الجمعة , نوفمبر 22 2024
الانعكاسات الاقتصادية لمرسوم العفو.. خبير اقتصادي

الانعكاسات الاقتصادية لمرسوم العفو.. خبير اقتصادي: تحديات أمام سوق العمل

رغم أن مرسوم العفو العام الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد (المرسوم رقم 7 لعام 2022) يبدو بعيداً كل البعد عن الاقتصاد، إلا أن النظر إلى الصورة النهائية، أو الصورة الكبيرة كما يقال، يؤكد أن للاقتصاد حصة كبيرة من مفاعيله اللاحقة وليس الآنية، خاصة أنه يتعلق في لبّه بالعامل البشري، أي بالمكون الأساسي لأي اقتصاد، حيث إن المفرج عنهم مهما كانت أعدادهم، سيعودون حتماً إلى سوق العمل، إضافة إلى إمكانية عودة أصحاب الأموال الذين خرجوا من سورية هرباً من تهم أو بطاقات ومذكرات بحث متنوعة، وهؤلاء – إن عادوا – فسيعودون مع أموالهم، وسيحاولون استثمارها في سورية، فهل تم أخذ هذا الأمر بالحسبان؟

الباحث الاقتصادي شادي أحمد، رأى أن هناك تحدياً كبيراً أمام سوق العمل، ولاسيما سوق العمل الحرفي المهني وليس المؤسسات الكبيرة (شركات معامل)، وعلى اعتبار أن عدداً غير قليل من المفرج عنهم كانوا من أصحاب الحرف، فإلى أي حد سيتمكنون من إعادة تأهيل أنفسهم ضمن سوق العمل؟ هل سيستطيعون إعادة افتتاح ورشاتهم أو أعمالهم الصغيرة أو العودة إلى الأعمال التي كانوا يعملون بها؟ وهل ما يزالون يمتلكون المهارة المهنية والحرفية التي يستطيعون بموجبها المباشرة بالعمل فوراً؟

ويرى أحمد أنه يجب أن يكون هناك استكمالات وتهيئة مسبقة للبعد الاقتصادي لمرسوم العفو، أي أن تكون البيئة المتعلقة بالاستثمار والتجارة متاحة بوسائل مضمونة وجيدة في حال فكر رجال الأعمال الذين شملهم العفو خارج سورية بالعودة والعمل ضمن الاقتصاد السوري، فالمرسوم لا يتعلق بالمفرج عنهم فقط، بل بالأشخاص الذين أسقطت عنهم أحكام أو متابعات قضائية أو أمنية، وبعضهم رجال أعمال وأصحاب حرف خارج القطر، أو هاربون (مجهولو الإقامة) داخل القطر، هؤلاء سيتعاملون مع المرسوم كإجراء قضائي قانوني يتيح لهم الدخول إلى البلد والتصرف بحرية، وبالتالي من الممكن عودتهم، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن البيئة الحاضنة التي تهيئ لهم القيام باستثمارات في سورية، لا تزال بحاجة إلى تعديلات لا تتعلق فقط بقانون الاستثمار الجيد من وجهة نظر أحمد، بل ترتبط أيضاً بالبيئة العامة الاستثمارية والاقتصادية في سورية.

ويؤكد الباحث أحمد أن هذا الأمر يتطلب مراجعة للقوانين المالية والنقدية، وخاصة تلك المتعلقة بسياسات مصرف سورية المركزي ووزارة المالية والنظام الضريبي الموجود والوزارات الاقتصادية الأساسية (صناعة – زراعة – اقتصاد – سياحة – تجارة داخلية) متسائلاً: هل ستكون لدى هذه الوزارات الإجابات حول أسئلة المستثمرين المتوقعة والمشروعة من قبيل: هل يستطيع المستثمر إدخال أمواله إلى سورية بسهولة؟ هل يستطيع إخراج أرباحه إذا ما أراد متابعة استثماراته في الخارج بسهولة؟ هل يستطيع التعامل مع سعر الصرف بسهولة؟ ماذا عن السياسة الضريبية والجمركية؟ وما التسهيلات التي من الممكن أن تقدمها له الدولة؟ هذه أسئلة يجب أن تكون أجوبتها حاضرة عند المسؤولين السوريين، من أجل أن يكون هناك تبعات اقتصادية من كتلة المستثمرين السوريين الذين من الممكن أن يعودوا وينضووا ضمن الاقتصاد السوري بعد المرسوم، ضارباً مثلاً العدد الكبير من المستثمرين السوريين في مصر وتركيا الذين تقدر أعدادهم بالآلاف، وبعضهم – بعد لقاءات شخصية – يتطلعون إلى العودة للعمل في سورية من دون إغلاق منشآتهم في الدول التي يقيمون فيها لأنها أصبحت متجذرة في اقتصادات تلك الدول، وإنما من الوفورات التي تمكنهم من افتتاح أعمال أخرى في سورية.

ويشدد أحمد على الدور الكبير الملقى على عاتق وزارتي الاقتصاد والشؤون الاجتماعية والعمل، فالأمر لا يتعلق بالمفرج عنهم بمرسوم العفو فقط، بل بعدد كبير من العمالة السورية أيضاً، وتحديداً تلك الموجودة في لبنان والعراق وتركيا، أي العمالة التي اكتسبت خبرة كبيرة في تلك البلدان، واطلعت على نماذج عمل وإدارة جديدة في الاقتصاد من الممكن نقلها إلى سورية، هؤلاء كيف يمكن أن نوفر لهم العمل ضمن إطار المشروعات المتوسطة والصغيرة؟

وعن الانعكاسات الاقتصادية للمرسوم على الصعيدين الإقليمي والدولي، قلل أحمد من إمكانية حدوث أي تغيير في موضوع العقوبات على سورية من الناحية الدولية، لأن تلك العقوبات – برأيه – مرتبطة بأهداف سياسية وليست إنسانية كما يدّعي أصحابها رغم بعض التصريحات الغربية المرحبة بالمرسوم والمعدّة للاستهلاك الإعلامي فقط. أما بالإطار العربي، فيعتقد أحمد أن مفاعيل المرسوم ستكون أفضل، وخاصة بالنسبة للدول العربية التي استعادت علاقاتها مع سورية وفي مقدمتها الإمارات، أو مع الدول التي تتحسن علاقاتنا معها بشكل تدريجي.

وبين أحمد أن المرسوم فرصة مهمة لقطاع الأعمال والقطاع الحكومي في هذه الدول، ليكون هناك تعاون مباشر مع الاقتصاد السوري على اعتبار وجود عدد كبير من رجال الأعمال السوريين في هذه الدول وتحديداً الإمارات التي يرى أن النتائج الإيجابية الأكبر ستكون منها، لكن بشرط وجود بيئة صالحة لتكون هناك قناة تستطيع أن تضمن التدفق اليسر والسلس للاستثمارات والعمل داخل سورية.

الوطن

اقرأ أيضا: ماذا استفادت السورية للتجارة من تجربة عمو حسن