغ حوالي 2313.4 كيلوغراما، بما في ذلك 1622.3 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 5%، و 113.8 كيلوغرام مخصب حتى 20%، و 17.7 كيلوغرام مخصب بنسبة 60%، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
قال ديفيد أولبرايت، مؤسس معهد العلوم والأمن الدولي، إن إيران قد حصلت بالفعل على ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% و 60% لإنتاج ما لا يقل عن 45 كيلوغراما من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 90%- وهو وقود يستخدم في صنع الأسلحة لإنتاج قنبلة نووية في وقت قصير. وأضاف أنه في غضون عدة أشهر يمكن أن ينتج وقودا يكفي لقنبلتين أخريين. ويقدر أنه في غضون ستة أشهر، قد تكون إيران في وضع يمكنها من اختبار قنبلة نووية.
قال سهل شاه، زميل السياسات في شبكة القيادة الأوروبية: “وقت الاختراق هو اسم اللعبة عندما يتعلق الأمر بالمقاييس المتعلقة ببرنامج إيران النووي، لكنه محدود الفائدة لأنه لا يشمل الوقت الذي سيستغرقه تصميم أو تصنيع أو تجميع مكونات القنابل.. إن ميل بعض البلدان، وبالتحديد أمريكا وشركائها عبر المحيط الأطلسي، إلى التركيز بشكل كبير على وقت الاختراق يتجاهل عمدا مقدار الوقت الذي ستستغرقه إيران للانتقال من امتلاك مخزون ذي مغزى من اليورانيوم عالي التخصيب إلى سلاح نووي قابل للاستخدام”.
وقال المفاوض النووي الروسي، ميخائيل أوليانوف لمجلة فورين بوليسي: “ما يسمى بوقت الاختراق، إنه مفهوم أمريكي. نحن لا نشاركه إطلاقا”.
وأضاف: “حتى لو كانوا ينتجون كمية كبيرة من المواد النووية، فماذا في ذلك؟ لا يمكن استخدامها بدون رؤوس حربية، والإيرانيون ليس لديهم رؤوس حربية ولن يحصلوا على التقنيات ذات الصلة لفترة طويلة”.
وقال داريل كيمبال، مدير جمعية الحد من التسلح: “السؤال المهم هو كم من الوقت ستستغرق إيران لتكون قادرة على حمل أسلحة نووية، بعد أن حصلت على ما يكفي من المواد الانشطارية لقنبلة واحدة؟ ستكون فترة سنوات”.
تقدر الحكومة الإسرائيلية أن إيران سوف تحتاج ما بين عام إلى عامين حتى تكون قادرة على إنتاج سلاح نووي. أخبرني المسؤول الأمريكي الكبير أن إدارة بايدن “لن تجادل في وجود جدول زمني أطول للتسليح”، لكنه أضاف: “لدينا ثقة أكبر في قدرتنا على القياس والتتبع ومعرفة ما يحدث عندما يتعلق الأمر بالتخصيب”.
قامت إيران بعمل كبير في مجال تصميم سلاح نووي. في التسعينيات، كانت شبكة تهريب الأسلحة بقيادة عبد القدير خان، مؤسس برنامج الأسلحة النووية الباكستاني، بتزويد إيران بالتصاميم الأساسية لمكونات الأسلحة النووية. في عام 2009، خلص تقييم داخلي للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أنه قبل عام 2003، جمعت إيران “معلومات كافية لتكون قادرة على تصميم وإنتاج جهاز نووي قابل للانفجار الداخلي يعتمد على اليورانيوم عالي التخصيب كوقود انشطاري”.
خلص تقدير المخابرات القومية الأمريكية لعام 2007 إلى أن لديها “ثقة عالية” أن إيران قد أوقفت برنامج أسلحتها النووية في عام 2003 ردا على الضغوط الدولية المتزايدة، وثقة متوسطة إلى عالية من أن طهران تبقي الباب مفتوحا لاستئناف البرنامج في مرحلة مستقبلية.
قال شاه: “الحقيقة الأساسية .. هي أنه ببساطة لا أحد، بما في ذلك أولئك الذين لديهم إمكانية الوصول إلى معلومات استخباراتية أكثر تفصيلا حول برنامج إيران النووي، يمكن أن يكون متأكدا من أي من هذه الجداول الزمنية، خاصة أننا لا نملك فكرة قوية عن ماهية البحث والتطوير الذي كانت إيران عليه تاريخيا أو حاليا”.
تلعب الصواريخ الباليستية دورا حاسما في أي برنامج أسلحة نووية، ولدى إيران سنوات من الخبرة في تطويرها.
يبلغ مدى صاروخ شهاب -3، المصمم على طراز صاروخ نودونغ الباليستي الكوري الشمالي، حوالي 800 ميل. تمتلك إيران أيضا العديد من الإصدارات المحسّنة، بما في ذلك عماد وسجيل وقدر 110. يبلغ مدى صاروخ قدر -110 حوالي 1200 ميل، مما يجعله على مسافة قريبة من تل أبيب، إسرائيل. كما قام علماء الصواريخ الإيرانيون بإنتاج صاروخ خرمشهر متوسط المدى، والمصمم على صاروخ موسودان الكوري الشمالي الفاشل.
ومع ذلك، فإن امتلاك الصواريخ الباليستية ليس هو نفسه امتلاك صواريخ باليستية قابلة للاستخدام مع رأس نووي. لا يزال يتعين عليك معرفة كيفية تركيب سلاح نووي على الصواريخ والتأكد من بقاء السلاح النووي (شديد الحساسية) لفترة كافية للوصول إلى الهدف والانفجار. لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى أحرزت إيران تقدما في تسليح صواريخها.
قال مارك فيتزباتريك، زميل مشارك في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية ونائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لشؤون حظر الانتشار: “تصميم الصاروخ لم يكن الجزء الصعب، موائمة تصميم لأسلحة ليس بالمهمة السهلة. ليس معروفا ما إذا كانت إيران قد حصلت على التكنولوجيا من الكوريين الشماليين”.
أشار تقرير داخلي للوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 2009 إلى أن إيران لم تتغلب على العقبات التقنية الحاسمة. وجاء في الوثيقة الداخلية: “بشكل عام، لا تعتقد الوكالة أن إيران قد حققت حتى الآن [اعتبارا من عام 2003] وسائل دمج حمولة نووية في صاروخ شهاب 3 مع أي ثقة في أنها ستنجح”. ومع ذلك، مع بذل مزيد من الجهود، من المرجح أن تتغلب إيران على المشاكل.
وقال فيتزباتريك: “يجب أن يكون هناك شعور بالإلحاح، ولكن إذا لم يتم إبرام صفقة بحلول منتصف شباط/ فبراير، فلن أستنتج أنه يتعين عليك الذهاب إلى الخيار ب، أو العمل العسكري.. ربما لا يزال هناك وقت للدبلوماسية”.
عربي 21
اقرأ ايضاً:أمين اللجنة المركزية لـ “فتح”: لم نشارك في تدمير سوريا ودمشق أعطت حماس ما لم تعطه لأحد