فتاة سورية تواجه سرقة نفط بلادها عبر الـ”توك توك”… شاهد
يجاهد الشباب السوري في استنباط الحلول التي تساعدهم في التخفيف من حدة أزماتهم المعيشية التي أثقلها الحصار الاقتصادي الأمريكي المفروض على وطنهم.
وجدت الشابة دعاء الإبراهيم، في الـ”توك توك” ذو العجلات الثلاث، حلا لمشكلتها الشخصية مع فرصة العمل، وتعويضا أكثر تناسبية لطلاب الجامعات يقيهم من الغلاء الكبير لكلفة وسائل التنقل في دير الزور، كما هي حالهم في باقي المحافظات السورية، وكل ذلك من باب تقليص الاعتماد على المشتقات النفطية التي أصبحت عبئا ثقيلا على الاقتصاد السوري عموما، وخدمات النقل العامة بوجه خاص.
في مشروعها الذي حقق نجاحا كبيرا بسرعة قياسية، تحاول دعاء تقديم حصتها من الجهد الجماعي لأهالي محافظتها التي عانت آثارا عميقة من التدمير الممنهج الذي مارسته التنظيمات المسلحة التي تعاقبت في ممارسة إرهابها على هذه المدينة الغافية على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وآخرها تنظيم “داعش”.
تقول المهندسة دعاء، التي أطلقت على مشروعها اسم (وصلني)، لمراسل “سبوتنيك” في دير الزور: “عملت وبالتعاون مع مركز تمكين الشباب في محافظة دير الزور على شراء اثنين من ماكينات (توك توك)، كمشروع استثماري يرتكز على تأمين وسيلة نقل تكون مناسبة لكافة الشرائح الاجتماعية في المدينة”.
ترى دعاء عوامل نجاح عدة في مشروعها، أولها تجنبه الاعتماد على المشتقات النفطية التي تواظب الولايات المتحدة الأمريكية على جعلها أزمة اقتصادية واجتماعية مستديمة، من خلال قيام جيشها بالسهر على نهب وتصدير حقول النفط والغاز التي تشكل 95% من مجمل الإنتاج السوري من جهة، ومن ثم عرقلة كل الجهود التي تبذلها الدولة السورية وحلفائها لتوريد النفط إلى مصافيها، من الجهة الأخرى.
تقول المهندسة الشابة: “الشريحة الأكبر التي تستفيد من وسيلة النقل الجديدة هذه، هم الشباب والطلاب الذين يعانون صعوبة بالغة في الوصول إلى جامعاتهم”. مشيرة إلى أنها “تتقاضى 500 ليرة سورية للراكب الواحد، وهو سعر رمزي بالنسبة للطلاب للوصول إلى كلياتهم مقارنة بأي وسيلة نقل أخرى”.
وتضيف: “سيكون هناك دراسة للسعر حسب قبول الزبائن خلال الفترة القادمة، بعد أخذ التراخيص والموافقات من مجلس المدينة”، تقول دعاء إن “هناك إقبالا على المشروع حتى من قبل السكان.. وفي حال نجحنا، فسأقوم بتوسيعه له عبر جلب المزيد من التوك توك لتكون في خدمة اكبر عدد ممكن من المواطنين”.
وتتابع الإبراهيم: “هذه الآلية (التوك توك) تعمل على الطاقة الكهربائية، ونعكف حاليا على تركيب ألواح طاقة شمسية لكل ماكينة لتسهيل عملية شحنها ولتوفير الطاقة الكهربائية في ظل أزمة الكهرباء التي تعاني منها البلاد”.
لاقت وسيلة النقل ذات العجلات الثلاثة استحسان الكثيرين من سكان المدينة، يقول الشاب محمد العمر، من أبناء حي الجبيلة في دير الزور: “التوك توك وسيلة سهلة، إضافة إلى أنها أوفر من التكسي بالنسبة لذوي الدخل المحدود والموظفين والطلاب، ونأمل أن تكون متوفرة خلال الفترة القادمة بشكل أكبر لخدمة المواطنين وحل مشكلة التنقل بالنسبة لهم سيما طلاب الجامعات”.
لا يشعر أصحاب سيارات الأجرة بالغيرة من مشروع دعاء، إذ يساورهم الاعتقاد بأن هذه الخدمة جاءت لتلبي حاجة من لم يكونوا من زبائنهم أصلا.
يقول علي الحلبي، وهو سائق تكسي أجرة من أبناء حي الجورة: “التوك توك كوسيلة نقل جيدة توفر الوقود على الحكومة، وتخفف من معاناة الطلاب والموظفين من النقل العام، فهي أقل تكلفة من أجرة التكسي وستكون وسيلة نقل الأكثر شعبية في الفترة القادمة لسهولة التنقل فيها وتعرفتها المخففة عن وسائل النقل الأخرى التي تعمل على الوقود”.
يضيف الحلبي: “أنا بدأت بالتفكير جديا لاقتناء واحدة (ماكينة توك توك)، والعمل عليها”.
كغيره من الأشياء الجديدة التي تحتاج إلى بعض الوقت لتصبح روتينا من حياة الناس، يحتفظ “التوك توك” بعوامل نجاح خاصة في دير الزور، إلا أنه كما غيره قد يتحول قريبا إلى حاجة لا يستطيع الناس الاستغناء عنها، فهل ستكون هذه المدينة الفراتية نقطة البداية لدخول التوك توك إلى سوق العمل والتخفيف من أزمة المحروقات التي تعاني منها البلاد.
سبوتنك