فك العزلة السياسية عن سوريا مجرّد وقت.. فماذا عن الواقع الاقتصادي؟
تبقى مسألة عودة سوريا إلى المجتمع العربي وفك عزلتها السياسية مادة دائمة للبحث والنقاش والتحليل، في الوقت الذي لا تزال تُعقد فيه المزيد من المحادثات والزيارات المُعلنة وغير المعلنة، والتي تُنذر بتحوّل مفاجئ قد نشهده قريباً، الأمر الذي أكده وزير الخارجية السوري فيصل المقداد مؤخراً، عندما قال: “ثقوا أن سوريا في قلب العمل العربي المشترك”.
وحول هذه المحادثات نشر موقع قناة “الحرة” الأمريكية مقالاً للكاتب هشام ملحم، أكد خلاله أن هذا عودة دمشق إلى المجتمع العربي مجرد وقت، جاء فيه:
“الاجتماعات العديدة بين مسؤولين بارزين من عمان والبحرين والإمارات ومصر والأردن ولبنان والسعودية والعراق مع مسؤولين سوريين من بينهم بشار الأسد في دمشق وخارجها، جعلت مسألة إعادة سوريا إلى “الحظيرة” العربية رسمياً مجرد وقت فقط”، ونوّه الكاتب إلى الموقف الأمريكي من هذا التقارب العربي بالحديث عن صفقة خط الغاز العربي وموافقة الولايات المتحدة عليها حيث قال: “الولايات المتحدة تقول إنها لن تخفف من عقوباتها ضد الدولة السورية، وأنها لن تساهم بإعادة إعمار سوريا دون وجود مفاوضات تؤدي إلى حل سياسي، ولكن موقفها العملي من صفقة الطاقة للبنان، وعدم معارضتها الجدية لعملية التطبيع الاقتصادي والسياسي التي يقوم بها حلفائها وأصدقائها مع الدولة السورية، تعني عملياً أن واشنطن تساهم بغض النظر عما تقوله علناً، في تعزيز الانطباع السائد بأن الحكومة السورية باقية”.
وتشير صحيفة “الأخبار” في مقال لها إلى أن بعد المتغيرات السياسية والعسكرية التي شهدتها سوريا مؤخراً، إلى أن الجامعة العربية الآن في موقف محرج، مشيرة إلى أن الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيظ عبّر بوضوح عن ذلك الحرج، عقب لقائه ملك الأردن عبد الله الثاني قبل أيام، وقوله: “كانت هناك تصرّفات كثيرة غير موفّقة من قِبَل بعض الدول العربية، وأحياناً رؤى مضطربة أدّت إلى هذا الوضع… وكانت هناك إحالات إلى مجلس الأمن وإلى الأمم المتحدة بشكل لا ينبغي أن يكون، ولن أزيد على ذلك”، وحول مواقف الدول الرافضة للانفتاح على دمشق ولعودة سوريا إلى الجامعة العربية، أفادت الأخبار بـ: “تدور في الكواليس السياسية محادثات عديدة لوضع أرضيّة لحلّ القضايا الخلافية بين دمشق والرياض، التي ترمي الكُرة في الملعب السوري، وتطالب الأولى بخطوات في ملفّات عدّة، أبرزها الوجود الإيراني، ووجود حزب الله، بينما تدعو سوريا إلى وضْع أسس لمنهجية العلاقات السياسية، وإجراء حوارات عقلانية مبنيّة على مصالح الشعوب، الأمر الذي شدّد عليه خصوصاً الرئيس بشار الأسد، خلال استقباله قبل أيام وزير خارجية عُمان بدر بن حمد البوسعيدي، حيث اعتبر أن التعامل مع المتغيّرات في الواقع العربي يتطلّب تغيير المقاربة السياسية، والتفكير انطلاقاً من مصالحنا وموقعنا على الساحة الدولية” منوهة إلى أن “الوصول إلى توافق سوري – سعودي، سيعني، في ظلّ الانفتاح السوري على الإمارات ورغبة الجزائر ومصر والعراق والأردن بعودة سوريا إلى مقعدها، إمكانية إيجاد صيغة لتجاوُز الموقف القطري، المتسلّح، من جهة، بالموقف الأميركي الرافض للانفتاح العربي على دمشق، ومن جهة أخرى بالسياسة التي يتبنّاها الرئيس الأمريكي جو بايدن”.
وفي سياق الحديث عن الانفتاح السياسي على دمشق، نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني مقالاً أشار خلاله إلى مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، مؤكداً أن إقدام الصين على ضم سوريا إليها هي خطوة سياسية أكثر من أنها اقتصادية، حيث جاء فيه: “يبدو أن هذه الدعوة للانضمام إلى مبادرة “الحزام والطريق” هي في المقام الأول خطوة سياسية وليست اقتصادية” لافتاً إلى 3 رسائل تريد الصين إيصالها: “الأولى: سيؤدي ضم سوريا إلى المبادرة الصينية، إلى تسليط الضوء على مدى عدم كفاءة الولايات المتحدة وحلفائها في عزل دمشق بعد الحرب، مما يعزز الشعور بتراجع الولايات المتحدة كقوة عالمية مهيمنة، الثانية: موجهة إلى حلفاء الدولة السورية (روسيا وإيران) الذين يريدون كسر عزلة سوريا، وتعد هذه طريقة سهلة نسبياً بالنسبة لبكين لكي تبدي حسن النية لكليهما، خاصة لإيران التي تعد شريكاً مهماً في مبادرة الحزام والطريق، والثالثة: موجهة لقوى في الشرق الأوسط الأخرى، مثل “إسرائيل” والدول الخليجية، حيث يشير انضمام دولة شرق أوسطية أخرى إلى “مبادرة الحزام والطريق” إلى تعمق دور الصين وحاجة القوى الإقليمية لتعزيز تعاونها مع بكين، مما سيزعج بايدن بالطبع”.
أمام مجمل التحركات السياسية يتبادر في أذهان السوريين أسئلة واستفسارات عديدة حول مصير وضعهم الاقتصادي، لكن يشير محللون إلى أن إحداث تغييرات اقتصادية ملموسة لدى السوريين لا بد لأن يكون مستنداً على أرضية سياسية قوية لتحميه وتضمن له استمرارية وأمان، استناداً على فكرة أن المجتمعان تحتكم لمعادلات سياسية محددة.
أثر برس