هل ستنسحب روسيا من سوريا بسبب العمليات في أوكرانيا؟
أيهم مرعي
تعدُّ منطقة شرق الفرات في المحافظات الشرقية من سوريا، واحدة من أكثر الجبهات تماساً بين الجانبين الروسي والأميركي، في ظل وقوع القاعدة الروسية في مطار القامشلي، على بعد أقل من 10 كلم عن قاعدة هيمو غير الشرعية للأميركيين، مع التقاء شبه يومي لدوريات البلدين، في عدة جبهات، ما استدعى توقيع اتفاقيات بين الطرفين لضمان عدم التصادم على الأرض.
ومع بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والتصعيد الأميركي الغربي ضد الروس، ومحاولة محاصرة روسيا اقتصادياً، للضغط عليها لوقف العملية العسكرية هناك، يبرز الحديث عن ضغوطات تسعى واشنطن للقيام بها تجاه الروس في سوريا، بهدف الضغط عسكرياً وسياسياً عليهم في هذه الجبهة.
كما بدأت المعارضة السورية حراكاً واسعاً، يهدف إلى استغلال الانشغال الروسي بالأحداث الجارية في أوكرانيا، والعمل على المطالبة برفع صوتها للحصول على أسلحة نوعية، إضافة إلى العمل على المطالبة بمقعدي سوريا في الأمم المتحدة والجامعة العربية، وهو ما لم يلق حتى الآن أي آذان صاغية، في ظل معلومات عن نصائح أميركية للمعارضة بالكف عن هذه المطالب، والتركيز على الجولة المقبلة من محادثات اللجنة الدستورية.
وتؤدي كل تلك المعطيات إلى نشر شائعات وأخبار على مواقع المعارضة السورية ومنصاتها، إلى وجود نيّات روسية لتخفيض روسيا عدد قواتها في سوريا، والانكفاء تدريجياً من عدة مناطق، من بينها مناطق “شرق الفرات” التي تسيطر عليها “قسد”، وهو ما يمكن استثماره عسكرياً، لإحداث تغييرات ميدانية في هذه المنطقة.
لكن على الأرض، لم تظهر أي مؤشرات عن نية موسكو تخفيض عدد قواتها، أو التمهيد لانسحاب من مناطق محددة في سوريا، في ظل استمرار النشاط الروسي بشكل معتاد، مع وصول معدات عسكرية جديدة إلى مطاري القامشلي والطبقة، واستمرار عمل الدوريات المشتركة مع الأتراك، وهو ما يشير إلى اتساع رقعة الحرب الإعلامية ضد الروس إلى سوريا، في محاولة للتأثير على النشاط الروسي في أهم الجبهات الروسية في الشرق المتوسط.
هذا وأفادت مصادر مقرّبة من الروس في شرق الفرات للميادين بأنّه لن يكون هناك أي انسحاب روسي من سوريا أو من شرق الفرات.
وأكدت المصادر أنّ العملية العسكرية في أوكرانيا “لن تؤثر على التزامات روسيا في سوريا”، مشددةً على أنّ “روسيا ضامن أساسي لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد”.
وأضافت المصادر أنّ روسيا “دولة قوية وقادرة على تنفيذ أهدافها في أوكرانيا”، و”لن يكون هناك أي مقايضات بين الملفين”، مشيرةً إلى أنّ النشاط الروسي في سوريا هو “لمكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار وسيستمر لفترة طويلة”.
المصادر المقرّبة من الروس اعتبرت أنّ “الوجود الروسي والتنسيق مع الجانب التركي يحميان المنطقة من عمليات عسكرية”، مؤكدةً أنّ موسكو “تسعى من أجل دعم حوار سياسي بين الدولة السورية والكرد”.
وتابعت: “روسيا مستمرة في عملها من أجل حوار سياسي شامل وهي ملتزمة بضمان ذلك”، مضيفةً أنّ “بعض الدول التي اتخذت مواقف معادية لروسيا بسبب أوكرانيا ستتراجع وتعود إلى التواصل مع موسكو”.
وفي الـ 16 من شباط/فبراير الماضي، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي وصل إلى سوريا لتفقد سير مناورات بحرية روسية في شرق المتوسط.
وهنا أكّد مصدر مقرّب من الجانب الروسي في شرق الفرات، في معلومات خاصة لـ”الميادين نت”، أنّه “لن يكون هناك أي انسحاب روسي من سوريا أو من منطقة شرق الفرات”، كاشفاً أنّ “العملية العسكرية في أوكرانيا لن تؤثر على التزامات روسيا في سوريا”.
وأشار المصدر المقرّب من الروس إلى أنّ “روسيا دولة قوية و قادرة على تنفيذ أهدافها في أوكرانيا، ولن يكون هناك أي مقايضات بين الملفين السوري والأوكراني، كما يروّج من إشاعات”.
وبيّن المصدر أنّ “النشاط الروسي في سوريا موجود من أجل مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار والمصالحة في سوريا، ومن أجل تحقيق مصالح البلدين، وسيستمر لفترة طويلة”.
واعتبر المصدر أنّ “روسيا ضامن أساسي لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد، ووجود القوات الروسية على الأرض في منطقة شرق الفرات والتنسيق مع الجانب التركي ضمن اتفاقيات وقف إطلاق النار، يحميان المنطقة من عمليات عسكرية”.
وأضاف: “الوجود الروسي شرق الفرات هو أيضاً من أجل ضمان الأمن والاستقرار، و حماية السكان، مع استمرار المساعي من أجل دعم حوار سياسي بين الدولة السورية والكرد”.
وقال المصدر: “روسيا ستعمل على التواصل مع ممثلين عن جميع مكوّنات الشعب، من أحزاب و مؤسسات مدنية وعشائر وشخصيات مستقلة ومثقفين، للتشجيع على الحوار وحل جميع المشاكل في المنطقة”، وتابع: “الوجود الروسي في سوريا لا يقتصر على الجانب العسكري، بل هناك عمليات دعم إنساني وأنشطة اقتصادية وثقافية وفي مجالات متعددة، وإنّ بعض الدول التي اتخذت مواقف معادية لروسيا بسبب أوكرانيا ستتراجع و تعود إلى التواصل مع موسكو”، مختصراً العملية الروسية في أوكرانيا بأنّها تأتي في إطار دفاعها عن أمنها القومي والسعي للسلام”.
وعليه، فإنّه من الواضح أنّ موسكو ترى في سوريا جبهة أمامية لمواجهة الأميركيين والغرب، وأنه لا يمكن أن تطرحها في بازار المقايضات السياسية والعسكرية، بل سيكون للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا منعكسات إيجابية على الملف السوري، بعد وصول روسيا لأهدافها من العملية.
الميادين