حتى الآن تولى منصب البابا للمسيحيين الكاثوليك 266 شخصًا، لكن كيف يُختار البابا؟ وهل كان البابا يُقيم دائمًا في العاصمة الإيطالية روما؟ يُجيب كيڤ لوشن، محرر القسم الرقمي، على هذه التساؤلات ويكشف في هذا التقرير لمجلة «هيستوري إكسترا»، التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، كيف كان ماضي البابوية على مر العصور.
في مستهل تقريره، يُعرِّف الكاتب البابا بأنه الحَبْر الأعظم للكنيسة وأسقف روما وممثل الإله على الأرض وهو أيضًا رأس الكنيسة الكاثوليكية في جميع أنحاء العالم بحسب الدين المسيحي الكاثوليكي، والزعيم الديني حاليًا لحوالي 1.2 مليار شخص من أتباع المذهب الكاثوليكي. وفي العصر الحديث، يتولى الباباوات أمر رعاياهم الموزعين توزيعًا جيدًا من الفاتيكان، وهي منطقة صغيرة تتمتع بالسيادة داخل روما.
بيد أن الأمر لم يكن دومًا على هذا النحو: إذ كان لدى الباباوات والبابوية عمومًا، في العصور الغابرة، أراضٍ شاسعة. كما أنهم لم يمارسوا السلطات الروحية فحسب، بل استخدم بعضهم مثل هذه السلطات لدرجة أنهم نافسوا أقوى ملوك العصور الوسطى وأكثرهم هيمنة. وكان الباباوات يُصدرون التشريعات والقوانين، ويقضون في المنازعات (وهو ما كان يُثير غضب ملك إنجلترا هنري الثامن)، بالإضافة إلى أنهم كانوا يحملون سيفًا مسلَّطًا على رقاب رعاياهم، مثل سيف دامقليس، من خلال تهديدهم بالطرد من الكنيسة.
ويُوضح التقرير أن قداسة البابا الحالي فرانسيس هو البابا رقم 266، والذي يؤدي دورًا مهمًا بوصفه زعيمًا دينيًّا للكاثوليك ونصيرًا للحوار بين الأديان. ولكن كما هو الحال مع أي منصب مبجل، شهد ماضي الباباوية بعض اللحظات المثيرة والصادمة أحيانًا. وهذا ما يكشف عنه الكاتب في السطور الآتية.
ما الاسم البابوي الأشهر؟
يُشير التقرير إلى أن اسم يوحنا يحتل الصدارة في هذا الأسماء الباباوية الأكثر انتشارًا. واختار 21 بابا هذا اللقب اسمًا باباويًّا لهم، على الرغم من اللَّبس الذي قد يحدث، كان هناك بالفعل بابا يدعى يوحنا الثالث والعشرون، وهذا ليس خطأ لعدة أسباب أولها: أن البابا يوحنا السادس عشر الذي كان موجودًا في القرن العاشر كان بابا مزيفًا (والذي سنسرد عنه مزيدًا من المعلومات لاحقًا)، لذلك جرى تخطيه وأصبح يوحنا السابع عشر هو البابا السادس عشر الذي اختار هذا اللقب اسمًا باباويًّا له.
والسبب الثاني، أن تاريخ الكنيسة الكاثوليكية لم يشهد مطلقًا بابا يُدعى البابا يوحنا العشرين، بعدما قرَّر بيدرو جولياو الانتقال إلى يوحنا الحادي والعشرين بعد البابا يوحنا التاسع عشر. وكان هذا بسبب اعتقاد خاطئ في القرن الحادي عشر بوجود بابا يُدعى يوحنا في الفترة بين البابا المزيف بونيفاس السابع والبابا يوحنا الخامس عشر.
ويُضيف التقرير أنه من بين الأسماء البابوية التي احتلت المراكز العشرة الأوائل في فئة الأكثر انتشارًا هو لقب جريجوري (أُطلق على 16 بابا)، وبنديكت (أطلق على 15 بابا) وكليمنت (أُطلق على 14 بابا)، وإنوسنت وليو (أطلق كل منهما على 13 بابا) وبيوس (أطلق على 12 بابا)، وستيفن (أطلق على تسعة باباوات)، وبونيفاس وإربان (أطلق كل منهما على ثمانية باباوات).
ما متوسط عُمْر البابا؟
يُنوه التقرير إلى أن متوسط عُمْر البابا، عند انعقاد الانتخابات، يبلغ 67 عامًا. ومع ذلك، تولى منصب البابا اثنين من الباباوات الناشطين روحيًّا أصغر سنًا من هذا العُمْر: وهما يوحنا الحادي عشر (من 931-935 ميلاديًا) وبنديكت التاسع (الولاية الأولى من 1032-1044 ميلاديًّا) وكانا في سن العشرين عامًا. كما تولى اثنان من الباباوات منصب بابا الفاتيكان وقد بلغا المعدل الأكبر للعمر المحدد. وكان كليمنت الخامس (1670 – 1676 ميلاديًا) وألكسندر الثامن (1689-1691 ميلاديًا) عمرهما 79 عامًا عندما أصبح كل منهما بابا للفاتيكان.
ما مدة بقاء الباباوات في المنصب؟
جرت العادة أن يظل البابا في المنصب البابوي مدى الحياة، على الرغم من أن هذا الأمر لم يكن هو الحال دائمًا، مثل ما حدث مؤخرًا مع البابا بنديكتوس السادس عشر، الذي أعلن تنحيه عن الكرسي الرسولي في عام 2013. ويُقدَّر متوسط مدة ولاية البابا بسبع سنوات، وشغل البابا بطرس القديس أطول ولاية للمنصب البابوي (من عام 30 إلى 64 ميلاديًّا)، أي أنه ظل في منصب البابا لمدة 34 عامًا. بينما كانت مدة ولاية البابا أوربان السابع لمنصب البابوية هي الأقصر، إذ ظل في منصب البابا لمدة 12 يومًا (من 15 إلى 27 سبتمبر (أيلول) 1590 ميلاديًّا) قبل أن يموت متأثرًا بإصابته بمرض الملاريا.
ما الطريقة التي يُختار بها الباباوات؟
يشرح التقرير أن مجمع الكرادلة ينتخب الباباوات خلال الاجتماع المعروف بالكونكلاف (المجمع المغلق). ويُمنَع على الكرادلة، المحاطين بسرية كاملة ومختفين داخل مجموعة من الغرف، الاتصال بالعالم الخارجي خلال انعقاد المجمع إلا عن بعد أن تحترق أوراق الانتخاب مرتين في اليوم.
وإذا انبعث دخان أبيض فهذا يعني إيذانًا بانتخاب بابا جديد، أما الدخان الأسود فيعني فشل انتخاب البابا، ومن ثم تزداد الانتخابات حدة. ولم يكن انتخاب البابا يجري بصورة سريعة دائمًا: إذ استغرق الأمر، بعد وفاة البابا كليمنت الرابع عام 1268، ثلاث سنوات لانتخاب خليفة له.
هل أطلق البابا الحملة الصليبية الأولى؟
يُؤكد التقرير أن البابا أوربان الثاني (من 1035 إلى 1099 ميلاديًّا) هو من دعا إلى حمل السلاح والتي أدَّت بعد ذلك إلى الحملة الصليبية الأولى. وفي مجلس كليرمونت المنعقد عام 1095 ميلاديًّا، حث البابا أوربان الثاني المسيحيين الفرنجة على مساعدة ملكوت الرب، والذي قيل إنه قوبل بصيحة «نسر الإله» (شعار لاتيني كاثوليكي مرتبط بالحروب الصليبية) يعني «ما شاء الله».
ما الولايات البابوية؟
يلفت التقرير إلى أنه منذ عام 756 ميلاديًّا وحتى 1870 ميلاديًّا، كان للبابا السيادة على جزء شاسع من الأراضي التي كانت أقصى مدًى لها في القرن الثامن عشر يُمثل جزءًا كبيرًا من وسط إيطاليا. وكان باباوات هذا العصر يحكمون هذه «الولايات البابوية» مثل الملوك، وكانوا مؤثرين في السياسة المحلية، بل وخاضوا حروبًا ضد دول مجاورة. وكان انتهاء هذه الحقبة إيذانًا بإعادة توحيد إيطاليا، وبعد ذلك مُنحت البابوية قاعدة أصغر حجمًا في روما وهي الفاتيكان.
هل كان البابا يقيم دائمًا في روما؟
يُجيب التقرير بالنفي المطلق على هذا السؤال، موضحًا أن مقر البابوية ظل لمدة 67 عامًا في مدينة أفينيون بفرنسا. وكان البابا كليمان الخامس (1305-14) قد نقل البلاط البابوي إلى هذه المدينة الفرنسية في عام 1309 ميلاديًّا، معلنًا ما وُصف بأنه «عصر الأسر البابلي للبابوية». وظل كليمان وستة من الباباوات الذين تبعوه من الفرنسيين في هذه المدينة، وكان ينظر إلى معظمهم على أنهم تحت سيطرة التاج الفرنسي.
ما الانشقاق البابوي الغربي؟ وهل كان هناك أكثر من بابا؟
ويُفيد التقرير أنه في الفترة ما بين عامي 1378 ميلاديًّا و1417 ميلاديًّا، حدث انقسام في الكنيسة الكاثوليكية، المعروف حاليًا بالانشقاق الغربي. وخلال هذه الحقبة كان هناك أكثر من بابا واحد في أحيان كثيرة، وفي عام 1410 ميلاديًّا، كان هناك ثلاثة باباوات.
وأعاد البابا جريجوري الحادي عشر (1329-1378 ميلاديًّا) البابوية إلى روما عام 1377 ميلاديًّا، لكنه توفي في العام الذي تلى ذلك، وانتُخب أوربان السادس (1378-1389 ميلاديًّا) ليحل محله. لكن بعد مرور خمسة أشهر من توليه المنصب البابوي، أصيب الكرادلة بخيبة أمل كبيرة في أوربان حتى أنهم عادوا إلى أفينيون وانتخبوا البابا المزيف كليمنت السابع، وانقسم العالم الكاثوليكي في دعم الباباوات المتنافسين، الذين لطالما طردوا بعضهم بعضًا من الكنيسة.
من هو أول بابا مزيف؟
قد يعتقد بعض الناس أن فكرة البابا المزيف كانت نتيجةً للانشقاق الغربي، لكن الأمر لم يكن كذلك. فقد كان هيبوليتوس الروماني أول بابا مزيف والذي توفي في عام 235 ميلاديًّا.
هل يُمكن لأي شخص أن يتقلد منصب البابا؟
صحيحٌ أن تقلد منصب البابا ليس متاحًا لجميع المسيحيين المعتنقين للمذهب الكاثوليكي، كما يتصور الناس، لكن ليس من الضروري أن تكون من الكرادلة حتى تتقدم للانتخابات ليُصوَّت لك على تولِّي منصب البابا، على الرغم من أن معظم المتقدمين من الكرادلة. فإن أي رجل مُعمَّد مؤهل للبابوية، بحسب ما يختم الكاتب تقريره.
المصدر: ساسة بوست
اقرأ أيضا: أخيرا… الكشف عن لغز “خنجر” الملك توت عنخ آمون