في مدينة يعتبر فيها الثلج صديقا لصيقا ومشهدا شتائيا حالماً في فيلم سينما، لا يمكن لسكانها أن يجدوا متعة توازي سماع هسيس الثلج على الثلج، لذلك توجب على نحو مئة شاب أن يحزموا حقائبهم من قلب دمشق ويتوجهوا نحو مدينة بلودان على بعد 50 كم شمال غرب العاصمة السورية.
في “بلودان” يكون للشتاء طعم آخر، فكل شيء يتلحف بالثلوج خلال فصل الشتاء، فيما تعزف الريح، والخشب يطقطق من مدافئ البيوت العتيقة وينشر رائحة مألوفة بالفطرة.
لا مكان هنا للسكون، فلطالما كسرته أصوات السياح الذين وجدوا في هذه المدينة الساحرة ملجأ لهم بعد أيام طويلة من ضغوطات الحياة المضنية، وهذا ما تسعى الجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق “أنا السوري” لتكريسه: “تفعيل السياحة الداخلية في سوريا بشكل أوسع”.
خالد نويلاتي قائد العمليات الميدانية للجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق بين في حديثه لـ “سبوتنيك” أن الجمعية اليوم بنشاط حر مع ما يقارب المئة شخص ما بين متطوعين معظمهم طلاب جامعيون والكادر التنظيمي، وهذا اليوم هو يوم حر للاستراحة بعد شهرين من الرحلات الاستكشافية المتعبة وعدة نشاطات منها مسير ثلجي إلى قمة شقيف العالية.
ويتابع نويلاتي: “لم نستطع الوصول للقمة الجبلية الأعلى بسبب صعوبة الطريق وكونه أصبح غير سالك بسبب تراكم الثلوج والجليد والصقيع إثر العواصف، لكن برغم ذلك سنحت لنا الفرصة لممارسة بعض الأنشطة الرياضية وأبرزها التزلج”.
وعن فعالية التزلج التي تعدّها الجمعية لتطلقها مطلع شهر شباط، يتحدث نويلاتي عن هذه الفعالية الضخمة بشكل خاص وعن رياضة التزلج بشكل عام فيقول: “في سوريا نفتقد هذه الرياضة برغم وجود أماكن مثالية للتزلج، لكننا اليوم نحاول تدريب الشباب لإطلاق الفعالية بشكل رسمي، وهذا المشروع سيستمر لاحقاً للسنوات القادمة وسيكبر مع الوقت وبإمكاننا هذا العام تحديد مضمار السباق وهي منطقة بلودان بالدرجة الأولى، وهذه البلدة اليوم تحاول التعافي والخروج من تأثيرات الحرب والدمار الذي طالها برغم الجهود الهامة لنهوض السياحة فيها، ونحن كمجتمع أهلي لدينا دور بتنشيط السياحة فيها ونحن نبذل كل جهدنا للوصول لهدفنا”.
المشاركون في هذه الفعالية تباينوا ما بين من يتواجد مع الجمعية السورية للاستكشاف للمرة الأولى، ومن اعتاد على مواكبة نشاطات الجمعية باستمرار، حيث تقول منار خطاب، متطوعة في الجمعية، إنها دائماً تتواجد مع رحلات الجمعية فهي تخفف ضغط الجامعة والعمل، وتفضل التواجد في فعالية التزلج في مدينة بلودان لأنها هنا يمكنها أن تكون أقوى وأشجع وتكتسب طاقة إيجابية.
فيما أشارت شام الحلواني، مشاركة، أنها لأول مرة أتواجد بفعاليات مشابهة وهي اليوم ترغب بممارسة رياضة التزلج مع مجموعة مميزة من الشباب في جو مفعم بالألفة والحيوية.
من جانب آخر، بين المصور الفوتوغرافي، محمد ذو الغنى، أنه يتواجد اليوم في هذه الفعالية ليس ليستمتع بوقته فقط، بل ليلتقط صوراً فريدة من نوعها ويرصد أماكن جديدة مظهراً جمال سوريا لكل العالم.
يجتمع عشرات الشبان السوريين اليوم في أحد أبرز الأماكن السياحية الشتوية في بلادهم، ليثبتوا أن الحياة لا زالت تليق بهم وأنهم لا يكرهون الشتاء لأنه ضعيف مع من أقوى منه.
سبوتنيك
اقرأ أيضا: سوريا.. بدء عملية تسوية أوضاع سوريين ليوم واحد في درعا