“العيرة” و”السكبة” و”القرضة،” ثلاث عبارات كانت جزءاً من النظام الاجتماعي في مدينة دمشق، مفادها أن لا شيء في بيتنا يخصنا وحدنا، وأن للجيران نصيب منه. العيرة تكون عادة للوازم يومية: سلم، مثلاً، أو مكواية، أو حفارة كوسا، تعاد إلى أصحابها لحظة الإنتهاء منها. حتى أن نساء دمشق كانوا يستعيرون الحلي والأساور واللباس من بعضهم، عند ذهابهم لعرس أو فرح، دون اعطاء أي ضمان بالمقابل طبعاً، مهما بلغ ثمن الأشياء المستعارة.
مع ذلك كان أهل أول يعرفون جيداً أن العيرة غير مستحبة إلا في حالات الضرورة ويقولون: “ثوب العيرة ما بيدفي، واذا دفى ما بيوفي.”
أما “السكبة،” فهي أن نقدم للجيران جزء من طعامنا اليومي، “طبخة” نعرف أنهم يحبونها أو انهم غير قادرون مادياً على تحضيرها. كان أهالي دمشق يعرفون ما يتم تحضيره عند جيرانهم من الروائح الخارجة من مطابخهم. لم تكن السكبة حكراً على الأغنياء ابداً وكان الفقير يسكب للغني أيضاً، ضمن ما تيسر على مائدته، تماشياً مع وصية النبي الكريم بسابع جار. كان رفض السكبة ممنوع وممنوع القول: “ما منحب هي الأكلة.” كانت “السكبة” تخلق نوع من التوازن الإجتماعي داخل الحارات وتكرس التداخل والمحبة بين العائلات. وكان أهالي دمشق يفرقون جيداً بين “السكبة” و”الصدقة،” فمن شروطها أن يعيد الجار الأواني التي ارسل له الطعام بداخلها.
واخيراً كانت “القرضة،” أو “الدين” حيث يقترض المحتاج من الميسور، بطلب شفهي وضمان لفظي، دون اللجوء الى أي سندات أو أوراق. أحياناً كانت “القرضة” لا ترد، عندما يعلم الدائن أن الحالة المادية للمقروض لا تساعد، فتكون عبارة: “قرضة الله حسنة.”
المصدر دليلك في دمشق
اقرأ أيضا: ملكات جمال سورية … أيام زمان