رفض رجال الدين الصلاة على جثمان شابة يدفع صديقاتها للقيام بالواجب
أثار خبر رفض رجال الدين في محافظة “السويداء” الصلاة على جثمان الشابة “سارة اللحام” 16 عاماً وفق طقوس طائفة المسلمين الموحدين، استياء واستهجان الكثيرين خاصة صديقاتها اللواتي عرفنها وعرفن خصالها الحميدة وصفاتها وقررن التعبير بطريقتهن الخاصة عن رفضهن لهذا القرار فدخلوا عزاءها بلباسهن الأسود وهن يطلقن الأهازيج والتصفيق والزغاريد.
الشابة “اللحام” التي توفيت قبل أسبوع في مدينة “جرمانا” لم تتبين أسباب وفاتها لكن صفحات محلية في المحافظة قالت بأن سبب الوفاة هو استخدام خاطئ للسلاح فيما أشارت صفحات أخرى إلى أن الوفاة حادثة انتحار وبكلتا الحالتين فإن الفقيدة بعمر الورود.
دخول رفيقاتها إلى الجنازة بمظهر لافت رفضا لعدم الصلاة عليها، وفق طقوس طائفة المسلمين الموحدين، يؤكد نزوع المجتمع إلى تحريك المياه الراكدة للأعراف والتقاليد، خصوصا أنه وفي حالة الشابة “سارة اللحام” لا يوجد وقائع دقيقة لتأكيد انتحارها بينما توجد فرضية أخرى بوفاتها من خلال استخدام السلاح بشكل خاطئ.
هذا ماعبرت عنه مجموعة من شابات مدينة “جرمانا” في حالة غير اعتيادية وبتجاوز واضح لتقليد جامد، عندما دخلت رفيقات الشابة “سارة اللحام” التي ودعت الحياة ليضعن حداً لأي تفسير أكبر من واقعة الموت وخسارتهم لصديقتهم الشابة.
أكثر من خمسة عشر صبية دخلن إلى موقف العزاء يهزجن بطيب سجايا الشابة ويرفضن نظرة المجتمع القاسية عندما تكون الحادثة مرتبطة بالفتاة وكذلك الموقف الديني المعتاد الذي جسد بعدم الصلاة.
تحضرني هنا عبارة عزاء تطلق في مجتمع “السويداء” وتقول موت الشباب فقيدة بمعنى خسارة، هنا لا يقصد الشباب الذكور بل الشباب ذكورا وإناثا، بتعبير صادق لما يخسره المجتمع في موت الشباب كأمل قادم للمستقبل، هذه الشابة طالبة مثل كان أمامها مستقبل وحياة وفي قلبها أحلام ماتت، أرادت صديقاتها أن تحييها في قلوب محبيها ويسجلن موقفاً نادراً، يدل على احترام الموت كقدر واحترام ذكرى الراحلة بفعل أي سبب.
بعد دورة الشابات وأهازيجهن في موقف العزاء في “جرمانا” يوم الأربعاء الفائت، وقفت شابة لتعبر عن سبب تصرفهنّ هذا وهو تقديم العزاء الصادق كما يستوجب الموقف بصدق وثناء على خصال الشابة ونقل رؤية شابة واعية للمجتمع والتنبيه بعدم اتخاذ مواقف وأحكام على أشخاص أراد القدر لهم نهاية الحياة.
شابات “جرمانا” لبسن على الرأس وفق طقوس العزاء وارتدين السواد وفق طقوس الدخول لموقف العزاء في صالة النساء مصطحبات صورة “سارة”.
الموقف تناقلته صفحات “جرمانا” و”السويداء” وتحدث عنه كتاب وشخصيات اجتماعية بتعليقات مؤيدة الصرخة ومحفزة لها.
الكاتبة “وفاء الخطيب” كتبت على صفحتها «هي صرخة نسائية من قاع بئر صدعه أنين نساء، لم يسألن عن ذنبهن في وأد ربيعهن، وما أكثرهن!، من حكم مشوش لكل ماقد يطرأ على حياتها رافضات تكرار الظلم والتمسك بأحكام قديمة معلقة الآمال على أن تكون الصرخة بداية لموقف اجتماعي تنهض به النساء من ظلم وتعسف المجتمع».
ليجد الكاتب”وليد شعيب” أن ماحدث هو زفة لعروس تشابه ما اعتاد الشباب على القيام به عند وفاة صديق لهم ليزف كعريس و”سارة” اليوم عروس وتستحق أن تزف وهذا ماقامت به رفيقات دربها، وكتب عبر صفحته الشخصية: «اعتدنا كثيراً في موت الشباب، أن يقوم أصدقاؤه بِزَفّه كالعريس، في موقف العزاء، أما أن تقوم الصبايا بزف صديقتهن كعروس في صالة العزاء فذلك لعمري موقف عظيم مشرّف».
“شعيب” اعترض على قرار رجال الدين عدم الصلاة في مثل هذه الحالات وحيّا أولئك «النسوة الصديقات والأمهات، وقد اجترحنا سابقة فيها الكثير من العزّة والإباء والوفاء، ومزّقن الغشاوة التي تلتصق على عيون الكثيرين، وأحدثن ثقباً في جليد العقل الذي جمّده دُعاة دين العقل، ومن يدّعون أنهم وكلاء الله على الأرض».
في الوقت الذي نشر المحامي “داني شادي اللحام” وهو من أقارب الشابة أن أي منشور تشهير يخص الشابة، سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه في عمل استباقي يلفت الانتباه للحقوق القانونية للمتوفي وعائلته ولوضع حد لردود فعل المجتمع القاصرة عن فهم واحترام الحياة الخاصة أحياناً.
أخيراً معظم التعليقات ذكرت أن روح الشابة ستكون بهية فرحة بما قامت به النساء، لكن أرواحنا نحن الأحياء اليوم فرحة رغم الخسارة بأن الصمت سيتبدد وأن النساء لن تكيل لبعضها اللوم ولن تحكم على نفسها قبضة المجتمع وسيبحثن معاً عن إنصاف للرجال والنساء وللشباب والشابات فالحياة أثقل من طاقتهم.
سناك سوري – رهان حبيب
اقرأ ايضاً:بعد اجتماع طويل.. الحكومة والتجار اتفقوا على مواجهة القادم معاً