الجمعة , مارس 29 2024

«عنصري ومُعادٍ للمسلمين».. ما هو مشروع قانون الجنسية البريطاني الجديد؟

«عنصري ومُعادٍ للمسلمين».. ما هو مشروع قانون الجنسية البريطاني الجديد؟

شام تايمز

 

شام تايمز

انتقد حقوقيون وقانونيون وبرلمانيون التشريعات المقترحة لمشروع قانون الجنسية والحدود والتي تشمل مجالاتٍ مثل الهجرة والمواطنة، حسب ما جاء في تقريرٍ أعدَّته إدنا محمد ونشره موقع «ميدل إيست آي» البريطاني.

تبدأ الكاتبة تقريرها بالإشارة إلى أن الحكومة البريطانية تحاول حاليًا تمرير مشروع قانون الجنسية والحدود المثير للجدل، والذي تعرَّض لانتقاداتٍ شديدة من جماعات حقوق الإنسان والمختصين بالقانون واللجنة البرلمانية المشتركة لحقوق الإنسان. وكذلك انتقدت الأمم المتحدة مشروع القانون، وقال خبراء من الأمم المتحدة إن استخدام الحكومة البريطانية لسلطات سحب الجنسية من المحتمل أن يكون تمييزيًّا وغير قانوني بسبب تأثيره غير المتناسب في مجتمعات المسلمين والمهاجرين.

وتشمل أجزاءٌ من مشروع القانون منعَ أو تجريمَ أي شخص لا يصل إلى المملكة المتحدة في إطار إحدى الطرق الخاصة بإعادة التوطين والمعدَّة مسبقًا من وزارة الداخلية، وهي خطط للتعامل مع اللاجئين في البحر، وسحب الجنسية البريطانية دون إخطار، ولفتت الكاتبة إلى أن مشروع القانون يأتي على إثر ارتفاع عدد عمليات عبور قوارب المهاجرين إلى المملكة المتحدة، مع وصول أكثر من 25 ألفًا منها عبر القناة الإنجليزية (بحر المانش) العام الماضي.

في الوقت نفسه، ومع إغلاق الطرق الأخرى المؤدية إلى البلاد، بلغ عدد الأشخاص الذين طلبوا اللجوء في المملكة المتحدة في العام المنتهي في يونيو (حزيران) 2021 نحو 31115 شخصًا، بنسبة انخفاض تبلغ 4% عن الأشهر الـ12 الماضية. وطُرحت عشرات الصفحات من التعديلات على مشروع القانون، الذي يناقشه حاليًا مجلس اللوردات ويُتَوقع أن يصبح ملزمًا قانونًا في وقت لاحق من هذا العام.
خطط الهجرة

وفي استعراضٍ لما يحتاج القارئ إلى معرفته حول مشروع قانون الجنسية والحدود، أوضحت الكاتبة أن مشروع القانون وُصف في ورقة للسياسة العامة نشرتها وزارة الداخلية في يوليو (تموز) من العام الماضي بأنه «حجر الزاوية في خطة الحكومة الجديدة بشأن الهجرة، والذي يقدِّم الإصلاح الأشمل منذ عقود لنظام اللجوء القاصر».

وتستشهد الخطة بثلاثة أهداف رئيسة، هي أن يصبح النظام أعدل وأكثر فعالية، حتى تتمكن الحكومة من حماية المحتاجين الحقيقيين إلى اللجوء ودعمهم على نحو أفضل، وردع الدخول غير المشروع إلى المملكة المتحدة، وتعطيل أعمال شبكات الاتجار الإجرامية وإنقاذ الأرواح، ويتمثل الهدف الثالث في إبعاد مَنْ ليس لهم الحق في الوجود على أرض المملكة المتحدة.

وتمنح الخطط المعدَّلة قوة حرس الحدود البريطانية صلاحياتٍ أوسع لتفتيش «الحاويات غير المصحوبة بأفراد» و«إيقاف السفن المشتبه في نقلها مهاجرين غير شرعيين إلى المملكة المتحدة وتحويل خط سيرها»، والتي تخضع لاتفاق مع فرنسا، أما فيما يخص أولئك الذين يصلون عمدًا إلى المملكة المتحدة دون إذن، فستُدخِل القواعد الجديدة جرائمَ جنائية أكثر صرامة، بما في ذلك رفع العقوبة المحتملة من السجن ستة أشهر إلى أربع سنوات.

كذلك ستُصدر أحكامًا بالسجن المؤبد على مهربي البشر، بعد أن كان الحد الأقصى الحالي للعقوبة هو السجن 14 عامًا.
مراكز الهجرة في الخارج

وأضافت الكاتبة: وبموجب الخطط التي وضعتها وزيرة الداخلية بريتي باتيل، سوف يُوضع المهاجرون واللاجئون الذين يصلون إلى البلاد عبر طرق الهجرة غير النظامية، عن طريق القوارب على سبيل المثال، في مراكز إيواء كبيرة أو مراكز هجرة خارجية. ومن تلك المراكز ستقرر وزارة الداخلية ما إذا كان من الممكن إعادة المحتجزين إلى دول الاتحاد الأوروبي التي مروا من خلالها في طريقهم إلى المملكة المتحدة.

وسيُمنح أولئك المعترف بهم لاجئين وضعًا مؤقتًا وسيتعين عليهم إجراء تقييمات إضافية كل عامين ونصف حتى تتمكن وزارة الداخلية من تقييم إمكانية ترحيلهم، ووفقًا لتقرير صادر عن تحالف «معًا مع اللاجئين»، ستكلف الخطط المقترحة دافعي الضرائب البريطانيين 2.7 مليارات جنيه إسترليني سنويًّا، بما في ذلك 717.6 ملايين جنيه إسترليني تستخدم لمراكز الإيواء، و1.44 مليار جنيه إسترليني لإنشاء مراكز الهجرة وتشغيلها.

ونقل التقرير عن صابر زازاي، المتحدث باسم «معًا مع اللاجئين»، والرئيس التنفيذي لمجلس اللاجئين الأسكتلندي، وهو نفسه لاجئ، قوله: «هذا مبلغ ضخم من الأموال العامة الإضافية للمقترحات غير العملية والقاسية في مشروع القانون، وهو ما يكفي لأكثر من 80 ألفًا من العاملين في المجال الصحي في الخدمة الصحية الوطنية سنويًّا».

وأضاف زازاي: «بعد الفرار من أوطانهم خوفًا، والنضال من أجل الحصول على الأمان، ستجعل هذه الإجراءات النساء والأطفال والرجال يواجهون صعوبات جمَّة في السجون، معزولين في بلد آخر إلى أجل غير مسمى، ومنفصلين عن عائلاتهم ويواجهون مخاطر انعدام الأمن والحيرة».

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية لصحيفة «الجارديان» في رده على التقرير في وقت سابق من هذا الأسبوع: «هذه الأرقام مجرد تكهنات، وبينما يفقد كثيرون حياتهم في القنال، سننظر في جميع الخيارات المتاحة أمامنا»، ويُكلف نظام اللجوء القاصر دافعي الضرائب 4.7 ملايين جنيه إسترليني يوميًّا على الفنادق، وهذا هو سبب الحاجة إلى إصلاح عاجل لهذا النظام.

أضاف المتحدث: «وستصلح خطتنا الجديدة للهجرة نظام اللجوء القاصر حتى لا ننفق كثيرًا من الأموال والأوقات على الذين يسيئون استخدامه، وهو ما يُمكِّننا من التركيز على مساعدة مَنْ هم بحاجة حقيقية له». وأفادت «أوبن ديموكراسي» في عام 2020 أنه جرى إيواء طالبي اللجوء في فنادق تعمل أيضًا بيوتًا للدعارة.

وعلى الرغم من استعداد الحكومة البريطانية لتقديم مئات الملايين من الجنيهات للدول الراغبة في استضافة مراكز اللاجئين، فإنها عانت من أجل العثور على أي متلقين محتملين، وأعدت بعض التقارير غانا ورواندا مراكز هجرة محتملة، لكن غانا نفَت منذ ذلك الحين أنها تجري محادثات مع الحكومة البريطانية. وقالت المفوضية العليا الغانية في بيان لـ«آي نيوز»: «حكومة غانا لم تُجرِ أي مناقشاتٍ مع حكومة المملكة المتحدة بشأن إنشاء مركز للمهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى بريطانيا».

وفي العام الماضي، كان يُنظر إلى ألبانيا على أنها مضيفة محتملة، لكنها انسحبت بمجرد ورود أنباء عن مشاركتها في المفاوضات.
انتقاد واسع

ونوَّهت الكاتبة إلى أن 100 شخصية من شخصيات المجتمع المدني وقَّعوا في الشهر الماضي على رسالة مفتوحة إلى مجلس اللوردات، يحذِّرون فيها من أن تمرير مشروع القانون «سينتهك التزام المملكة المتحدة بموجب القانون الدولي بتوفير الملجأ والمرور الآمن، ويرسخ أيضًا نظام مواطنة عنصريًّا ومعاديًا للإسلام في المملكة المتحدة».

وكذلك أدانت منظمات حقوق الإنسان مشروع القانون، قائلة إنه سوف يقوِّض، حال إقراره، اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين والتزامات المملكة المتحدة بموجب اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية خفض حالات انعدام الجنسية.

وفي الشهر الماضي، وصفت جماعة حملة «التحرر من التعذيب» مشروع القانون بأنه «أكبر هجوم على حقوق اللاجئين والناجين من التعذيب منذ 70 عامًا»، وقالت الجماعة نفسها إن خطط إرسال طالبي اللجوء إلى المراكز الخارجية تخرق ثلاث مواد من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

في أكتوبر (تشرين الأول)، خلُص فريق من محامي الهجرة البارزين إلى أن مشروع القانون المثير للجدل ينتهك القانونين الدولي والمحلي بعشر طرق مختلفة على الأقل، واتهم الحكومة بـ«الاستخفاف» بالتزاماتها.
سحب الجنسية

وتطرَّقت الكاتبة إلى جانب آخر من أكثر الجوانب إثارة للجدل في مشروع قانون الجنسية والحدود وهو أن وزارة الداخلية لن تضطر بعد الآن إلى إخطار الأشخاص إذا سحبت جنسيتهم.

وفي الرسالة المفتوحة ذاتها الموجَّهة إلى مجلس اللوردات بشأن مشروع القانون، قالت شخصيات من المجتمع المدني إن مثل هذه الخطوة ستجعل «الملايين في حالة من عدم اليقين المستمر بشأن وضع جنسيتهم»، وأضافت أن «مشروع قانون من هذا القبيل هو طريق للحرمان، بل ترحيل الأشخاص الملوَّنين على نطاق غير مسبوق».

وبموجب النظام الحالي، يجب إخطار الرعايا البريطانيين الذين أسقطت جنسيتهم، ولهم الحق في الطعن في القرار من خلال إجراءات الاستئناف، ويمنح التشريع المقترح، الوارد في البند 9 من قانون الجنسية والحدود، الحكومة بدلًا من ذلك الحق في حرمان شخص ما من الجنسية دون إخطاره إذا لم يكن ذلك ممكنًا عمليًّا، بسبب الأمن القومي أو الاعتبارات الدبلوماسية، أو «لأي سبب آخر».

وبموجب القانون الدولي، يُعد تجريد المواطن من الجنسية غير قانوني، ومع ذلك، تقول حكومة المملكة المتحدة إن بإمكانها تجريد الأشخاص من جنسيتهم إذا كانوا مؤهلين للحصول على جنسية دولة أخرى.

وذكَر «ميدل إيست آي» في تقريرٍ حصري في عام 2017 أن عمال الإغاثة البريطانيين المقيمين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا جُرِّدوا من جنسيتهم وسط مخاوف من أن يُشكِّل العائدون من سوريا تهديدًا أمنيًّا للمملكة المتحدة، واستُخدمت السلطات على نطاق واسع ضد الرعايا البريطانيين المشتبه في ارتباطهم بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مع توالي سقوط المناطق التي يسيطر عليها المتشددون في سوريا والعراق.

ومن بين 172 شخصًا حُرِموا من الجنسية بين عامي 2010 و2018، حدثت 104 من هذه الحالات في عام 2017، وفقًا لأرقام وزارة الداخلية، ولفتت الكاتبة في ختام تقريرها إلى أن وزارة الداخلية وصفت المواطنة بأنها «امتياز وليست حقًّا»، وتقول إن استخدام سلطات سحب الجنسية يقتصر على «أولئك الذين يشكِّلون تهديدًا للمملكة المتحدة أو الذين ينطوي سلوكهم على ضررٍ بالغ».

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

ساسة بوست

شام تايمز
شام تايمز