على الرغم من الشكاوى الكثيرة والتذمر الكبير اللذين يرددهما أصحاب محال الصاغة على مسامع الجميع من جمود حركة البيع والشراء، والارتفاع العالمي لسعر أونصة الذهب الذي يؤثر حتماً على السعر المحلي، وما يرافقه من ارتفاع مستوى المعيشة، وتفكير الكثير من التجار بالعزوف عن هذه المهنة، إلا أن أحداً لم يخسر ولم يغلق محله، حسب ما أكده لنا أحد أصحاب المحال، فتاجر الذهب لا يخسر، لاسيما أن الذهب من المواد التي يرتفع سعرها مع مرور الأعوام، وإن شهدت بعض الأشهر انخفاضاً في سعر الذهب، إلا أنه حتماً يليه صعود يتيح للتاجر هامش ربح مقبولاً، ناهيك عن وجود شريحة لا بأس بها أفرزتها الأزمة، وبات تصنيفها من الأثرياء اليوم اعتاد على تواجدهم التجار في محالهم بشكل شهري لشراء “ليرات ذهبية” كمدخرات بدلاً من تجميد أموالهم، خاصة أن قيمة الليرة السورية تنخفض شيئاً فشيئاً، وبالتالي لا يمكن الحكم على تاجر الذهب بالخاسر، لكن تذبذب سعر الذهب، وانخفاض حركة البيع والشراء، هما سيد الموقف خلال السنوات الأخيرة.
مقاطعة الذهب
مع تزايد سنوات الأزمة، نشطت وانتعشت سوق ومحال الذهب البرازيلي، خاصة مع بدء ارتفاع سعر الذهب الحقيقي بشكل تدريجي، وعزوف الشباب عن الزواج بسبب هذا الارتفاع المخيف، وارتباط الزواج بشراء غرامات من الذهب للعروس تماشياً مع العادات والتقاليد، لتجد شريحة تجار الأزمة ببيع الذهب “التقليد” مصدر رزق سريعاً، وحلاً لا بأس به للمقبلين على الزواج ممن لا يستطيعون الخروج من دائرة التقاليد، ولكن مع وصول سعر الذهب الحقيقي إلى أرقام قياسية، لم يعد بمقدور أغلب المواطنين شراؤه، ولتنازل أغلب العوائل عن طلب الذهب كشرط للزواج، ما أفقد محال الذهب البرازيلي روادها مع الوقت، لاسيما أن الكثير من الدول المجاورة أطلقت حملات لمقاطعة شراء الذهب لفئة الشباب المقبلين على الزواج تزامناً مع ارتفاع نسبة العنوسة عند الإناث، وهجرة الشباب خارج البلاد، ما اضطر العائلات إلى تقديم التسهيلات للشبان في ظل ارتفاع مستوى المعيشة، والتضخم الذي لم تستطع الحكومات المتعاقبة كبح جماحه.
مشروع أتمتة
في المقابل نفى ناجي حضوة “رئيس اتحاد الحرفيين” تحكم التجار بسعر الذهب، وخضوعه للتسعيرة العالمية، حيث يتم تحديد نشرة تصدر يومياً بالتنسيق مع الأقسام المختصة بالمصرف المركزي، ووزارة المالية، لكن سعر الذهب السوري مرتبط بسعر الاونصة العالمي وسعر القطع، وما يحصل اليوم هو استقرار لسعر القطع مع ارتفاع سعر الاونصة العالمي ووصوله إلى حائط الـ 1900 دولار، بينما السعر الطبيعي لها 1700 دولار، إضافة إلى عدم قدرة التجار المحليين على رفع سعر الذهب بوجود ضريبة إنفاق إجمالي مفروضة على مصنّع الذهب تُدفع للمالية، لافتاً إلى أنه يتم حالياً بالتنسيق مع وزارة المالية إطلاق نظام مؤتمت على قطع الذهب خلال الشهر القادم، بحيث تحمل كل قطع الذهب “باركوداً” يحمل وزن ومواصفات القطعة، وهذا النظام يلغي الغش والتزوير الذي يمكن أن يطال التصنيع، منوّهاً إلى أن الذهب السوري يعتبر من أجود السبائك عالمياً، فنسبة التزوير فيه نادرة جداً، وتحدث حضوة عن قيام الاتحاد بتقديم جملة من التسهيلات لجميع الحرفيين، ومن ضمنهم حرفيو تصنيع الذهب، إذ تم تقديم مشروع للحكومة يتضمن إدخال الذهب الخام من الخارج، فجميع الذهب الموجود في سورية محلي تتم إعادة تدويره، وفي حال تمت الموافقة على المشروع سيتم إدخال ذهب خام ليُعاد تصنيعه في الورش السورية لتصديره، بما يعود بفائدة على خزينة الدولة بكسب حوالي “150” غراماً على كل كيلوغرام يدخل بشكل خام، إضافة إلى تشغيل الورش والأيدي العاملة، وتعزيز مكانة الذهب المصنّع سورياً في العالم.
مواجهة التضخم
وعلى عكس المعتاد من ارتفاع لسعر صرف الدولار، وما يرافقه من ارتفاع لسعر الذهب، فإن ارتفاع سعر الأخير تزامن هذه المرة مع المتغيرات العسكرية والاقتصادية العالمية وسط استقرار سعر الدولار محلياً، والتخوّف من ارتفاع عالمي في ظل هذه التقلبات السياسية، ويعتبر أهل الاقتصاد أن الذهب وسيلة فعّالة لحماية ثروة الأغنياء من التضخم، وهذا ما لحظناه عند بعض الأثرياء قبل الأزمة الذين حافظوا على السوية نفسها خلال الأزمة نتيجة حماية ثروتهم بتحويلها إلى ذهب، ومواجهتها للتضخم الذي تفاقم خلال السنوات الأخيرة، ولكن على الرغم من التأكيدات المستمرة لأهل الكار بعدم وجود تزوير واحتيال في سوق الذهب، إلا أن الواقع يكشف دائماً تلاعباً واختلافاً في سعر القطعة الذهبية بين محل وآخر، وهذا ما يتضح عند قيام أي شخص ببيع قطعة ذهبية ادخرها، وسؤاله لأكثر من محل عن سعرها ليصل الاختلاف بها إلى آلاف الليرات في بعض الأحيان.
البعث
اقرأ أيضا: عن رفع سقف السحوبات اليومي.. فضلية: غير كاف لحساب العقارات وإيجابي للحسابات الشخصية