بدأت الجهات العامة والوزارات بإظهار نتائج أعمالها عن العام الماضي ونسب تنفيذ المشاريع و الإيرادات السنوية. وبالطبع الكثير من الجهات تُظهر الإيرادات وتتغاضى عن ذكر الأرباح، لأن نفقاتها كبيرة وتعادل نسبة كبيرة من الإيرادات وأحيانا تساويها. ولو تم طرح النفقات من الإيرادات، لظهرت النتائج المخزية لكثير من الجهات العامة، رغم ارتفاع ومضاعفة أسعار منتجاتها وخدماتها.
حقيقةً، في كثير من الاقتصادات الكبيرة يتم تخصيص اعتمادات الوزارات وجهاتها العامة وفقا لأرباحها، ويستثنى من ذلك بعض الوزارات مثل الصحة والتربية والتعليم. وما عدا ذلك، يتم تطبيق معادلة كلما زادت أرباح الوزارات والجهات التابعة لها كلما تم زيادة حصتها من اعتمادات الموازنة، لأنها تُورد أرباحاً أعلى. ومن يطَلع على توزيع اعتمادات الموازنة العامة لدينا يصاب بالدهشة، لأن المعايير مقلوبة لدينا. وبالنسبة للوزارات المستنزفة للخزينة اعتماداتها أعلى، والوزارات الموردة للخزينة اعتماداتها أقل وبشكل لافت.
والغريب في الأمر ان الوزارات ذات الخطوة الأعلى من اعتمادات الموازنة تغيب عن أعمالها السياسات التصحيحية لأداء الجهات التابعة لها، وتتردى الخدمات التي تقدمها في مشهد مستفز للمواطن .
توزيع حصص الجهات العامة
اعتبارات توزيع حصص الجهات العامة من الموازنة تحضر بكثير منها، وعلى ما يبدو الاعتبارات الشخصية والمردود الشخصي اساسها. حيث يغيب عنها التخطيط وفق سياسات اقتصادية واجتماعية ممنهجة، ووفق برامج زمنية تخدم أهدافا معينة. الحظ يدخل في لعبة توزيع الموارد كما في دعم القطاعات المنتجة والمنتجين.
من جهة أخرى رغم سنين الحرب الطويلة و ما كشفته هذه السنين من أننا بلد زراعي بامتياز بمؤشرات التصدير. ما زال القطاع الزراعي يحصل على النصيب الأقل من الدعم، كماحصل التجار و الصناعيون على كل المحفزات الداخلية والخارجية، دون أن يلمس المواطن والخزينة اي انعكاس لكل أشكال الدعم المقدمة للصناعيين. ويظهر ذلك بأسعار المنتجات في الأسواق عند مقارنتها بأسعار المنتجات المستوردة، مع فارق جودة للمُنتج المستورد.
منذ سنوات طويلة، لم تستطع الحكومات المتعاقبة الدفع بالقطاع الصناعي للامام، ولم تنجح الحكومات المتعاقبة بحل مشكلة الكهرباء منذ سنوات. بالاضافة الى أنه مايزال تقديم الدعم لنفس القطاعات المُستنزفه لكل الموارد دون أن تتحسن خدماتها ووضعها. ومنذ سنوات طويلة يتم دعم الشركات الإنشائية دون أن تستطيع إلاعتماد على نفسها، بل على العكس. فهي تأخذ جبهات عمل كبيرة مُستفيدة من بعض المزايا ثم يتم إعطاءها المتعهدين ثانويين على حساب جودة التنفيذ. لأن ما سيأخذه المتعهد الثانوي سيكون على حساب الجودة، وإضافة لذلك تتأخر بالتنفيذ.
معايير دعم القطاعات و تخصيصها بالاعتمادات يكون على أساس الأرباح، ونسبة الصادرات والإنتاج، والقيمة المضافة، ونوعية الخدمات. وهي تتغير وفقا لتغير أداء القطاعات، وتكون معيارا لتقييم الأداء، فلا يعقل أن نستمر في نفس السياسات في كل الظروف كمن يصف نفس الدواء لكل الأمراض. كما أن الحكومة توجهت اليوم لإعادة النظر بتوزيع الدعم على المواطنين، وعليها أن تسير في نفس التوجه للتعاطي مع القطاعات الأخرى.
سنسيريا – معد عيسى
اقرأ ايضا: شهقة حكومية