الجمعة , نوفمبر 22 2024

البلاد تخسر أطباءها.. سورية تتربع على قائمة أكبر مصدّر للشهادات الطبية

البلاد تخسر أطباءها.. سورية تتربع على قائمة أكبر مصدّر للشهادات الطبية

طالب أطباء وكوادر طبية برفع تعويضات جميع العاملين منهم في المشافي الحكومية وفي الاختصاصات المختلفة بنسبة ١٠٠ بالمئة، من أجل وقف النزيف البادي في صفوفهم بسبب هجرتهم إلى الخارج والتي تفاقمت في الآونة الأخيرة.

وكشف نقيب التمريض والمهن الطبية والصحية بفرع حلب خليفة كسارة أن سورية تتربع راهناً على رأس قائمة أكبر بلد مصدر للشهادات الطبية «فعلى سبيل المثال، ومنذ بداية العام الجاري وحتى الـ٢٠ من الشهر الحالي، انتسب لدى نقابتنا ٦٠ خريجاً من اختصاصات التمريض والأشعة والتعويضات السنية والتخدير والمعالجة الفيزيائية والتغذية وغيرهم، وكلهم من دون استثناء طلبوا وثيقة حسن سيرة وسلوك لكونها مطلوبة منهم في الدول التي سيهاجرون إليها في اليوم التالي، ما يعني أن جميع الزملاء على طريق الهجرة، وهو نزيف مؤسف ومخيف معاً للكوادر الطبية التي تحتاج إليها البلاد في نهضتها».

رئيس مجلس إدارة جمعية المشافي الخاصة بحلب الدكتور عرفان جعلوك، بين أن المؤسسات الطبية العراقية تدفع للممرض أو الممرضة السورية بين ٦٠٠ إلى ١٠٠٠ دولار «حيث تستقطب بغداد والناصرية والبصرة أعداداً لا بأس بها منهم في الأشهر الأخيرة، وسبقهم بفترة الفنيون مثل مساعدي الأشعة ومساعدي التخدير والعناية المشددة وفنيي المخبر وطفل الأنبوب والتمريض التخصصي كممرضات العمليات والعناية المشددة والحواضن، وهم على مستوى عال من التدريب وتحتاج لهم المشافي السورية، بالإضافة إلى القابلات التي تصل رواتبهم إلى ٨٠٠ و١٠٠٠ دولار وحتى ١٥٠٠ دولار شهرياً لذوي الخبرة، ما سيؤدي إلى نقص في الكوادر الفنية وان لم يكن بشكل ملحوظ راهناً وخصوصاً في التمريض لأن بعض المحافظات لديها فائض في التمريض كما في الساحل».

وأشار جعلوك إلى أن ليبيا دخلت أيضاً على خط استجرار عمالة التمريض والكوادر الفنية في الآونة الأخيرة «إضافة إلى دول الخليج التي تشترط تعديل الشهادات للممرضين وتحتاج دوله إلى إتقان الإنكليزية بخلاف العراق وليبيا اللتين تعترفان بالشهادة السورية».

وحول نزيف الأطباء أشار إلى أن جديده استنزاف أطباء التوليد أخيراً «وخصوصاً من الخريجين الجدد، إذ برزت الصومال كأهم الدول الجاذبة لهؤلاء إلى جانب ليبيا واليمن والعراق، حيث تجتذب أي شهادة طبية سورية برواتب تتراوح بين ٢٠٠٠ إلى ٣٠٠٠ دولار شهرياً، أما الاختصاصات النادرة مثل جراحي الصدرية وجراحي العظمية بمستويات معينة كجراحات العمود الفقري فرواتبها مفتوحة وتتراوح بين ١٠٠٠٠ إلى ٣٠٠٠٠ دولار، ناهيك أن العراق استقطب أخيراً أعداداً لا بأس بها من اختصاصيي طفل الأنبوب».

وأشار إلى أن الهجرة إلى أوروبا هي هجرة دائمة أما الهجرة إلى الدول العربية فهي مؤقتة من دون اصطحاب العائلة «حيث يذهب الطبيب والكوادر الطبية إليها بالتناوب لثلاثة أشهر مثلاً مقابل قضاء شهر في سورية، وبخاصة الشباب منهم الذين يقيمون في المشافي مجاناً لتوفير مصاريف المبيت والإطعام، كما يحدث في العراق»، مشيراً إلى أنه في حال استقرار أوضاع الدول العربية الجاذبة أمنياً بشكل أفضل مما هي عليه الآن، كما في ليبيا والعراق والصومال واليمن «فستتحول الهجرة من مؤقتة ومتقطعة إلى دائمة مع لحظ أن بعضهم يتزوج من جنسيات هذه البلدان»!.

وقدر عدد الأطباء السوريين في الصومال بـ٣٠٠ طبيب مقابل حوالي ١٠٠٠ طبيب في العراق «وهو رقم غير قليل، وإن كان غير مؤثر على العمل الطبي في بعض الاختصاصات داخل سورية لكنه فعال ومؤسف في اختصاصات جراحة الأوعية والصدرية والعصبية والأمراض الرئوية، مع الأخذ بالحسبان أن حلب مثلاً لا تضم سوى ٣ جراحي صدرية ومثلهم لجراحة الأوعية، وهو عدد قليل في مدينة مثل حلب»، ولفت إلى أن الدول الأوربية استقطبت عدداً من جراحي الأطفال الذين عددهم قليل بالأساس في سورية.

وأبدى قلقه من نزيف الأطباء والكوادر الطبية على المدى المتوسط، وعدّه مخيفاً «كما هو الحال في اختصاص التخدير الذي يعاني من ضعف الإقبال على الاختصاص في مجاله لأن الدولة عاجزة عن تقديم فرص عمل جيدة للمخدرين في المستقبل، إذ يظل المخدر تحت رحمة الجراح، عدا عن ضعف رواتبهم في القطاع الحكومي على الرغم من تحملهم للمسؤولية وتعرضهم للخطر بفعل أجواء غرف العمليات والظروف الصعبة في العمل وللمساءلة في الأخطاء الطبية».

وعن الحلول الواجب تنفيذها، بين رئيس مجلس إدارة جمعية المشافي الخاصة بحلب أنه على الحكومة «رفع تعويضات الأطباء والكوادر الطبية للعاملين في المشافي الحكومية بشكل مجز، ورفع طبيعة العمل لتصل إلى ١٠٠ بالمئة للجميع، فهم يتعرضون للمخاطر وليسوا موظفين بأعمال إدارية وراء الطاولات في دوائر حكومية».

واقترح ردم الفجوة في رواتب الأطباء من ذوي الخدمة الطويلة مقارنة بزملائهم الجدد الذين يحصلون على ترفيعات ترفع من قيمة رواتبهم عن القدامى. ودعا إلى «إلغاء سقف الأجور والراتب التقاعدي للإفادة من خبرة الذين سقّفت رواتبهم منذ سنوات وما زالوا على رأس عملهم، وخصوصاً مع النزيف البادي في أعداد الخريجين الجدد، بالإضافة إلى منح حوافز مادية مرتبطة بحجم العمل عن كل عملية جراحية ومنح تعويض مناوبة للمقيم والاختصاصي في المشافي لمنع التسيب في الدوام، كما هو متبع في معظم دول العالم للترغيب على المناوبة، مع رفع تعويض المناوبة للمقيمين في الاختصاصات النوعية لتشجيعهم على الإقامة وسد النقص الحاصل في اختصاصاتهم، مثل منح تعويض مضاعف لمقيمي التخدير، حيث لا تحوي مشافي التعليم العالي ومشافي الصحة بحلب حالياً أي مقيم في اختصاص التخدير».

وللتدليل على حجم المعاناة في الحقل الطبي جراء الهجرة، أوضح أحد أطباء النسائية من العاملين في مشفى حكومي بحلب أن معظم طبيبات التوليد ممن يحصلن على البورد السوري يؤثرن الهجرة خارج البلاد على التعاقد مع مشافي التوليد الحكومية «على الرغم من النقص الكبير الحاصل في عدد اختصاصيي التوليد في هذه المشافي، والذي يقدر بأكثر من نصف العدد مقارنة بالفترة التي سبقت الحرب على الرغم من تخريج أعداد كبيرة منهم سواء من وزارة التعليم العالي أم وزارة الصحة».
الوطن