بعد طول معاناة لأهالي ريف حمص الشرقي مع الجفاف وفشل بعض أنواع الزراعات التي تم اعتمادها مؤخراً وبشكل غير مدروس ببذار أو تطعيم أجنبي أثبت فشله أمام القحط وموجات الصقيع، وتغيرات المناخ، والجوائح المرضية والحشرية التي اجتاحت المنطقة، تنتعش آمالهم مجدداً بنبات شوكي قاحل لا حاجة له بسماد أو ماء أو مصاريف فلاحة وتحضير، إنه نبات القبار(الشفلح)، وفي هذا الشهر يستعد أبناء المنطقة “أغلبيتهم من ذوي الدخل المحدود” ومن كافة الفئات العلمية والثقافية إلى حصاد عقد ثمار القبار، بل وتجد الأسرة بالكامل من عمر الست سنوات وحتى عمر الكهولة والشيخوخة يشدون الرحال نحو الأراضي في فترتي الصباح وما بعد الظهر يومياً، ولغاية الأول من شهر تشرين الأول سنوياً.
لقد بات هذا النبات الشوكي الذي كان محتقراً وعديم الفائدة في ماضيه السحيق موسماً أساسياً في تلك المناطق.
“تشرين” التقت عدداً من أبناء المنطقة للوقوف على القيمة المضافة التي حققها هذا النبات:
علي الحوراني مدير مركز رئيس لاستلام عقد ثمار القبار في قرية السنكري بريف حمص الشرقي أشار إلى أن الموسم قد بدأ ولكن بكميات قليلة جداً، وأن أسعاره لم تحدد بعد، ولكن من المتوقع أن تتصاعد الكميات التي يتم توريدها في نهاية الشهر الحالي بالتزامن مع نهاية العام الدراسي وتفرغ الطلاب والتلاميذ لمشاركة أهاليهم في جني عقد القبار لتأمين قوت يومهم، وقد يصل سعر الكيلوغرام منه إلى عشرة آلاف ليرة حسب حجم الثمرة .
وتابع الحوراني: من المتوقع أيضاً أن يرتفع هذا السعر من تجار القبار الذين يتزايد شراؤهم للمادة في نهاية الشهر الحالي، ففي العام الماضي بدأ السعر بثلاثة آلاف ووصل إلى ثمانية آلاف ليرة في بعض المراحل.
مؤكداً وجود بنية تحتية متعددة من المحال في قرى ريف حمص الشرقي تشتري وتجمع المادة يطلق عليها تسمية”مراكز استلام القبار”، ففي قرية السنكري وحدها هناك أكثر من ثلاثين مركزاً لاستلام عقد القبار، مشيراً إلى أن عملية جني الثمار ليست بالسهلة فهو نبات مسطح على الأرض وثماره صغيرة مخفية بين أغصان شائكة، لكن للحاجة أحكامها وهو مورد مهم للدخل لدى معظم الأسر، وهناك أسر تؤمن مدخولاً يومياً يقدر بنحو مئة ألف ليرة، وهو كفيل بتأمين المصروف اليومي للأسرة وتأمين ما تحتاجه من مونة أساسية طوال عام كامل، وهناك الكثير من موظفي الجهات العامة والخاصة يقدمون إجازات بلا أجر طوال موسم جني القبار الذي يبدأ مع بداية شهر أيار ولغاية شهر تشرين الأول أمام إغراء ثمن الثمار.
وذهب الحوراني إلى أن الطفل الصغير يمكن أن يجني نصف كيلو في الفترة الصباحية ومثلها في المساء وتتزايد الكمية مع تزايد العمر والخبرة والاعتياد على وخزات الشوك المؤلمة واستخدام سبل الوقاية منها كاستخدام القفازات المصنوعة يدوياً.
وقد حاولنا الوصول إلى معلومات حول مخرجات هذا النبات لكن من دون جدوى، فبعض الأهالي تحدثوا عن صنع مخللات من هذا النبات واستخدامها لغرض طبي أو غذائي، والأغلبية قالت إن هناك استخدامات لهذا النبات في معامل الأدوية الأجنبية، لكونه نباتاً قوياً، مع يقيننا التام أن هذا النبات يدر أموالاً طائلة على القائمين على تصنيعه وتحويله لمنتج نهائي، ونأمل متابعة الأمر وإقامة صناعات عامة أو خاصة لهذا النبات وتحوله إلى منتج تصديري بامتياز.
زهير المحمد – تشرين