عندما اقتربت يوم الخميس الماضي، من براكة جباية الكهرباء في المزة، كان جاري قد رجع للتو يحمل فاتورته بيده، ويهلوس قائلاً: «شي بيجلط»..!!
ونصحني ألا أتابع طريقي، حتى لا أصاب بالإغماء.
جلسنا على مقعدي موقف الباص، سألته مستفسراً، فأوضح: طلب مني الجابي، (109930) ليرة سورية، فقلت مستهجناً، هل تمزح… ؟
الفاتورة السابقة عن شهري تشرين الثاني وكانون الأول، كانت 1470 ليرة أي أنك تطلب مني زيادة، مقدارها 108460 ليرة سورية.!!
شيء لا يحتمل أبداً. أكيد هناك خطأ.
ما إن سمع الكلمة الأخيرة حتى أعاد لي ورقتي وقال: بوجهك على المديرية، قدم اعتراضاً.
كانت البراكة مزدحمة بموظفين على غير عادتها وكانوا منهمكين في عد النقود، فهناك فواتير بمئتي ألف ليرة وثلاثمئة ألف ليرة وأكثر، لكن عدد من قرروا الاعتراض كان كبيراً، والكل مندهش ومصدوم، ولسان حالهم، ما هكذا تورد الإبل…!
أخبرني جاري أن الاعتراض يوم الثلاثاء القادم بسبب عطلة عيد الأم، فقلت الله يستر سيكون الازدحام على أشده …! لم أقو على التجاهل سألت الجابي فأعطاني رقماً هو ضعف رقم جاري.
تلقيت الصدمة بهدوء بعد الاستعداد لها.
رجعت إلى دفتري أتقصى محتوياته عن الكهرباء، فوجدت أنه في 1/11/2021، صدرت تعرفة جديدة لأسعار الكهرباء. (خيالية)، نصت على أن سعر الكيلو واط الساعي لكل استهلاك ما بين 1500 إلى 2500كيلو هو 90 ليرة بدلاً من 10 ليرات. وقيل آنذاك أن من يستهلك 600 كيلو واط فقط يحاسب على ليرتين للكيلو الواحد وأن نسبة هؤلاء70 بالمئة من المشتركين بالعادات الكهربائية ومن 600 إلى 1000 كيلو واط 6 ليرات سورية.
ولعلي قلت آنذاك إن فاتورتي على التعرفة الجديدة ستكون عادية ومقبولة ضمن الغلاء في كل شيء.
ولكن أن يصل الأمر إلى مئة ألف ومئتي ألف ليرة سورية ثمن كهرباء في شهرين فهذا لا يحتمل ولم يسبق له مثيل في سورية وقفزة خيالية، ما من عذر يسوغها.
لقد ازداد استهلاكنا من الكهرباء رغم انقطاعها لساعات طويلة. والسبب الجوهري، بحثنا عن الدفء، وهو دواء لأن البرد أساس كل علة.
وليس صحيحاً ما يتم الترويج له من أن البرد ليس سبباً للمرض، رجعت إلى مصادر علمية قرأت فيها، أن أمراض البرد في الشتاء تكثر مثل الكريب والزكام، ذلك أن الفيروس، يحيط نفسه بغلاف سميك في البرد فيبقى حياً وفتاكاً، بينما يذوب هذا الغلاف في الحر، وسرعان ما يموت الفيروس، بعد سقوطه على الأرض.
وصل سعر «بيدون» المازوت الحر إلى 80 ألف ليرة ثم استقر عند 100 ألف ليرة وهو يكفي أربعة أيام…!
إن مستخدمي الأمبيرات في حلب، يتكلفون 40 ألف ليرة في الشهر، إذا استخدموا أمبيرين أسبوعياً.
فلماذا الإصرار على حرمان دمشق من الأمبيرات…؟
منذ أكثر من ثلاثين سنة يعيش أهالي بيروت على كهرباء المحركات الضخمة في الأحياء كلما انقطعت كهرباء الدولة، وكان القسط الشهري آنذاك، عادياً لا يتجاوز العشرين دولاراً يوم كان دولارهم 1500 ليرة لبنانية.
أعتقد أنه يجب إعادة النظر بتطبيق هذه التعرفة الجديدة لتقتصر على شهر واحد لأن استهلاك شهرين يرفع الأرقام إلى مصيدة الغلاء الفاحش. والتريث في تطبيقها إلى حين رصد الاستهلاك الشهري إلكترونياً وليس عن طريق قارئ العداد، وقد يغيب عدة أشهر لأسباب مختلفة.
لقد وعدت الحكومة مستثمري الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء أن يستردوا رأسمالهم خلال 6 إلى 7 سنوات، فإذا كان الحساب على هذه الأسعار التي ستتقاضاها من المستهلكين، فإن المستثمرين لن يعثروا على مستهلكين للتيار الكهربائي ….!
إذا كان علينا أن نفاضل بين الكهرباء، والغذاء والدواء والكساء، فسنختار الطرف الثاني من المعادلة.
راجعوا رواتب العاملين والمتقاعدين وقرروا.
ميشيل خياط
المصدر: الوطن
اقرأ أيضا: وزير الزراعة: إجراءات جديدة لتسويق الحمضيات.. وهذا مصير معمل العصائر