الإثنين , نوفمبر 25 2024
بين الأتمتة والتوطين .. رغيف الخبز إلى أين

بين الأتمتة والتوطين .. رغيف الخبز إلى أين؟!

اعتدنا الحصول على امتيازات معينة تثبت أحقيَّة كل شخص بامتلاك مخصصاته. إلا أن اليوم باتت الخيارات مقيَّدة وضمن شروط محددة، فرضتها قوانين العمل ضمن ظروف طارئة. كما هو الحال مع مسألة توطين الخبز التي أثارت جدلاً واسعاً بين المواطنين. حيث حملت هذه الآلية متاعب لدى البعض، بينما شكلت حالة طبيعية لدى البعض الآخر.

وفي الوقت الذي كشف فيه وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عمرو سالم عن جاهزية الوزارة للبدء بعملية التوطين. تعالت الأصوات مطالبةً ببقاء الواقع كما هو، من مبدأ أن المخصصات محددة ومحسوبة بدقة. متسائلين عن الجدوى من اعتماد هذه الآلية في هذا التوقيت؟؟

قابلية التنفيذ

تقوم آلية التوطين على اعتماد نقاط معينة للبيع من خلال ربط مجموعة من المواطنين بها. إلا أن الواقع لا يسمح بتطبيق هذا المبدأ برأي الموظف محمود علي. لتفاوت الإقبال بين مخبز وآخر، تبعاً للكثافة السكانية وجودة الخبز.

كما أن مسألة الإلتزام بنقطة بيع محددة تقف عائقاً أمام أصحابها في حال تعطل الفرن برأي الحاج مسعود علي 70 عاماً. لاسيما أن القرار لم يوضح هذه الثغرة التي تسبب إرباكاً للجميع. عدا عن امتناع البعض عن أخذ مخصصاتهم لظروف معينة، مما يحمِّل المخبز كميات إضافية مجهولة المصير.

في حين أن لظروف السفر والتنقل من مكان لآخر معاناة أخرى من وجهة نظر العسكري زياد ابراهيم. الذي بات في حيرة من أمره أمام قرار التوطين. لاعتياده التنقل بين مكان وآخر، مايقف عائقاً في حصوله على الخبز من منافذ أخرى.

إلا أن كل قرار يستلزم ظروف لتطبيقه، وبالتالي كل فرن سيحدد عددالمسجلين لديه وفقاً لطاقته الإنتاجية حسب تصريح وزير التجارة الداخلية الدكتور عمرو سالم. وفي حال بلوغه الحد الأقصى يتم تحويله تلقائياً إلى فرن أو معتمد آخر في الحيز المكاني نفسه.

كما أكد سالم بلوغ عدد المعتمدين في دمشق مايقارب 530 معتمداً. ما يلبي الحاجة كما يتم العمل على زيادتهم في المرحلة القادمة. كاشفاً عن وجود دراسة لإمكانية تجميع الكميات المخصصة للأسرة. للحصول عليها مرتين أو ثلاثة خلال الأسبوع الواحد.

أعباء إضافية

لكل قرار تبعاته، فاعتماد توزيع الخبز ضمن نقاط معينة يستوجب شروط عمل محددة. لضمان وصوله للمستهلك واستمراريته لوقت أطول برأي ربة المنزل صفاء محمد. والذي بدوره يحتِّم على العاملين بالمخبز تبريده وتعبئته بأكياس نايلون، ومن ثم نقله ضمن سيارات معقمة ونظيفة.

إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، فتكاليف النقل واعتماد وسائل نقل تحمِّل البائع تكاليف إضافية، مايجبره على الزيادة بسعر الربطة لما يقارب النصف. هذا ما أكده صاحب البقالية معتز العامر، والذي سيخلق نوعاً من الإستياء لدى المواطنين.

بدوره أوضح مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق سائر شيحا ارتفاع نسبة تحسين جودة الخبز ضمن الريف من 35 إلى 85%. بينما النسبة المتبقية (15%) هي أفران قديمة مهترئة ستعطى مدة 3 أشهر لتحسينها.

وفي حال عدم الالتزام بأعمال الصيانة، سيتم تحويل مخصصات الفرن إلى أفران أفضل من حيث الجودة، او إلغاء ترخيص الفرن وتحويله لشخص آخر. ممن سبق له وقدَّم طلباً لفتح فرن ضمن الشروط والمواصفات القياسية للأفران ذات الجودة العالية.

فوضى التطبيق

لم يلقَ قرار التوطين استحساناً من قبل المواطنين، لاقترانه بتقنيات العمل ضمن برنامج “وين“، الذي لم يخلو من الازدحامات أيضاً. يخبرنا الموظف سعيد عطايا عن تجاربه المتكررة لحجز مكان ضمن أفران منطقته. إلا أن جميعها باءت بالفشل وضمن نتيجة واحدة مفادها “لايمكن تجاوز القدرة الإستيعابية للمعتمد“. متسائلاً عن استراتيجية تطبيق القرار على أرض الواقع؟

في حين طمأن عضو المكتب التنفيذي المختص في محافظة دمشق شادي سكرية المواطنين بأنه لم يتم اعتماد قرار التوطين حتى اللحظة. موضحاً الغاية من الميزة المرفقة عبر تطبيق “وين“. والتي وجدت بهدف الدراسة وتحديد وجمع البيانات قبل اتخاذ القرار بهذا الخصوص.

كما تزامنت إجراءات العمل مع ارتفاع ملحوظ في سعر ربطة الخبز الحر أمام المخابز من ١٥٠٠ ليرة إلى ٢٠٠٠ ليرة. ما استدعى العمل ضمن منافذ محددة لضبط هذا الأمر حسب تصريح وزير التجارة عمرو سالم. مؤكداً وجود عملية فصل لمنافذ بيع المواد المدعومة عن غيرها التي تباع بسعر التكلفة.

وأشار الوزير سالم أن الغاية الأساسية لهذا القرار هو الحد من الازدحامات على الأفران، مع إعطاء حرية العمل بمبدأ التوطين لمن يرغب به.

وبين قبول الأمر ورفضه يتساءل البعض هل ستنجح آلية التوطين في كبح أطماع المتاجرين برغيف الخبز؟! أم أنها ستفتح أبواباً جديدة للتلاعب بقوت المواطن الذي بات رهن التجارب دون معرفة العواقب؟

سنسيريا – بارعة جمعة

اقرأ أيضا: وزير التموين: لن تنقطع أي مادة أساسية من السوق