في ظل الوضع العام المخيم على العالم، ولتفادي التطورات التي قد تحدث على الوضع الاقتصادي الداخلي، تتخذ الحكومة إجراءات تحاول من خلالها عدم اللجوء إلى الأسواق الخارجية وتغطية حاجة السوق من الناتج المحلي، وتأمين السلع للمستهلك بأسعار مناسبة وخاصة مع اقتراب شهر رمضان.
مؤخرا، وافق رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة إيقاف تصدير بعض المواد لمدة شهرين. منها الثوم- بصل –بطاطا -سمنة نباتية- سمنة حيوانية- زبدة حيوانية- زيوت نباتية- بيض- زيت زيتون. بالإضافة إلى تمديد قرار منع تصدير البقوليات بكافة أنواعها وأشكالها. والاستمرار بمنع تصدير المواد التالية (قمح، كافة المنتجات المصنوعة من القمح، معكرونة، فروج).
سيف ذو حدين
يمكننا القول أن قرار ” إيقاف التصدير” سيف ذو حدين، على الوضع الاقتصادي. فهو من جهة سيسبب اكتفاءا من الناتج السلعي المحلي، ولكن ومن جهة أخرى فإن لإجراءات إيقاف التصدير أثرا على ديمومة الإنتاج.
وسبب هذا التأثير أن المزارع عندما يضطر إلى بيع منتجه بأسعار لا تغطي تكاليف إنتاجه، سيؤدي ذلك حتما إلى خسارته. مما سيدفعه في السنة القادمة إلى تخفيف أو حتى إيقاف الإنتاج، أو ربما اللجوء إلى الطرق غير الشرعية كالتهريب لإخراج إنتاجه وبيعه بسعر مضاعف.
المحافظة على السلع
الفريق الحكومي يحاول المحافظة على السلع الأساسية التي من الممكن أن ترتفع أسعارها، من وجهة نظر نائب رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها ورئيس لجنة تصدير في اتحاد غرف الصناعة “لؤي النحلاوي”، ولذلك تم اتخاد قرار الإيقاف المؤقت للتصدير.
وأضاف النحلاوي أنه من الطبيعي أن يسبب إيقاف التصدير الضرر، ولكن في النهاية هو إجراء احترازي تأخده الحكومة لكي لا تسبب نقص السلع الغذائية في السوق المحلية التي يحتاجها المستهلك أو كيلا ترتفع أسعارها بحيث لا يستطيع المواطن شراؤها.
ركود في الإنتاج
يمنع التصدير في حال عدم وجود فائض في الأسواق أو عدم وجود قوة شرائية كي لا تسبب ركود بالمنتج، كما يرى عضو لجنة التصدير بغرفة تجارة وصناعة طرطوس عاصم أحمد.
وأكد أحمد مخالفته للقرارات التي تأخذ بشكل عشوائي دون دراسة، موضحا أن التصدير واجب وطني ورافد كبير للاقتصاد من العملة الصعبة وهو سفير للمنتج السوري للتعريف به حول العالم، منوهاً على استثناء المشاركين من القرارفي معرض غولفوود 2022 استناداً إلى توصية اللجنة الاقتصادية بجلستها رقم /9/.
خسارة المصدر
يرى الخبير الاقتصادي مهند الأصفر أن إيقاف التصدير فجأة دون دراسة أو تنبيه سيسبب خسائر كبيرة للمصدر. خاصة الذي يخرج إلى المعارض ويفتح أفاق جديدة وينفق عليها مبالغ طائلة، في ظل الحاجة للقطع الأجنبي والمحافظة على التعاقدات المبرمة، وعند منع التصدير بشكل مفاجئ سوف يخسر العقود والتكاليف. بالإضافة إلى خسارة الزبائن التي تم التعاقد معها ونتيجة المنافسة سوف يرتبط بأسواق أخرى ولا ينتظر المصدر السوري حتى تسمح القرارات له بالتصدير.
المنعكس الاجتماعي
إضافة للمنعكس الاجتماعي للقرار حيث يوجد العديد من الأسر التي تعتمد في معيشتها على التصدير من سائقي الشاحنات والسيارات…الخ.
وتساءل الخبير ماسبب قرار إيقاف التصدير عندما يوجد اكتفاء ذاتي من السلع ووجود المصانع التي تصنع هذه السلع، مايعني أن السلع موجودة ومتاحة بالإضافة إلى امكانية صنعها؟، فالمتاح باللغة العالمية هو بعد تأمين الاستهلاك المحلي لذلك يجب أن تكون القرارات مدروسة أكثر.
وبحسب الأصفر فإن التصدير هو الحل لوجود تمويل خارجي للمستوردات، وللحد من التهريب الذي سيلجأ إليه البعض.
القوة الشرائية
وعن تأثير إيقاف التصدير على الأسعار بين الخبير الاقتصادي أن الأسعار تحددها القوة الشرائية للحجم النقدي للمواطن. من جهة أخرى فالقوة الشرائية عندما تكون ضعيفة ستؤدي إلى تراكم الإنتاج في الأسواق المحلية، وخروج المنتج من العملية الإنتاجية.
إضافة إلى الاحتكار الذي سيؤدي إلى زيادة الأسعار، وهذا الجانب يجب معالجته من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
خطط متكاملة
ولمواجهة تداعيات الأزمة الأوكرانية، يرى الأصفر أن المسؤولية يجب أن تكون مسؤولية الجميع مع الخطط متكاملة حول الاستيراد والتصدير. إضافة إلى ضبط العمليتان مع بعضهما في ضوء أجور الشحن وأسعار المواد. وأكد الأصفر أنه من الطبيعي أن يؤثر الوضع العام العالمي على سورية مثل باقي الدول.
الحلول المقترحة
ترشيد عملية التصدير بما يسمى التبادل السلعي (المقايضة) أحد المقترحات التي نوه عليها الأصفر، إضافة إلى ربط بيانات المصدرين أو المستوردين مع الجهات المعنية (وزارة الاقتصاد، المالية، الضرائب والرسوم، الجمارك). الأمرالذي سنتج عنه شفافية في التعامل وخاصة عند وجود فائض بمنتج مسعر بسعر التكلفة مع هامش ربح. مما يعني أن الأمور يجب أن تكون جميعها مرتبطة مع بعضها البعض مما يؤدي إلى اتخاد القرار السليم بوقته المناسب.
تراجع عن القرارات
في النهاية لا بد التنويه أن قرارات كهذه يجب اتخادها من قبل جميع الجهات المعنية ذات العلاقة بالمنتج المقرر إيقاف تصديره. ففي حال رغبة الحكومة بمنع التصدير من المهم أن تعطي فترة زمنية مناسبة قبل اتخاد القرار، لا تسبب خسارة للمصدر.
و كما رأينا بالأمس اقترح عدد من المجتمعين في وزارة التجارة الداخلية والصناعة تشجيع التصدير ودعمه. والسماح بأن يتم الاستيراد بعوائد التصدير، فهل نشهد تراجعا عن قرار التصدير؟.
سنسيريا
اقرأ أيضا: اقتصاد القيم