تغير يثير دهشة العلماء في درجة حرارة القطب الجنوبي.. أدفأ 40 درجة مئوية لأول مرة في تاريخه
ذكرت صحيفة Washington Post الأمريكية في تقرير صادر عنها يوم السبت 19 مارس/آذار 2022 أن أشد موقع برودة على الكوكب شهد نوبة من الطقس الدافئ خلال الأيام القليلة الماضية.
حيث سُجلت أدفأ درجة على الإطلاق في هذه المنطقة، وقد ارتفعت درجات الحرارة فوق الغطاء الجليدي في شرق القارة القطبية الجنوبية بنسبة 50 إلى 90 درجة فوق المعدل الطبيعي، وهو ما صدم العلماء.
تغير في درجة الحرارة في القطب الجنوبي
من جانبه قال جوناثان ويلي، الباحث الذي يدرس الأرصاد الجوية القطبية في جامعة غرونوبل ألب في فرنسا، في رسالة بالبريد الإلكتروني للصحيفة: “هذا الحدث غير مسبوق تماماً، وقلب توقعاتنا حول نظام المناخ في القطب الجنوبي رأساً على عقب”.
كذلك فقد قال ويلي إن أجزاء من شرق القارة القطبية الجنوبية شهدت درجات حرارة تجاوزت 40 درجة مئوية فوق المعدل الطبيعي لمدة ثلاثة أيام وما زالت مستمرة. وشبه الحدث بموجة الحر في يونيو/حزيران 2021 في شمال غرب المحيط الهادئ، والتي خلص العلماء إلى أنها كانت “مستحيلة عملياً” لولا تغير المناخ الذي يسببه الإنسان.
ما يعتبر “دافئاً” فوق الحدود المتجمدة والقاحلة لشرق أنتاركتيكا هو بالطبع نسبي. فبدلاً من أن تكون درجات الحرارة تحت -45 أو -51 درجة مئوية، كانت أقرب إلى -18 درجة مئوية أو -12، لكن هذه موجة حرارة هائلة بمعايير أنتاركتيكا.
أكثر درجات الحرارة دفئاً في القطب الجنوبي
في حين يبلغ متوسط درجة الحرارة المرتفعة في “فوستوك”- في وسط الغطاء الجليدي الشرقي- -53 درجة مئوية في مارس/آذار 2022. لكن يوم الجمعة، قفزت درجة الحرارة إلى -17.7 درجة مئوية، وهي أكثر درجات الحرارة دفئاً خلال شهر مارس/آذار 2022 منذ بدء حفظ السجلات قبل 65 عاماً. وهو ما حطم الرقم القياسي الشهري السابق بمعدل مذهل قدره 15 درجة مئوية.
في السياق ذاته يقع مرصد فوستوك الروسي للأرصاد الجوية على بعد حوالي 808 أميال من القطب الجنوبي ويقع على ارتفاع 11444 قدماً فوق مستوى سطح البحر. ويشتهر باحتفاظه بأدنى درجة حرارة سُجلت على الإطلاق على الأرض: -89.2 درجة مئوية، وقد سُجلت في 21 يوليو/تموز من عام 1983.
أكمل ويلي حديثه بالقول إن الأجواء الدافئة فوق القارة القطبية الجنوبية حُفزت عن طريق نهر جوي شديد، أو ممر ضيق من بخار الماء في السماء، على الساحل الشرقي. ووفقاً لنماذج الكمبيوتر، وصل النهر الجوي إلى اليابسة يوم الثلاثاء بين محطتي “ديمون دورفيل” و”كاسي” وأسقط كمية كبيرة من الأمطار، مع احتمال تسببه في حدوث ذوبان كبير في المنطقة.
فيما انتشرت الرطوبة الناتجة عن العاصفة في المناطق الداخلية من القارة. لكن نظام الضغط العالي القوي أو “القبة الحرارية” تحرك فوق شرق القارة القطبية الجنوبية، وهو ما يمنع الرطوبة من الهروب. وكانت القبة الحرارية شديدة بشكل استثنائي، بمقدار خمسة انحرافات معيارية فوق المعدل الطبيعي.
رطوبة مفرطة
كانت الرطوبة المفرطة من النهر الجوي قادرة على الاحتفاظ بكميات كبيرة من الحرارة، في حين أن السُّحب الغنية بالسائل تشع الحرارة إلى السطح- المعروف باسم الإشعاع طويل الموجة الهابط.
كذلك فقد أوضح ويلي أن الهواء الدافئ غالباً ما يُنقل فوق الجزء الداخلي من القطب الجنوبي بهذه الطريقة، ولكن ليس بهذا المدى أو الشدة. وقال: “لم يكن شيئاً رأيناه من قبل. هذه الرطوبة هي سبب ارتفاع درجات الحرارة”.
خروج النهر الجوي من القارة
في سياق ذي صلة تُظهر النماذج أن النهر الجوي سيخرج من القارة حوالي يوم السبت، لكن الرطوبة ستستغرق وقتاً أطول حتى تتبدد. ويمكن أن تستمر درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير طبيعي في المنطقة بداية الأسبوع الحالي.
في حين تسببت درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير طبيعي في بعض الذوبان في المنطقة وفقاً للنماذج، وهو أمر غير معتاد لأن هذا الجزء من القارة القطبية الجنوبية لا يعاني كثيراً من الذوبان. لكن حدث الذوبان الواحد هذا لن يؤثر على استقرار الأنهار الجليدية في تلك المنطقة.
ويلي يقول تعليقاً على ذلك إنه من الصعب عزو هذا الحدث الواحد إلى تغير المناخ في الوقت الحالي، لكنه يعتقد أن ارتفاع درجات الحرارة ساعد في تهيئة الظروف المناسبة لمثل هذا الحدث. وقال إن تغير المناخ هو مثل “إلقاء النرد” لمزيد من المواقف من هذا القبيل.
في السياق ذاته، يدرس ويلي وزملاؤه كيف سيؤثر تغير المناخ على أنماط دوران الغلاف الجوي حول القارة القطبية الجنوبية وما إذا كانت الأنهار الجوية ستصبح أكثر شيوعاً أو أكثر كثافة.
تباين درجات الحرارة
كذلك فمن من المعروف أن درجات الحرارة تتباين بشكل كبير فوق القارة القطبية الجنوبية، كما أن التقلبات الهائلة شائعة. فعلى النقيض من هذه الموجة الدافئة على شرق القارة القطبية الجنوبية، سجل القطب الجنوبي للتو أبرد فترة على الإطلاق من أبريل/نيسان إلى سبتمبر/أيلول في عام 2021، بمتوسط درجة حرارة -61 درجة مئوية.
لكن بعد فترة وجيزة من تلك النوبة الباردة التاريخية، تقلص حجم الجليد البحري المحيط بالقارة إلى أدنى حد له في شهر فبراير/شباط 2022 فقط.
تأثير الإنسان في تغير المناخ
لكن وسط كل التباين في القارة القطبية الجنوبية، لا تزال بصمات تغير المناخ التي يسببها الإنسان واضحة. فالغطاء الجليدي الغربي يفقد كتلته في الوقت الذي تعد الأجزاء الغربية من القارة وشبه الجزيرة من بين المناطق الأسرع ارتفاعاً في درجة حرارة على الأرض.
حيث تهدد درجات حرارة المحيط الدافئة بزعزعة استقرار نهر ثوايتس الجليدي في القارة القطبية الجنوبية، وهو لوح بحجم فلوريدا يساهم بنحو 4% من ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي السنوي.
فيما تتبع درجات الحرارة المرتفعة تاريخياً في القارة القطبية الجنوبية نبضة من الدفء الاستثنائي على الطرف المقابل للكوكب. حيث ارتفعت درجات الحرارة بالقرب من القطب الشمالي، الأربعاء 16 مارس/آذار 2022، بمقدار 50 درجة فوق المعدل الطبيعي، بالقرب من نقطة الذوبان.
اقرأ ايضاً:هل بإمكان برتقالة محروقة إعادة إحياء حاسة التذوق لمرضى كورونا؟