السبت , نوفمبر 23 2024
البرد أعيا السوريين ولم يقتلهم

هو سبب كل علة.. “البرد” أعيا السوريين ولم يقتلهم!

“البردُ سببٌ لكلِ علة” لطالما شكلتْ هذه الثقافةُ جزءاً أساسياً من مفهومِ الشتاءِ في سورية، ولطالما حاربهُ السوريون بشتى وسائلِ التدفئةِ منذُ القِدمِ منَ الحطبِ إلى النفطِ فالكهرباءِ وصولاً للطاقةِ الشمسيةِ، لم تدعْ الحربُ في سورية وسيلةً لم تؤثر على تواجدِها بشكلٍ شبه كامل باستثناء ألواحِ الطاقةِ والتي انحسرتْ بطبقةٍ واحدةٍ بعد الحربِ؛ لتبقى الطبقةُ الأخرى تقارع البردَ ببقايا النفط وأقصافِ الشجر و”الكرتون” والنايلون وحتى الثيابِ أحياناً.

كان هذا الشتاءُ هو الأقسى على السوريين إذ لاحقهم على امتدادِ جغرافيةِ بلادهم، وأعدمَ وسائلِ التدفئةِ واخترقَ أجسادَهم، حيثُ انخفضتْ درجاتُ الحرارةِ في بعض الفترات من هذا العام إلى ما دون (-١٦).

البرد بريء

تداولتْ وسائلُ التواصلِ الاجتماعي عدةَ حالاتِ وفاةٍ لسوريين بسببِ البردِ، فيما نفتْ وزارةُ الصحةِ تسجيلَ أي حالةِ وفاةٍ هذا الشتاء، “المشهد” بحثتْ حولَ مصداقيةِ الحالاتِ المنشورةِ وحولَ تأثيرِ البرد على صحةِ الإنسان وعلاقتِهِ بالموتِ، فالتقتْ عدداً من الأطباءِ كالطبيبِ “زاهر حجو” وهو رئيس هيئة الطب الشرعي، الذي نفى بدورهِ تسجيلَ أي حالةِ وفاةٍ في سورية بسببِ البردِ؛ منوهاً أنه لايمكن للإنسانِ أنْ يموتَ من البردِ، وأضاف: علمياً من الممكن ذلك لكن في حالاتٍ نادرةٍ كالظروفِ المُناخيةِ القاسيةِ؛ مثلِ العراءِ والانخفاضِ الشديدِ في درجاتِ الحرارةِ.

متى يكون البرد مميتاً؟!

الطبيبُ “يوشع الحسن” وهو أخصائيٌ في جراحةِ القلبِ والأوعيةِ الدمويةِ بين تأثيرَ البردِ على عضلةِ القلبِ قائلاً: البردُ يسبب انقباضاً في الأوعيةِ الدمويةِ ويزيدُ من ضغطِ الدمِ؛ مما يؤدي إلى تسرعٍ في عضلةِ القلبِ محدثاً بذلك ذبحةً صدريةً؛ مؤكداً أنَّ حالاتِ الذبحةِ الصدريةِ تحدثُ عندما يكونُ المريضُ يعاني من نقصِ ترويةٍ قلبيةٍ.

الطبيب “الحسن” نوه بأن البردَ يظهرُ تأثيرُهُ على الجسمِ عندما تنخفضُ حرارتُهُ المركزيةِ دون (٣٥) سيلسيوس؛ فيما استبعدَ أن يسببَ البردُ حالاتَ وفاةٍ إلا في حالَ كانَ الإنسانُ يعاني من أمراضٍ في القلبِ.

يمكن ربط (٩,٤٪) من الوفياتِ العالميةِ خلالَ العقدينِ الماضيين بدرجاتِ حرارةِ شديدةٍ؛ الغالبيةُ العظمى منها بسببِ الطقسِ الباردِ

بينما ينفي الأطباءُ السوريونَ وجودَ حالاتِ وفاةٍ بسببِ البردِ في ظلِ انعدامِ وسائلِ التدفئةِ؛ أكدتْ تقديراتٌ صادرةٌ عن منظمةِ الصحةِ العالميةِ وشركائِها العالميين في مجالِ الصحةِ عامَ (٢٠١٧) أنَ عددَ وفياتِ الأمراضِ التنفسيةِ الناجمةِ عن الإنفلونزا الموسميةِ قد يصلُ إلى (٦٥٠٠٠٠) وفاةٍ سنوياً. ووفقاً لدراسةٍ نُشرت في مجلةِ “The Lancet Planetary Health” تموز الماضي أنّه يمكن ربط (٩,٤٪) من الوفياتِ العالميةِ خلالَ العقدينِ الماضيين بدرجاتِ حرارةِ شديدةٍ؛ الغالبيةُ العظمى منها بسببِ الطقسِ الباردِ، كما أعلنتْ وسائلُ إعلامٍ معارضةٍ وفاةَ خمسةِ أشخاصٍ في مخيماتٍ اللاجئينَ شمالِ سورية، وأكدتْ مصادرٌ خاصةٌ “للمشهد” في دمشقَ عن وفاةِ شخصينِ على الأقلِ بسبب موجاتِ البردِ القارسِ هذا الشتاءَ.

المشهد

اقرأ أيضا: بري يطالب بعودة سوريا إلى الجامعة العربية