تجمّل الولايات المتحدة الأميركية كل الشرّ الذي تضخه لتفجير الأزمات في العالم بأنّه مساعدات. وفي الأنموذج الأحدث (حرب أوكرانيا) كلّما أكثرت من مساعداتها تزيد من دمار أوكرانيا. وهذا يجعلها أن تضع الاقتصاد العالمي على حافة الخراب. كي تستفيد شركاتها العاملة في النفط والسلاح.
وحددت واشنطن أنّها قدّمت مساعدات بالأسلحة لأوكرنيا خلال أقل من عام ما يتجاوز الملياري دولار. وحتى عند الإعلان عن خطة مشتركة مع الاتحاد الأوروبي بشأن الغاز، سوّقها البيت الأبيض بأنّها (للمساعدة في الاستغناء عن الغاز الروسي). وبالتالي تخفي كلمة (مساعدة) خلفها أرقام الأرباح الباهظة للشركات الأميركية.
بايدن يحرّض وشركاته تربح
لا يمرّ تصريح للرئيس الأميركي أو اجتماع مهم يشير فيه إلى مساعدة أميركية إلاّ ويغازل فيه شركات السلاح والنفط في أميركا، من دون أن يذكرها. ويكاد منصب رئيس الولايات المتحدة غير معني بخدمة مصالح الشعب الأميركي بقدر مهمته بخدمة شركات السلاح الكبرى وشركات النفط. من جهة أخرى كي يمرر صفقات لصالحها لابد من أن يخاطب شعوب حلفائه (بشعار المساعدة). كما أن هذا ينجح بوضوح مع الحليف الأوروبي الذي يسدد للخزينة الأميركية بعدما انقاد إلى لعبة سياسية واقتصادية عالمية تحركها واشنطن.
ويتوضح الاستنفار اليومي لتحضير الظروف المناسبة والإلزامية لزيادة تصدير الغاز الأميركي المسال إلى دول الاتحاد الأوروبي بنحو 15 مليار متر مكعب إضافي بحلول نهاية العام الحالي، و50 مليار متر مكعب حتى عام 2030 على الأقل، وبكل ما يحمله ذلك من أرباح لشركات الغاز الأميركية.
وإنّ توجهات وتطبيقات تعزيز قدرات حلف ناتو في جناح أوروبة الشرقية، وزيادة الإنفاق العسكري لدى الدول الأوروبية. بالإضافة لتدفق السلاح على مدار الساعة إلى أوكرانيا. لايعني سوى المزيد من عقود تقيمها وزارة الدفاع الأميركية لتأمين السلاح من شركات (لوكهيد مارتن و بوينغ و نورثروب غرومان ورايثيون..وغيرها..).
من جهة أخرى لا تجد واشنطن صعوبة في تمرير توجهاتها على الأوروبيين على الرغم من ارتفاع التكلفة عليهم. وذلك لأنّهم منغمسون في ورطة الضخ اليومي لأسطوانة (حماية الأمن والسلام في أوروبا. وبالتالي فتجد دول الاتحاد الأوروبي نفسها مرغمة على إلغاء حاجتها للنفط والغاز الروسيين. ولأنّ البديل الأميركي لا يكفي تضع واشنطن نفسها كمشجع لتعود أوروبة إلى مصادر الطاقة النووية بكل مخاطرها والبحث عن أي مصدر للطاقة (حتى لو لم يكن نظيفاً).
الصراع العالمي على سوق النفط والغاز
وتتغاضى دول الاتحاد الأوروبي عن الفهم الحقيقي للصراع العالمي على سوق النفط والغاز. حيث وضعت دوله نفسها كأداة طيعة في يد واشنطن بمواجهة روسيا. وما من عقل أوروبي حتى الآن يحسب خطورة مخطط حرمان الأسواق العالمية والأوروبية من الإنتاج الروسي الذي يشكل ثاني أكبر مصدر للنفط والغاز في العالم. مع أنّ خبراء بالجملة يحذرون من إمكانية أن يؤدي التصعيد الاقتصادي بمواجهة الروس إلى التصعيد الأخطر بأسعار النفط والغاز وخلخلة اقتصاد أوروبة قبل غيرها.
وهاهي الدول الأوروبية تئن من ارتفاع بلغ حتى الآن 30 بالمئة في أسعار النفط والغاز. وارتفاع تكلفة السلع وزيادة التضخم في اقتصاداتها، فكيف إذا تصاعد الأمر إلى أضعاف ذلك؟!
ومع تسيير واشنطن للبوصلة الأوروبية باتجاه إلزام دول الاتحاد الأوروبي التحضير للبنية التحتية التي تتيح استقبال غازها المسال. فإنّها أيضا تحضّر أوروبة كي تصبح الخزان الأوّل لاستقطاب السلاح الأميركي. وذلك كي ينافس خزّان الشرق الأوسط الذي كثيراً ما شكّل الخزان الأكبر للسلاح الأميركي. وذلك لكثرة ما افتعلت فيه واشنطن من حروب وفتن و(مساعدات)!.
المصدر: الثورة
اقرأ أيضا: أوقفوا القرارات الحكومية… السوريون تحت خط الفقر بكثير!