يُعتبر جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) في إسرائيل أسطورةً بالنسبة للصهاينة، الذي يؤكّدون بمناسبة أوْ بغيرها، على أنّ قدراته وأساليبه لا توجد في أيّ جهاز استخبارات آخر في العالم، ولذا فإنّ العاصِفة التي تجتاح جهاز (الموساد) في هذه الأيّام، باتت تُشغِل الرأي العام في كيان الاحتلال، حيثُ كشفت القناة الـ13 في التلفزيون العبريّ، ليلة أمس الأحد عن خلافاتٍ حادّةٍ واستقالاتٍ داخل القيادة الرفيعة في الجهاز.
وفي تقريها الحصريّ، الذي اعتمد على مصادر سياسيّةٍ وأمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، أكّدت القناة الـ13 أنّ قائد وحدة قيسارية بالموساد استقال من منصبه بعد اشتداد الخلاف مع رئيس الموساد دافيد بارنيع. ووحدة قيسارية هي المسؤولة عن العمليات الخاصّة في جهاز الموساد.
وبحسب المصادر عينها، أضاف التلفزيون الإسرائيليّ، فإنّ الاستقالة جاءت بعد عقد لقاءٍ متوتّرٍ للغاية بين برنيع وقائد وحدة قيسارية، الذي تمنع الرقابة العسكريّة نشر اسمه، وحدوث مشادة كلامية بينهما.
وأشارت القناة إلى أنه خلال اللقاء قال رئيس الموساد لقائد الوحدة إنه وباقي كبار المسؤولين أصبحوا عبئًا على الموساد.
ووفقا للتقرير، سعى برنياع إلى إدخال تغييراتٍ شاملةٍ في طريقة عمل الوحدة “بسبب الصعوبات في تشغيل العملاء الإسرائيليين حول العالم”، مُشيرةً في ذات الوقت إلى أنّ قائد وحدة “قيسارية” امتنع عن تنفيذ التغييرات التي طالب بها رئيس الموساد “على النحو المطلوب”، الأمر الذي دفع برنياع إلى مطالبته بالاستقالة.
وشدّدّ التلفزيون العبريّ على أنّ قائد وحدة المُهّمات الخاصّة، المُلقّب بحرف (ب) فقط، هو رابع مسؤول رفيع المستوى تتّم إقالته من جهاز الموساد منذ أنْ تولى برنياع منصبه قبل حوالي سبعة أشهر، إذ سبقه: رئيس قسم التكنولوجيا، ورئيس قسم “مكافحة الإرهاب”، ورئيس قسم “تسوميت” المسؤول عن تشغيل العملاء.
جديرٌ بالذكر أنّ جهاز الاستخبارات الخارجيّة (الموساد) الإسرائيليّ هو بقرةً مُقدّسةً، ومقّص الرقيب يعمل على مدار الساعة لمنع نشر معلوماتٍ قد تضُّر بالأمن القوميّ، كما تمنع الرقابة نشر عدد النساء اللواتي يعملن في هذا الجهاز، علمًا أنّ اثنتين منهم وصلتا تقريبًا إلى رأس الهرم: أليزا ماغين-هليفي، تبوأت منصب نائبة رئيس الموساد، لتُسجِّل سابِقةً لكونها امرأةً، فيما تبوأت سيما شاين، منصب رئيسة وحدة الأبحاث في الجهاز، وخرجت للتقاعد وتعمل اليوم باحثةً في مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ.
من ناحيته أكّد تامير باردو، قائد الموساد الأسبق، الذي وصف الجهاز بأنّه عصابة قتل مُنظّمٍ، أكّد في مقابلةٍ مع القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، أنّ النساء عميلات استثنائيات، مشيدًا بقدراتهن وقمعهن للذات من أجل تحقيق الأهداف، موضحًا أنّ قدرات النساء تعلو على قدرات الرجال في فهم الإقليم وقراءة المواقف والوعي المكانيّ، على حدّ تعبيره.
وبحسب مصادر رفيعةٍ في الكيان، يُعتبَر جهاز “الموساد” عرّاب العلاقات مع قادة عرب ورأس حربة التطبيع، والهدف من تطوّر هذه العلاقات والتدرج بتظهيرها للعلن هو الدفع باتجّاه التعامل مع إسرائيل كدولةٍ طبيعيّةٍ.
يُشار إلى أنّ الوزيرة السابقة تسيبي ليفني، كانت من أشهر عملاء الموساد، وعملت لصالحه في أوروبا، وبين الأعوام 1980-1984 لاحقت مع رفاقها قادة منظمة التحرير في معظم دول القارّة العجوز، وكانت تقارير خاصّة ربطت اسم ليفني بالعمل كجاسوسة من الدرجة الأولى في فرنسا أوائل الثمانينات، إذْ توزّع عملها ما بين جمع معلومات عن نشطاء عرب في أوروبا إلى العمل كمدبرةٍ منزليّةٍ في باريس.
وخلال تلك الفترة نشط عملاء الموساد لإحباط مخططات العراق لبناء مفاعل نوويٍّ، ففي حزيران (يونيو) من العام 1980 وُجِد عالم نوويّ يعمل بالبرنامج النوويّ العراقيّ مقتولاً في غرفته بالفندق وتمّ تحميل الموساد المسؤوليّة، ووُجِهَت أصابع الاتهام للوزيرة الخارجيّة السابِقة، ليفني، التي تُجيد اللغة الفرنسيّة بطلاقةٍ، إلّا أنّ المتحدث باسمها رفض التطرّق إلى قضية تورطها في العملية المذكورة، واكتفى بالقول إنّها لا تُفصِح عن المُهّمات التي قامت فيها خلال خدمتها في الموساد، على حدّ تعبيره.
“رأي اليوم”- من زهير أندراوس
اقرأ أيضا: «ناشيونال إنترست»: كيف «يصطاد» الروس الطائرات المسيَّرة الأمريكية؟