الخميس , أبريل 24 2025
شام تايمز

حرب الموانئ تشتعل.. ماذا يعني سقوط مدينة خيرسون الاستراتيجية بيد روسيا؟

شام تايمز

حرب الموانئ تشتعل.. ماذا يعني سقوط مدينة خيرسون الاستراتيجية بيد روسيا؟

شام تايمز

التوازي مع محاولة القوات الروسية حصار العاصمة الأوكرانية كييف والمدينة الشرقية خاركيف، يخوض الجيش الروسي معارك ضارية للسيطرة على جميع المدن الواقعة على بحر آزوف والبحر الأسود والظفر بموانئها الاستراتيجية؛ حيث كان التطور الميداني الأبرز هو سقوط مدينة خيرسون الساحلية بقبضة الروس، بحسب اعترافات المسؤولين الأوكرانيين.. فما هي مدينة خيرسون وما أهميتها الاستراتيجية؟ وإلى أين وصلت تطورات المعارك على الموانئ الأوكرانية الأخرى؟

شام تايمز

ماذا يعني سقوط مدينة خيرسون بيد روسيا؟
تعتبر مدينة خيرسون أكبر مدينة تسقط حتى الآن بيد القوات الروسية، وتكمن أهميتها في كونها تقع على مصب نهر دنيبر، وتطل على بحر آزوف من الجنوب الشرقي، والبحر الأسود من الجنوب الغربي. وبسيطرة روسيا عليها، يعني أنه بات بإمكانها الآن عبور نهر دنيبر الذي يقسم أوكرانيا إلى قسمين، والاتجاه غربًا وشمالًا لمهاجمة كييف من الاتجاه الثاني.

وأعلن الجيش الروسي أنه سيطر على مدينة خيرسون ذات الأهمية الاستراتيجية في جنوب أوكرانيا مساء يوم الأربعاء 2 مارس/آذار 2022؛ حيث قال المتحدث باسم وزارة الدفاع إيغور كوناشينكوف في تصريحات متلفزة إن “الفرق الروسية بالقوات المسلحة نجحت بالسيطرة على المركز الإقليمي لخيرسون بشكل كامل”.

وأضاف كوناشينكوف أن المحادثات جارية بين الجيش الروسي والسلطات المحلية بشأن حفظ النظام وحماية السكان والحفاظ على أداء الخدمات العامة.

وهو الأمر الذي أكده عمدة المدينة الأوكرانية إيغور نيكولاييف، الذي قال بحسب رويترز إن القوات الروسية انتشرت بشوارع المدينة وشقَّت طريقها إلى مبنى مجلس المدينة، مضيفاً أنّ القوات الروسية فرضت حظر تجوّل ليلي في المدينة وقيوداً على حركة السيارات.

وقال نيكولاييف في منشور على فيسبوك: “لم تكن لدينا أسلحة ولم نكن عدوانيين، لقد أظهرنا أنّنا نعمل لتأمين المدينة ونحاول التعامل مع عواقب الغزو”.

وتتحدث التقارير عن انتشار مئات الجنود في مدينة خيرسون وإقامة نقاط تفتيش على مداخلها، وقبل ساعات من سقوطها، قال رئيس الإدارة الإقليمية غينادي لاخوتا في رسالة على تطبيق تلغرام إنّ “الروس موجودون في كلّ شوارع المدينة وهم خطيرون جداً”.

لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية كوناشينكوف قال من جانبه إن الخدمات العامة في مدينة خيرسون والنقل تعمل كالمعتاد، والمدينة لا تعاني من نقص في المواد الغذائية والسلع الأساسية.

ما هي مدينة خيرسون وما قيمتها الاستراتيجية؟
يبلغ عدد سكان مدينة خيرسون 280 ألف نسمة (عام 2021)، ويتحدث نصف سكانها اللغة الروسية، فيما تقدر الأقلية الروسية فيها بنحو 20%، بحسب التعداد الوطني الأوكراني لعام 2001. وهي المركز الإداري لمقاطعة “أوبلاست خيرسون” التي تعتبر مركزاً اقتصادياً كبيراً تعتمد عليه أوكرانيا.

وتمتلك المدينة أكبر ميناء في أوكرانيا لبناء السفن في البحر الأسود وهي مركز رئيسي للشحن، وقد نمت المدينة بشكل مطرد خلال القرن التاسع عشر بسبب الشحن وبناء السفن، وظلت مركزاً رئيسياً لبناء السفن طوال القرن العشرين.

وشملت الصناعات الأخرى فيها الهندسة وتكرير النفط وتصنيع المنسوجات القطنية وغيرها من الصناعات. وسياحياً، تعد المدينة أهم المدن الأوكرانية التي تستقطب السياح لطبيعتها المميزة وإطلالتها على نهر دنيبر وبحري آزوف والأسود.

تأسست مدينة خيرسون بمرسوم من الإمبراطورة الروسية كاترين العظمى يونيو/حزيران 1778 على الضفة العليا لنهر دنيبر كحصن مركزي لأسطول البحر الأسود.

وشهد عام 1783 افتتاح حوض بناء محلي للسفن أصبح لاحقاً الأهم في أوكرانيا، وقد احتلها الألمان خلال الحرب العالمية الثانية من 19 أغسطس/آب 1941 إلى 13 مارس/آذار 1944، قبل أن يتم تحريرها من قِبَل الجيش السوفييتي.

حرب الموانئ.. ما أهمية مدينة خيرسون بالنسبة لروسيا؟
أهمية المدينة الاستراتيجية بالنسبة لروسيا، هي أنها أحد أهم مراكز إعادة إحياء مشروع “نوفوروسيا”، أو “روسيا الجديدة” التاريخي، والذي يتحدث عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ عام 2014، حيث تسعى روسيا لإقامة جسر بري من أراضيها مروراً بالمناطق الشرقية في إقليم دونباس وما حولها، إلى شبه جزيرة القرم، المنطقة التي ضمتها إليها في عام 2014، بالإضافة إلى امتداد ذلك نحو مدينة أوديسا وميناؤها الاستراتيجي، أي بمعنى الاستيلاء على مئات الكيلومترات من الأراضي على طول ساحل بحر آزوف والبحر الأسود.

ومن شأن السيطرة الروسية على خيرسون وغيرها من المدن الساحلية بموانئها الاستراتيجية، أن يفصل أوكرانيا تماماً عن البحر ويعزلها عن أهم موانئها على البحر الأسود. كما تمنح السيطرة على المنطقة المحيطة بخيرسون لروسيا السيطرة على قناة جلبت المياه العذبة من نهر دنيبر إلى شبه جزيرة القرم، التي أغلقتها أوكرانيا بعد أن ضمت روسيا شبه الجزيرة في عام 2014.

ويمكن أن تكون أيضاً بمثابة محطة طريق للتقدم المستمر شمالاً على طول نهر دنيبر باتجاه مدن ذات أهمية استراتيجية مثل زابوريزهيا ودنيبرو، وكذلك إنرهودار، المدينة التي يبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة وتضم أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا.

ويعتبر مشروع “نوفوروسيا، أو “روسيا الجديدة” جزءاً تاريخياً من الإمبراطورية الروسية، يشير إلى إقليم شمال البحر الأسود، الذي تَشكَّل كمقاطعة إمبراطورية جديدة تابعة لروسيا (مقاطعة نوفوروسيا) في عام 1764، مع أجزاء من المناطق الجنوبية الساحلية، بهدف التحضير للحرب مع الإمبراطورية العثمانية.

وتذكر المصادر التاريخية أن نوفوروسيا توسّعت بصورة إضافية من خلال ضم أقاليم جديدة غرباً في عام 1775، شملت إقليم بيسارابيا التابع لمولدوفا وأقاليم ساحل البحر الأسود في أوكرانيا الحديثة، وساحل بحر آزوف وإقليم القرم وغيرها.

ظلت تلك المنطقة جزءاً من الإمبراطورية الروسية حتى انهيارها في أعقاب الثورة البلشفية في عام 1917، حيث أصبحت بعد ذلك ضمن جمهورية أوكرانيا السوفييتية، وكانت هناك محاولات لإعادة إحياء “نوفوروسيا” منذ تفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1991، وكانت أبرز تلك المحاولات محاولة الحركة الانفصالية الموالية لروسيا إقامة دولة نوفوروسيا الاتحادية خلال حرب إقليم دونباس عام 2014.

ومنذ شهر أبريل/نيسان عام 2014، بدأ الرئيس بوتين الحديث بوتيرة متزايدة عن مفهوم إعادة إحياء “روسيا الجديدة” أو “نوفوروسيا”، شرق وجنوب أوكرانيا، التي يراها القوميون الروس في روسيا وأوكرانيا مناطق روسية منحها الاتحاد السوفييتي لأوكرانيا.

وقال بوتين في خطابه الذي توجه به إلى الشعب الروسي في أبريل/نيسان 2014، بعد نحو شهر من سيطرة روسيا على منطقة القرم مبرراً ضمها: “سوف أذكّركم: هذه نوفوروسيا (أي روسيا الجديدة)”، مشيراً إلى مناطق شرق وجنوب أوكرانيا، حيث كان بوتين يتخطى المناطق الانفصالية في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك والقرم، ليشمل جميع مناطق البحر الأسود الساحلية ذات الأعداد الكبيرة من الناطقين بالروسية في أوكرانيا.

وكالات

 

شام تايمز
شام تايمز