السبت , نوفمبر 23 2024
عبد الباري عطوان: ما هي الخطايا السِّت التي ارتكبها عمران خان ودفعت أمريكا وحُلفاءها للتّآمر للإطاحة به؟

عبد الباري عطوان: ما هي الخطايا السِّت التي ارتكبها عمران خان ودفعت أمريكا وحُلفاءها للتّآمر للإطاحة به؟

عبد الباري عطوان: ما هي الخطايا السِّت التي ارتكبها عمران خان ودفعت أمريكا وحُلفاءها للتّآمر للإطاحة به؟

ربّما نجا رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان من مُؤامرةٍ أمريكيّة أرادت الإطاحة بحُكمه عبر تحريض أحزاب المُعارضة بسحب الثّقة من حُكومته في البرلمان وقيامه بضَربةٍ استباقيّة، بتحالفه مع رئيس الدولة عارف علوي، وإقناعه بالمُوافقة على طلبه بحلّ البرلمان، والدّعوة إلى انتخاباتٍ عامّة في غُضون ثلاثة أشهر، لكنّ المُؤامرة الأمريكيّة لن تتوقّف، وربّما تمتد إلى ترتيب انقلابٍ عسكريّ، فالجيش الباكستاني هو الحاكِم الفِعلي، وقام بأربعة انقلابات مُنذ تأسيس باكستان مُعظمها، إن لم يكن كلّها، بترتيبٍ أمريكيّ، وهُناك بعض الجِنرالات المُوالين لها في صُفوفه.

***

الخطايا الكُبرى التي ارتكبها عمران خان في نظَر الولايات المتحدة ودولتها العميقة ودفعتها للتّآمر للإطاحة به تتلخّص في عدّة مواقف وسياسات أقدم عليها:

الأوّل: رفضه المُطلق لوقف الدّعم لحركة طالبان الأفغانيّة، والوقوف خلف نجاحها في التّعجيل في هزيمة الولايات المتحدة، وانسِحابها المُهين من أفغانستان العام الماضي.

الثاني: انحِيازه للصين، وانضِمامه إلى مُبادرتها “الحِزام والطّريق” وتوقيعه مُعاهدة تعاون اقتصادي معها تبلغ قيمتها الأوليّة حواليّ 62 مِليار دولار تشمل تعاونًا اقتصاديًّا ضخمًا، تُغنيه عن الولايات المتحدة.

الثالث: تأييده للاجتِياح الروسي لأوكرانيا، وذهابه إلى موسكو في بداية الأزمة، والحفاوة البارزة التي لقيها من الرئيس فلاديمير بوتين.

الرابع: إقامة علاقات استراتيجيّة قويّة جدًّا مع إيران، وكسره للحِصار الأمريكي المفروض عليها، واتّهامه بتقديم مُساعدات لتطوير برامجها النوويّة.

الخامس: تأييده المُطلَق للقضيّة الفِلسطينيّة، ورفضه الانخِراط في عمليّة التطبيع، وسلام أبراهام مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي، ومُقاومة كُل الضّغوط الأمريكيّة والعربيّة في هذا الصّدد.

السادس: رفض طلبات أمريكيّة عديدة لإقامة قواعد عسكريّة على أرض بلاده التي لها حُدود مُشتركة مع الصين، والزّج بالجيش والمُخابرات الباكستانيّة للعمل تحت القِيادة الأمريكيّة قي أفغانستان لمُحاربة الطالبان، ودفع الأخيرة للانحِياز إلى الصين ومنع أيّ عمل إرهابي ضدّها.

إدارة الرئيس الأمريكي السّابق دونالد ترامب جمّدت مُساعدات سنويّة لأفغانستان في حُدود ثلاثة مِليارات دولار كورقة ضغط لوقف ما يُسمّى في حينها بدعم الإرهاب في أفغانستان، وعدم التِزامها باتّفاقاتٍ أمريكيّة لمُحاربة تنظيم طالبان، وكذلك رفض إرسال قوّات للقتال في اليمن إلى جانب التحالف السعودي الإماراتي، وقطع العلاقات مع إيران، وعندما وصل الرئيس جو بايدن إلى الحُكم أبقى على الوضع نفسه، ولم يُجْرِ أيّ اتصال مع الرئيس خان، وازدادت الفجوة اتّساعًا عندما احتفل الأخير بطَريقةٍ لافتة بانهِيار الاحتِلال الأمريكي، والانسِحاب الفوضوي من أفغانستان.

السيّد عمران خان لم يكشف سرًّا عندما وجّه رسالةً إلى الشعب الباكستاني قال فيها إن الولايات المتحدة تُريد الإطاحة بحُكومته لأنّه رفض السّماح لها بإقامة قواعد عسكريّة على أرض بلاده، لأنّ القرار بإسقاطه جرى اتّخاذه من قبل الدولة الأمريكيّة العميقة، مُنذ فوز تكتّله بالانتخابات البرلمانيّة الأخيرة، ونجاحه بالإطاحة بالحُكومة الفاسدة التي سبقته، وبات تنفيذ هذا القرار مُلِحًّا، بعد زيارة خان إلى موسكو، وانضِمامه إلى الحلف الصيني الروسي الإيراني والكوري الشمالي ضدّ الولايات المتحدة، وحربها في أوكرانيا.

ربّما تكون “الغلطة” الأكبر التي ارتكبها السيّد عمران في نظر أمريكا، هي دعمه المُطلَق للقضيّة الفِلسطينيّة، وانتِقاداته العلنيّة للعالم الاسلامي الذي فشل في التصدّي للمشروع الصهيوني العُنصري، ووقف مجازره في حق الشعب الفِلسطيني، وهو الموقف الذي اتّخذه مُنذ أن كان طالبًا في جامعة أكسفورد البريطانيّة، ورئيسًا لاتحاد الطّلبة، وقد تبنّت الموقف نفسه زوجته الأولى، وأُم أطفاله السيّدة جمايما خان، التي أسلمت، وكتبت العديد من المقالات في الصّحف البريطانيّة ضدّ العُدوان الإسرائيلي على قِطاع غزّة.

***
الرئيس عمران لم يكن طائفيًّا رُغم المُغريات الخليجيّة للوقوف ضدّ إيران، وكان مُتَقشِّفًا مُتواضعًا في حياته الشخصيّة، حيث رفض الإقامة في القصر الجمهوري الذي يضم أكثر من 500 خادم وخادمة، وعاش في منزله البسيط، وكان يُنفق من أمواله الخاصّة، ولا يُكلّف ميزانيّة الدولة ملّيمًا واحدًا، ولم يملك المصانع وآلاف الهكتارات، ويُوظّف أقاربه في المناصب الهامّة في الدولة مثلما فعل رئيس الوزراء الذي سبقه نواز شريف وغيره.

لا نعتقد أن المُؤامرة ضدّه ستتوقّف حتى بعد فوزه بالجولة الأولى بالضّربة شِبه القاضية على حُلفاء أمريكا، وإجهاض مُحاولة إسقاطه من الحُكم، والدّعوة لانتخابات عامّة تطبيقًا للدستور، فالخوف، كُل الخوف، أن تلجأ أمريكا إلى الجيش، وتحريضه على القِيام بمُحاولةٍ انقلابيّة للسّيطرة على الحُكم، وإعلان حالة الطّوارئ، وفي هذه الحالة ربّما تغرق الباكستان في حالةٍ من الفوضى.. واللُه أعلم.

راي اليوم

اقرأ ايضاً:قصف تركي يطال قرية سورية بريف الحسكة الشمالي الغربي