الجمعة , نوفمبر 22 2024
الى الضربة النوويّة الأولى

الى الضربة النوويّة الأولى

الى الضربة النوويّة الأولى

حن اللاشيء في لعبة الأمم. القباقيب البشرية في أقدام آلهة القرن. لا مكان لنا، ولا يد لنا، في صناعة الحدث، لا بد أن نسأل لماذا ظل حجر قايين يتدحرج عبر الأزمنة الى أن استقر في عقر دارنا ؟

أمام الأعاصير التي تعصف بالعالم، ولا ندري أين يمكن أن تلقي بنا، أي شعور بالهلع يفترض أن يعترينا الآن ؟

هذه المرثية في وصف أحوالنا كتبتها بعد الاطلاع على عشرات المقالات، والأبحاث، في الصحف، والدوريات، الأميركية، والأوروبية، الكبرى. صحافيون، وساسة، وديبلوماسيون، ومفكرون، وفلاسفة، يدفعون بالأوضاع الى الانفجار الكبير(BIG BANG ). خارطة الطريق : ازالة الأنظمة الايديولوجية، من الصين وروسيا الى ايران وفنزويلا وبيلاروسيا، واحلال أنظمة ليبرالية محلها.

حتى الهند، وحيث السلطة بيد الهندوس المتشددين، تشعر بالقلق من أن تلقى على قارعة القرن، والعودة الى «الزمن الانكليزي»، دون أن يكون بالامكان ظهور رجال على شاكلة المهاتما غاندي، أو جواهر لال نهرو. هكذا القوى الأمبراطورية تخوض الصراع حول «مقصورة القيادة»، لتغدو الكرة الأرضية بحاجة الى كاتب مثل دانتي لا ليضع الكوميديا الالهية بل ليضع التراجيديا الالهية!

الليبرالية، الطفلة الانكليزية الزرقاء العينين، كما وصفها النيجيري وول سوينكا، الحائز نوبل في الآداب، هي من يفترض أن تسود البشرية، بدل الايديولوجيات الماورائية بالبعد التوتاليتاري أو بالبعد الثيوقراطي. هكذا قال آباؤها من توماس مور وتوماس هوبز وآدم سميث، الى جون ستيوارت وميلتون فريدمان وفريدريتش هايك، وحتى الى ايمانويل كانط ونيكولا مكيافيلي.
ad

برنار ـ هنري ليفي، بالدورالمحوري في خراب بعض البلدان العربية، وكان قد قال باستحالة التحول من العقل القبلي الى العقل المؤسساتي، يدعو الى تحطيم كل التماثيل التي من «الرخام الاصطناعي»، وعلى رأسهم فلاديمير بوتين، وشين جينبينغ، وآية الله خميني، باعتبار أن تماثيل جو بايدن، وبوريس جونسون، من المرمر …

لا مجال للنظر الى المشهد من النافذة الأوكرانية. الصحف الغربية ترى في الحرب الحالية المدخل الى بلورة المسار الفلسفي، بشقيه السياسي والاقتصادي، للكوكب.

لا عبارة تقريباً عن الشرق الأوسط باستثناء اشارات من الفيلسوف اليهودي الفرنسي آلان فينكيلكروت، الخائف على مصير اسرائيل كدولة توراتية. البلدان الأخرى مزيج من الفتات العثماني، والبيزنطي.

اذاً، وكما يدعو صاحب «هزيمة العقل»، و «الهوية البائسة»، لا بد من صياغة بديلة لتركيبة سايكس ـ بيكو. الآن، الكلمة للثنائي الأميركي ـ الاسرائيلي. الحاخامات، باسنانهم الصفراء، هم من يرسمون الخرائط. كل شيء يبدو جاهزاً لفعل ذلك الى حد الايحاء بأن ما حصل في سوريا، وما يحصل في لبنان والعراق واليمن، مبرمج بدقة الى اللحظة التي يصار فيها اعادة ترتيب الركام.

معلقون دعوا ميخائيل خودوركوفسكي، عراب المافيات في روسيا، وكان رئيس مجلس ادارة شركة «يوكوس» النفطية قبل أن يزجه بوتين في السجن لارتكاباته الفظيعة في نهب المال العام، الى تشكيل «حكومة روسيا الحرة».

خودوركوفوسكي، كبير «اللوردات» اليهود في روسيا وقد تردد أنه أودع ثلثي ثروته (15 مليار دولار) في مصارف اسرائيلية، سبق وقال باعادة النظر في «انهاء الفوضى القبلية، والايديولوجية، في الشرق الأوسط»، باعتبار أن الدول العربية كيانات هجينة، ما يقتضي اقامة كيانات بديلة، على أن تدار، مرحلياً، من أورشليم.

سخر كثيراً من «غباء التاريخ» في المنطقة. صوّره على شكل بغل يجر عربة الموتى. هذا التاريخ الذي، في نظره، يغتصب الجغرافيا …

المهم الاّ عودة الى الحرب الباردة لعدم اعطاء روسيا والصين الوقت لحصار أميركا، ربما قبل حلول منتصف القرن. توماس فريدمان الذي فتنه قرع الطبول دعا الى «قطع رأس التنين، سواء كان صينياً أم روسياً».
ad

اذ يبدو القيصر وقد غرق في الوحول الأوكرانية، قد لا يرى الحل الا باللجوء الى الخيار النووي. من هنا كانت دعوة فريدمان الى أن تكون الضربة الأولى أميركية «كي لا نكون ضيوف شرف على الجحيم!!».

نبيه البرجي- الديار

اقرأ ايضاً:لماذا لا يمكن لموسكو تعويض خسارة الطراد موسكفا؟