الجمعة , نوفمبر 22 2024
نقطة تحوّل: ماريوبول بيد روسيا

نقطة تحوّل: ماريوبول بيد روسيا

أنجزت موسكو مهمّة السيطرة على مدينة ماريوبول الأوكرانية الاستراتيجية، مع تشديد الحصار على مَن تبقّى من القوات الأوكرانية وحلفائها في المدينة. وسيكون لهذا التطور أثر بالغ على مجرى المعارك في جنوب دونباس، حيث بدأت روسيا مرحلة جديدة من العمليات هناك للسيطرة على كامل الإقليم. كما ستكون له تداعياته على مسار المفاوضات، التي جدّدت موسكو تأكيدها أن مصيرها متوقف على تجاوب كييف مع المطالب الروسية

موسكو | حقّقت القوات الروسية إنجازاً مهماً، بسيطرتها على مدينة ماريوبول جنوب أوكرانيا، وهو ما سيكون له أثر بارز على سير المعارك في جنوب دونيتسك. وأمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، القوات المسلحة الروسية بضرورة إحكام الحصار على القوات الأوكرانية و»المرتزقة» المتحصنين في مباني ومنشآت مصنع التعدين «أزوف ستال»، آخر معاقلهم في المدينة. وأوْلى بوتين، في كلمة خلال لقائه وزير الدفاع سيرغي شويغو، الأولوية الدائمة للحفاظ على حياة الجنود والضباط، وبناءً عليه أصدر أوامره بعدم اقتحام المجمع الصناعي مع إحكام الطوق وإغلاق المنطقة «كي لا تمرّ ذبابة إلى داخلها». كذلك، جدّد بوتين دعوة الجنود الأوكران و»المرتزقة» إلى إلقاء السلاح، مع ضمان الجانب الروسي حياة المستسلمين ومعاملتهم بشكل لائق وفق القوانين الدولية وتقديم العناية الطبية للجرحى. من جهته، كشف شويغو، الذي أبلغ بوتين بتحرير مدينة ماريوبول بالكامل، أن الميليشيات القومية المتطرفة تركت خلفها أسلحة ثقيلة، بما فيها دبابات وراجمات صواريخ ومرابض مدفعية ثقيلة، مع صواريخ موجّهة عالية الدقة، إضافة إلى منظومات صواريخ «توتشكا» التي يمكنها الوصول إلى مدينتَي تاغانروغ وروستوف الروسيتَين على نهر الدون. وعلى رغم تجديد موسكو عرضها على المقاتلين الأوكران و»المرتزقة» إلقاء أسلحتهم مع ضمان سلامتهم، إلا أن سلطة كييف لا تزال تمنع هؤلاء من التفاوض على استسلامهم. كما وردت معلومات عن قيام مقاتلي كتيبة «آزوف» النازية بإعدامات ميدانية للجنود الأوكران الراغبين بإلقاء أسلحتهم. وكان رئيس المركز الوطني الروسي لإدارة الدفاع، اللواء ميخايل ميزينتسيف، أعلن أن القوات الروسية فتحت ممرّاً آمناً لخروج المسلحين المستعدين للاستسلام من منطقة «آزوف ستال»، لافتاً إلى أن المحاصَرين في المجمع «في وضع حرج من دون طعام ومياه ويناشدون كييف السماح لهم بالاستسلام ولكن قيادتهم ترفض طلبهم».

ميدانياً، وصلت قوات «جمهورية لوغانسك الشعبية» إلى محيط ضواحي مدينة خاركوف، بعد سيطرتها على الطرق الرئيسة المؤدية من وإلى لوغانسك. ووفقاً لوزير الداخلية في «الجمهورية»، إيغور كورنيت، فإن السيطرة على تلك الطرق ستسهّل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق «المحررة»، وضمان إيصال الإمدادات اللوجستية التي تحتاجها الجبهات. كذلك، رصدت القوات الأوكرانية تقدّماً للقوات الروسية في محيط محور مدينة تشوغويفا جنوب شرقي خاركوف، وهو ما فسّره الخبراء الروس على أنه استطلاع بالنار لمواقع تحصينات الأوكران ودفاعاتهم.

قال لافروف إن نتيجة المفاوضات مع أوكرانيا تتوقف على تجاوب كييف مع المطالب الروسية

ونظراً لخصوصية جغرافيا المنطقة، لا يستبعد الخبراء العسكريون قيام القوات الروسية بتنفيذ عمليات نوعية خاصة لإزالة العوائق التي تمثّلها تحصينات القوات الأوكرانية في تشوغوييف، ومن بعدها جنوباً مدينة زميوف، ما يتيح التحرك وتنفيذ مرحلة متقدمة من الهجوم المقرَّر باتجاه الغرب لإحكام الحصار على خاركوف. وبحسب المؤشرات، فإن السيطرة التامة على خاركوف وغيرها من المدن في المنطقة أصبحت واقعاً ممكناً، وفق المصادر العسكرية المطّلعة. ولفتت المصادر إلى أن انتزاع خاركوف بات ضرورة لحماية الحدود الروسية الغربية، ومنع استهداف القرى والبلدات الروسية المحاذية للحدود، على عمق 10-12 كلم بقذائف الهاون الأوكرانية، وهو ما تكرر أخيراً في مقاطعة بيلغورود الحدودية. أما على جبهة دونباس، فإن القوات الروسية تعمل للسيطرة على غوساروفكا، النقطة التي تحتلّ أهمية استراتيجية للتقدم والسيطرة على مزيد من المناطق شمال الإقليم. ومع هذا، يستبعد الخبراء العسكريون الروس إنجاز عملية إسقاط الإقليم سريعاً، وذلك بناءً على التكتيكات التي تتبعها القوات الروسية حالياً.

سياسياً، أعلن المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن روسيا تنتظر الردّ الأوكراني على مقترحاتها. وقال بيسكوف للصحافيين إن «تصريح فلاديمير زيلينسكي عن أنه لم يتلقّ ولم يطّلع على مسودة الوثيقة التي قدّمتها روسيا إلى الجانب الأوكراني، يثير تساؤلات». بدوره، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنه لا مستقبل للمفاوضات مع أوكرانيا إذا لم تأخذ الأخيرة مطالب بلاده في الاعتبار. وحمّل لافروف، في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، مسؤولية الوضع الإنساني المعقّد في مناطق القتال، للكتائب القومية اليمينية المتطرفة، التي «تستخدم المدنيين دروعاً بشرية، وتمنعهم من الانسحاب عبر الممرّات الإنسانية التي يوفرها العسكريون الروس بانتظام». من جهته، رأى تشاويش أوغلو أن دولاً في حلف «الناتو» تريد استمرار الوضع في أوكرانيا على حاله، لافتاً إلى أن أنقرة تعارض العمل كضامن لأوكرانيا على غرار المادة الخامسة من ميثاق «الناتو»، مبيّناً أنه من الضروري فهم العملية نفسها، وما هي هذه الضمانات، وأن تقبل جميع الدول الضامنة الشروط». في المقابل، جددت كييف تأكيدها أن المفاوضات ستتوقف إذا سيطرت القوات الروسية على مدينة ماريوبول. وأعلن مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولياك، الاستعداد لعقد جولة خاصة من المفاوضات في ماريوبول من دون أي شروط، بهدف إنقاذ العسكريين والمدنيين والأطفال في المدينة.

أحمد الحاج علي – الأخبار

اقرأ أيضا: التطبيع النفطيّ بين دمشق وبغداد: دفْع روسي نحو إحياء الخطوط