الثلاثاء , نوفمبر 26 2024
"خسى الجوع".. مسلمون ومسيحيون في مبادرة لإطعام الصائمين في سوريا

“خسى الجوع”.. مسلمون ومسيحيون في مبادرة لإطعام الصائمين في سوريا

“خسى الجوع”.. مسلمون ومسيحيون في مبادرة لإطعام الصائمين في سوريا

مع اشتداد منعكسات الحصار الأمريكي على بلدهم، بدأ العمل الخيري يتخذ ركنا أساسيا في حياة الكثير من السوريين.

ومع تزايد نسب الفقر، بدأت المنظمات الخيرية بتوسيع رقعة تغطيتها لاستيعاب الوافدين الجدد إلى صفوف العاجزين عن تلبية متطلباتهم الأساسية جراء التراجع المضطرد في المؤشرات الاقتصادية بعدما تراكم الحصار فوق طبقات من الأزمات العالمية.

في الأيام العادية، قد يصعب على المحتاجين توفير احتياجاتهم الغذائية، إلا أنهم، وعطفا على الثقافة السائدة خلال رمضان، يمكن لمعظمهم الركون إلى المبادرات الخيرية التي تنطلق بكثافة خلال الشهر المبارك في مختلف المحافظات.

هذا العام، ثمة مفارقة غريبة رصدتها “سبوتنيك” خلال جولاتها على المطابخ الخيرية، فبعض روادها لا يصنفون ضمن خانة المحتاجين، إلا أن أزمات الكهرباء والغاز والمشتقات النفطية التي كرسها استمرار الجيش الأمريكي بنهب حقول النفط والغاز السورية، دفعهم إلى تلك المطابخ للحصول وجبات إفطارهم بعدما عجزوا عن الطهي في منازلهم.

“خسى الجوع”.. مسلمون ومسيحيون يطعمون الصائمين

للعام التاسع على التوالي يواصل متطوعو جمعية “ساعد” تنفيذ مبادرتهم الرمضانية “خسى الجوع” إلى جوار جامع بني أمية الكبير في العاصمة السورية دمشق، وتمكن هؤلاء الشباب والشابات من تقديم أكثر من /4/ ملايين وجبة طعام على مدار السنوات الماضية.
في هذه المبادرة وغيرها يحرص عدد كبير من المتطوعين المسلمين والمسيحيين على المشاركة وتقديم المساعدة في تحضير وإيصال الوجبات إلى الأهالي الصائمين دون أي مقابل، فيما يقوم أفراد ومؤسسات المجتمع الأهلي بتقديم المواد الغذائية والعينية اللازمة للمبادرة التي تأتي هذا العام في ظروف صعبة تعيشها فئة كبيرة من السوريين نتيجة الحرب والحصار وسوء الأوضاع الاقتصادية.

“المجتمع المحلي فاجأنا”

في هذا المنحى أوضح مدير ومؤسس جمعية “ساعد” عصام حبال في حديث خاص لـ سبوتنيك عن عمل الجمعية ومبادراتها أنه “تم تقديم /3500/ وجبة في اليوم الأول من شهر رمضان وأن هذه الكمية ستزداد خلال الأيام القادمة من خلال الدعم الذي تتلقاه الجمعية من المجتمع المحلي” مضيفاً: “كنا نخشى أن يكون هناك نقص في المواد هذا العام، لكننا فوجئنا بأن المجتمع المحلي بدأ بتقديم الدعم والمواد منذ شهر، حيث بدأنا منذ ذلك الوقت التحضيرات لمبادرتنا في شهر رمضان”.

وأوضح حبال أنه “منذ انطلاقة الجمعية عام 2013، وهي تسعى لإيجاد حلول لمشكلات المجتمع السوري بشكل أو بآخر، لاسيما الحالات التي تتطلب عملاً إسعافياً.

وتابع: “يتألف الفريق الإداري للجمعية من /45/ شخص إضافة إلى عدد كبير من المتطوعين الذين يصل عددهم إلى /3000/ متطوع، ويرغبون بالمجيء يومياً لتقديم المساعدة رغم أنه مطلوب تواجد المتطوع ليوم واحد فقط”.

وأشار حبال إلى أن مطبخ جميعة “ساعد” بدأ من دمشق وانتقل إلى عدد من المحافظات السورية بهدف تقديم المساعدة للجميع، فهناك حالياً أربعة مطابخ لمبادرة (خسى الجوع)” في دمشق وريفها وفي حلب والقنيطرة وسيكون هناك مطبخ في الحسكة قريباً وكذلك في حماة وطرطوس وبقية المحافظات، فهدفنا الوصول إلى كل بيت وكل حي وكل مدينة”.

“رمضان يمثل تنوعنا”

بدورها تحدثت لـ سبوتنيك المتطوعة إيفا عجان، وهي طالبة جامعية، عن دافعها للعمل في الجمعية فقالت: “أنا طالبة علم اجتماع من محافظة حمص متطوعة في الجمعية منذ عام 2013 وأقيم في دمشق منذ 15 عام، دافعي للعمل كان الشغف بأن أكون هنا في شهر رمضان، فهذا الشهر يشبه الفسيفساء السورية، ويمثل تنوعنا كسوريين، ويجعلنا نعيش العمومية السورية، لكي نمتلك ثقافة المساعدة والتي يجب أن يمتلكها جميع الناس وليس فقط السوريين”.

وأردفت: “كلنا بحاجة لتقديم المساعدة ليس فقط من خلال تقديم الطعام للناس؛ بل من خلال تقديم الصدقة (التبرعات) والمحبة والمواساة، فشهر رمضان هو منطلق لما بعده من الشهور والأوقات، وطالما نحن نحب بعضنا البعض فحتماً هناك خير دائماً، وهي حالة تعيشها أنت كشخص متطوع ولا يمكن لأحد أن يزرعها فيك، وبمقدار ما تعطي فأنت ستأخذ بالمقابل حين تعطي في أكثر من مكان”.

وتابعت:” في الحرب عملنا كي تكون لدينا حلول بديلة، وقد تجاوزنا الكثير من المشكلات، وأنا حاولت كإنسانة أن أبقى واقفة طيلة السنين الماضية أمام الأزمات”.

سوريا بحاجة الشباب

علي سعيد متطوع في الجمعية قال لـ سبوتنيك: “منذ عام 2013 وأنا أحضر إلى مطبخ الجمعية في شهر رمضان، وأحرص على التواجد على حساب وقت عملي، لأن سوريا بحاجتنا نحن الشباب الذي بقوا فيها، لكي تعود أفضل مما كانت عليه من قبل، وهذا هو سبب تواجدي هنا مع بقية الشباب والشابات المتطوعين”.

بدورها صرحت لـ سبوتنيك المتطوعة ريم سمير بالقول: “جئت إلى هذا المكان لأني أحبه وأعتبره نوع من الزكاة (فريضة عن المسلمين)، ونحن نقدم الطعام لكي يتناوله الصائمون ونشعر بالسعادة ونحن بين الناس، وأصبح لدينا أصدقاء كثر في الجمعية لديهم هدف واحد”.

معظم السوريين يعانون أوضاعاً صعبة

المتطوعة حنين قالت لـ سبوتنيك: “جئت لتحقيق هدف معين وهو مساعدة الناس من خلال هذه المبادرة اللطيفة التي أحببتها، فمن خلالها نقدم المساعدة، ونحن قادرون على ذلك، وأعتقد أن هذا العمل سيعود إلينا في النهاية، فمعظم الناس يعانون من أوضاع معيشية صعبة، إلا أن هناك من يستطيع المساعد ويقوم بتقديمها”.

4 ملايين وجبة خلال الحرب

وقد قدمت جمعية “ساعد” من خلال مبادرة “خسى الجوع” /4/ ملايين وجبة طعام طيلة سنوات الحرب الماضية في سوريا بمعدل يتراوح بين 300 ألف- 400 ألف وجبة سنوياً، وقد تأسست عام 2013 من خلال مجموعة شبابية تهتم بتنفيذ مبادرات وإيجاد حلول جذرية لمشكلات المجتمع بالتعاون مع الجهات المهتمة بقضايا الشباب، وقد قامت بتنفيذ العديد من الحملات والمبادرات الإغاثية من خلال توزيع الطعام والملابس إلى الفئات الأشد عوزاً في المجتمع إلى جانب القيام بمشروعات تهدف لخدمة المجتمع السوري بجميع أطيافه.

ويحرص متطوعون من بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس على المشاركة في مبادرة الجمعية والتواجد أمام الجامع الأموي في (ليلة القدر) في اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان حيث يقومون بتجهيز وتقديم وجبة السحور للمصلين القائمين في المسجد الأموي في أجواء من الأخوة والمحبة في حالة لطالما تميز بها السوريون قبل وأثناء الحرب، ولازالت مستمرة إلى يومنا هذا.

اقرأ ايضاً:“حتى الناعم صار قاسي”.. الفلتان في الأسواق يكذّب التصريحات المنفصلة عن الواقع