الأربعاء , نوفمبر 27 2024
فوق أنقاض الحرب... دمشق وحلب تكتسيان الأحمر احتفالا بعيد الحب

فوق أنقاض الحرب… دمشق وحلب تكتسيان الأحمر احتفالا بعيد الحب

هناك، في إحدى الأزقّة الدمشقيّة الضيّقة، يقف عاشقان ليتبادلا همسات الحب ونظراته، والكثير من آمال مستقبلهما الوردي معاً، بضحكات خجولة ونظرات شغوفة بالحب، فيمرّ بهما طفل يحمل باقات من الورود الحمراء، مردّداً: “اشتري لها وردة.. ستحبّك أكثر.. صدّقني”، فيشتري العاشق وردة حبّ لمعشوقته، كتعويذة للبقاء في قلبها.

مشهد قد يتبدى سوريالياً في مدينةٍ سورية شهدت تهديدا وجوديا خلال أعوام طويلة، فكيف لمدينةٍ مليئة بندوب القذائف وآلام العشاق والأمهات أن تجمع الحبّ والحرب معاً، بل كيف لها أن تتجاوز الألم وتنتصر على حقد الموت الزاحف من الصحاري قابضة على حبها.. الحب فقط.

دقائق قليلة تمشيها اليوم في هذه الشوارع المجبولة بالحب، ستخرج منها مليئاً بالأسئلة، حيث تكتسي المدن ثوبها الأحمر ويحذو العشاق حذوها مرتدين الأحمر أيضاً، والبوالين وقوالب الكاتو وأكواب العصير أيضاً، ولو كان بإمكان السماء أن تتآمر مع هؤلاء العشاق لصبغت نفسها بالأحمر أيضاً احتفالاً بهم، في عيد الحب الذي يصادف 14 شباط من كل عام.

الحب في دمشق

“أحببت سوريا لأجلها” يقول عمر رواد عبيد (عراقي الجنسية) في حديث لـ “سبوتنيك”.. هذا الشاب الذي أحبّ فتاة من دمشق، متابعاً: “أحبها هواي، ولا أستطيع أن أبتعد عنها فلا يوجد هناك أفضل من الحب والصدق والأمان، لقد شعرت بتغيّر كبير.. وهديتي لها في يوم العشاق ستكون طوقاً من الذهب”.

أما الطالبة في كلية الإعلام، جوليانا كويفاتي، فترى أنه من اللطيف أن يتبادل شخصان الهدايا في هذا اليوم، وخاصة إذا كان هذا الحب حقيقي بالفعل. متابعة: ” كما ويجب ألا يكون الحب في يوم واحد فقط بل جميل أن يكون في كل الأيام”، مشيرة إلى أنها لم تقم بأي طقس في هذا اليوم كونها عازبة، ولكن أصدقائها العشاق جهزوا لهذا العيد بحماس كبير.

المستثمر خالد عبد النبي في سوق الحميدية، أشار إلى الإقبال الكبير على الشراء في عيد الحب الذي يعتبر موسماً في الأسواق، لافتاً إلى وجود الكثير من العروض والتنزيلات على الملابس في هذا اليوم.

أما عن طقوسه في عيد الحب، يقول عبد النبي: “أنا متزوج الآن ولم أعد أحتفل بهذا اليوم، على عكس أيام الخطوبة”.

عماد زريق الذي يعمل في إحدى شركات بيع الهدايا، يشير إلى التجهيزات لهذا العيد، والإقبال الكبير إذ يشتري الزبون دبدوب أحمر مع علبة عطر لتقديمها كهدية في عيد الحب، معتبراً أن هذا اليوم فرصة للفرح، حيث يخرج السوريون من ظروفهم السيئة والمحبطة.

حلب… عشّاق ولكن؟

ومن حلب يؤكد التاجر علاء السيد وجود ازدحامات في الأسواق ولكن مع حركة شراء خفيفة، لافتاً إلى اختلاف الأسعار عن العام الماضي حيث ارتفعت أكثر من ضعف.

وتابع السيد: “تنوعت الهدايا بين الدببة الحمراء والورود والهدايا المغلفة بالأحمر، ويعتبر هذا اليوم كبقية الأعياد من حيث زيادة الحركة الاقتصادية عن الأيام العادية.

أما المواطن محمد إسكندراني، يشتكي ارتفاع الأسعار إذ وصل سعر الوردة الحمراء الواحدة إلى ستة آلاف ليرة سورية، أما الدبدوب فيبدأ سعره من 20 ألف ليرة، هذا الأمر الذي لا يتناسب مع الوضع المعيشي، مضيفاً: فبدلاً من أن أفكر بشراء وردة أو دبدوب.. سأشتري طبخة”!

وأشار إلى أن هذا العيد لم يبقَ من الأولويات بالنسبة للسوريين، مبدياً رغبته بأن تعود الأسعار كما كانت عليه وأن يشتري هدايا لأفراد عائلته جميعهم، مضيفاً: “إذا اشتريت ساعة لابنتي بـ 15 ألف ليرة بهذا اليوم، ماذا ستستفيد؟ سترتديها أسبوع فقط، كلمة واحدة مني أفضل من الوردة والدبدوب، بل ستكون أغلى منهما”.

وأشار إلى كساد البضائع والهدايا في المتاجر، دون وجود حركة شراء، الأمر الذي يؤدي إلى خسارة البائعين.

فالنتين… عيد الحب

وتعود نشأة عيد الحب وتسميته إلى القديس “فالنتين” الذي أُعدم في روما خلال عهد الإمبراطور كلوديوس، حيث كان يتم الاحتفال بهذا العيد سابقاً للاحتفاء بالكاهن الشهيد، قبل أن يصبح هذا اليوم يوماً مكرساً للعشاق.

وتشير الروايات التاريخية إلى أن القديس فالنتين كان أسقفاً في إيطاليا، استطاع أن يشفي المرضى، ومن ضمنهم الابنة العمياء لحارس السجن، الذي سُجن به فلانتين بسبب اعتناقه المسيحية في عالم وثني.

كما يُشاع أيضاً أن فالنتين حكم عليه بالإعدام، لأنه تحدى أمر حظر الزواج الذي فرضه الإمبراطور كلوديوس الذي كان يواجه صعوبة في تجنيد عدد كافٍ من الجنود في جيشه، حيث اعتقد أن سبب ذلك هو أن الرجال كانوا مترددين في ترك زوجاتهم وعائلاتهم.

ولأن ذلك شكل خطراً على عمر إمبراطوريته التي أراد لها أن تكون عظيمة، قرر أن يجعل جميع شباب إمبراطوريته متاحين للقتال في أي وقت، لذلك منع كلاوديوس الزيجات والعلاقات العاطفية، وهو ما تحداه القديس فلانتين حيث استمر في أداء الزيجات إلى أن تم اعتقاله وضربه وقطع رأسه في 14 شباط عام 269م، ليصبح القديس فلانتين شهيداً بسبب دعمه الحب والزواج، وتصبح قصته هي قصة يوم الحب.

اقرأ أيضا: برسم وزارة التربية.. أبناء مدرّسين “مدللون”.. ميزات خاصة وتسريب أسئلة..!