تصدّر الاعتراف الروسي بالمناطق الانفصالية في أوكرانيا عناوين أبرز الصحف العالمية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء، إذ طرحت سيناريوهات محتملة وتداعيات لإعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إرسال قوات إلى تلك المناطق ”لحفظ السلام“، وسط تقارير تصف الخطوة بأنها فرصة سانحة لموسكو لغزو كييف.
وتناولت الصحف ،أيضًا، الشأن اللبناني، وناقشت تقارير تكشف أن تنظيم ”داعش“ يستغل الانهيار الاقتصادي للبلاد ويعمل على تجنيد الشباب اللبنانيين من المناطق الفقيرة.
ماذا بعد الاعتراف الروسي بالمناطق الانفصالية؟
واستعرضت صحيفة ”الغارديان“ البريطانية بعض السيناريوهات المترتبة على إعلان الرئيس بوتين، الاعتراف باستقلال منطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا، في خطوة وصفها المحللون بأنها الأخطر على الإطلاق في ظل الأزمة الأوسع نطاقًا والمتفاقمة بين موسكو وكييف منذ أشهر.
وأوضحت أن الجمهوريتين الانفصاليتين المدعومتين من روسيا في منطقتي دونيتسك ولوهانسك، المعروفتين باسم ”دونباس“، انفصلتا عن سيطرة الحكومة الأوكرانية في عام 2014، وأعلنت كلٌّ منهما نفسها“جمهورية شعبية“ مستقلة، لكن غير معترف بهما حتى الآن.
وذكرت الصحيفة أن روسيا دعمت الانفصاليتين بعدة طرق، من خلال الدعم العسكري السري والمساعدات المالية وإمدادات لقاحات كورونا وإصدار 800 ألف جواز سفر روسي على الأقل للسكان.
وتحت عنوان ”ماذا يعني الاعتراف الروسي؟“، أضافت الصحيفة في تحليل لها أن إعلان بوتين هو الأول من نوعه، الذي تقول فيه روسيا صراحة إنها لا تعتبر ”دونباس“ جزءًا من أوكرانيا، مشيرة إلى أن هذا التلميح قد يمهد الطريق لموسكو لإرسال قوات عسكرية إلى المناطق الانفصالية ”بشكل علني، باستخدام الحجة القائلة بأنها تتدخل كحليف لحمايتها من أوكرانيا“.
وفي تطور لاحق، ذكرت ”الغارديان“ أن بوتين أمر الجيش الروسي بدخول المناطق التي تسيطر عليها روسيا في جنوب شرق أوكرانيا بعد قرار الاعتراف، مضيفة أنه سيُنظر إلى قرار إرسال قواته لأداء ”مهام حفظ السلام“ في أوكرانيا ومن قبل الحلفاء الغربيين الآخرين على أنه احتلال للمنطقة ومن المرجح أن يؤدي إلى عقوبات صارمة ورد عسكري أوكراني.
قتل اتفاقية مينسك
واعتبرت الصحيفة البريطانية أن الاعتراف الروسي ”يقتل“ فعليًّا ”اتفاقيات مينسك للسلام 2014-2015“ التي، على الرغم من عدم تنفيذها، إلا أن جميع الأطراف، بما في ذلك موسكو، تعتبرها حتى الآن أفضل فرصة للتوصل إلى حل، وتنص الاتفاقيات على درجة كبيرة من الحكم الذاتي للمنطقتين داخل أوكرانيا.
وكانت روسيا وأوكرانيا أبرمتا اتفاق ”مينسك للسلام“، وهي خطة توسطت فيها فرنسا وألمانيا لإنهاء الصراع بين كييف والانفصاليين المدعومين من روسيا في منطقة ”دونباس“، وبموجب الاتفاقية، ستمنح أوكرانيا المنطقتين وضعًا خاصًّا وحكمًا ذاتيًّا كبيرًا مقابل استعادة السيطرة على حدودها مع روسيا.
وقالت الصحيفة إن هذه ليست المرة الأولى التي تعترف فيها روسيا بالدول الصغيرة المنشقة من قبل، موضحة أنها اعترفت باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وهما منطقتان جورجيتان منفصلتان، بعد خوض حرب قصيرة مع جورجيا في عام 2008، وقد وفرت لهما دعمًا مكثفًا للميزانية، ووسعت الجنسية الروسية لسكانهما ونشرت الآلاف من القوات هناك.
وبينت الصحيفة، بشأن الجانب الإيجابي لموسكو، أنه في حالة جورجيا، استخدمت روسيا الاعتراف بالمناطق الانفصالية لتبرير وجود عسكري مفتوح في جمهورية سوفيتية سابقة مجاورة في محاولة لإحباط تطلعات جورجيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى أجل غير مسمى من خلال حرمانها من السيطرة الكاملة على أراضيها، مشيرة إلى أن الاعتبارات ذاتها تنطبق على أوكرانيا.
وبخصوص الجانب السلبي، ذكرت أن موسكو تواجه عقوبات وإدانات دولية لتخليها عن اتفاق ”مينسك“ بعد أن أكدت طويلاً أنها ملتزمة به، كما ستتحمل إلى أجل غير مسمى المسؤولية عن المنطقتين (دونيتسك ولوهانسك)، اللتين دمرتهما 8 سنوات من الحرب وتحتاجان إلى دعم اقتصادي هائل.
من جانبها، اعتبرت صحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية أن منطقة ”دونباس“ كانت نقطة مضيئة في الأزمة المتصاعدة بين روسيا وأوكرانيا، والتي تتوقف على الحدود البرية والنفوذ الإستراتيجي بين البلدين، ورأت أن قرار الاعتراف يُعد تصعيدًا كبيرًا يشير إلى نهاية اتفاق ”مينسك“، كما يُنظر إليه على أنه قد يمنح الزعيم الروسي ذريعة لغزو أوكرانيا.
وتحت عنوان ”ماذا يريد بوتين من دونباس وماذا يريد سكان المنطقة؟“، قالت الصحيفة إن الرئيس الروسي قد وصف الروس والأوكرانيين مِرارًا بأنهما شعب واحد، وكتب في مقال تمت مشاركته على موقع الكرملين على الإنترنت في شهر تموز/ يوليو الماضي، أن ”السيادة الحقيقية لأوكرانيا ممكنة فقط بالشراكة مع روسيا“.
وأضافت أنه في ”دونباس“، التي تخضع للسيادة الأوكرانية، تريد الأغلبية من السكان عودة المناطق الانفصالية إلى أوكرانيا، أما في المنطقة التي يسيطر عليها الانفصاليون، فيرغب أكثر من نصف السكان في الانضمام إلى روسيا، إما مع وإما دون الحكم الذاتي، وفقًا لمسح نُشر في عام 2021.
المصدر: أحمد فتحي – إرم نيوز
اقرأ أيضا: ما وراء تعزيز موسكو تموضعها في الشرق السوري