لم تُدرك ضابطة الشرطة في ولاية كولورادو الأمريكية، ديبرا سو كور، أن ذلك الذي أوقفته إلى جانب الطريق، ووضعت الأصفاد في يديه -بتهمة القيادة تحت تأثير الكحول- هو في الحقيقة ذلك السفاح متلبّد المشاعر.
نجح جو مايكل إرفين في ذلك اليوم من العام 1981 في تجريد كور من سلاحها، واستخدمه ليُطلق النار نحو رأسها مباشرةً، ثم أطلق النار على شخصٍ مارّ كان قد توقف لمساعدتها، لكنه فرّ من المكان فزعاً.
جريمة قتل الضابطة ديبرا سو كور ستصبح آخر جرائم إرفين، بعدما أُلقيَ القبض عليه في منزله وهو يحاول قطع الأصفاد بالمنشار، لكنه لن يواجه العدالة أبداً لأنه شنق نفسه قبل بدء محاكمته.
ظلَّ إرفين يطارد الشرطة، حتى بعد وفاته.. وهذا أغرب ما في هذه القصة، إذ أصبح مشتبهاً به رئيسياً في أربع قضايا قتل بين عامَي 1971 و1981. وكُشف عن النطاق الحقيقي لجرائمه بمساعدة من عيّنات الحمض النووي (DNA) وخدمات علم الأنساب.
سلسلة جرائم مروّعة للسفاح جو مايكل إرفن
وُلد جو مايكل إرفين في 25 يونيو/حزيران من العام 1951، في مدينة فورت وورث بولاية تكساس الأمريكية، وقَتَل أولى ضحاياه قبل أن يبلغ سنّ الرشد.
كان إرفين يتسكع في صالة Berry Bowl للبولينغ في 8 أغسطس/آب 1969، حين سار نجم كرة القدم في مدرسة “كيركباتريك” الثانوية نحو الجانب الذي يقف فيه سائق إحدى السيارات المركونة، ثم أطلق النار على الراكب رودني بونام في رقبته قبل أن يلوذ بالفرار.
توفي الطالب في مدرسة Tarrant County Junior بعد ذلك بأربعة أيام، وحينها أصدرت شرطة فورت وورث مذكرة اعتقال بحق إرفين على مستوى الولاية. اللافت أن القاتل اتصل بوالد بونام عند سماعه بنبأ وفاة ابنه، وعبّر عن ندمه، قائلاً: “أشعر بالأسف لموته، لكن سيتعين علينا جميعاً الرحيل يوماً ما. آسف لأني أطلقتُ النار عليه”.
استطاع إرفين الفرار رغم مكافأة الـ650 دولاراً التي خُصِّصت لِمَن يرشد الشرطة إليه، واستقر في مدينة دنفر بولاية كولورادو، حيث غيّر اسمه إلى جو مايكل إروينغ، وارتكب جرائم اغتصاب وسطو واعتداء بين عامَي 1970 و1977.
أمضى بسبب تلك الجرائم فترة خدمة عامة قصيرة بالعمل في أحد مستشفيات كولورادو العامة. وقد أُفرِجَ عنه لاحقاً، ليواصل بعد ذلك سلسلة جرائم من النوع الأكبر: جرائم قتل.
ضحيته التالية كانت مادلين فوري ليفاودايز (33 عاماً)، وهي محرّرة في إحدى المجلات وأم لولدين. طرق إرفين بابها في 7 ديسمبر/كانون الأول 1978 وطعنها حتى الموت في غرفة نومها، لكن إدارة الشرطة المُثقَلة بالقضايا والتحقيقات لم تحقق في مقتلها!
بعد عامين، طعن إرفين إحدى سكان دنفر وتُدعى ديلوريز باراخاس (53 عاماً)، كانت قد تركت لتوها العمل بفندق فيرمونت، وعُثِرَ عليها ميتة في أحد الأزقة بعد ساعاتٍ قليلة. وكان ذلك آخر يوم عمل لها، قبل أن تعود -كما كانت تخطّط- إلى منزلها خارج الولاية.
لاحقاً في العام 1980، اختفت غويندولين هاريس (27 عاماً) من ردهة استراحة وسط مدينة دنفر، فعُثِر على جثتها يوم 21 ديسمبر/كانون الأول. لكن قد تكون أكثر جرائم إرفين فظاعة تلك التي طعن فيها الشابة أنطوانيت باركس (17 عاماً) في أحد الحقول يوم 24 يناير/كانون الثاني 1981، حين كانت حاملاً في الشهر السادس.
ملاحقة جرائم السفاح جو مايكل إرفين
على الرغم من إلقاء القبض على إرفين بعد أشهرٍ من ارتكابه لآخر جرائمه، قتل الضابطة كور، بقيت جرائم القتل الأخرى مُغلقة لعقود. وقد أُلقيَ القبض على السفاح القاتل المتسلسل في مدينة أورورا ليس بسبب جرائمه، بل لقيادته وهو ثمِل في 27 يونيو/حزيران 1981.
فانتزع السلاح الناري الخاص بالضابطة كور، والذي كان معلّقاً على ساقها، وهو مُقيّد بالأصفاد وأطلق عليها ثلاث رصاصات، اثنتان منها كانتا قاتلتَين.
وكان الشخص المار الذي توقَّف لمساعدة كور هو قائد الكشافة ذو الـ19 عاماً غلين سبايز، الذي أطلق إرفين عليه النار في ظهره قبل أن يلوذ بالفرار من مسرح الجريمة، وينجو في النهاية.
ومع أن زملاء كور تعقبوا لوحة سيارة إرفين، وصولاً إلى منزله حيث ألقوا القبض عليه، تمكن القاتل من الإفلات من العدالة مرّة أخيرة في الأول من يوليو/تموز حين قتل نفسه قبل المحاكمة.
اتُّهِمَ إرفين بالقتل من الدرجة الأولى والشروع في القتل، لكن عُثِرَ عليه ميتاً حين كان في الحجز الانفرادي داخل سجن مقاطعة آدامز، خلال عملية تفقّد روتينية في المساء. وكان قد كَتب ملاحظة يعترف فيها بقتل كور، قبل أن يشنق نفسه.
اعتُقل السفاح بسبب قتله ضابطة أوقفته للقيادة تحت تأثير الكحول، ونجح في الإفلات من 5 جرائم أخرى.. لكن مع بداية هذه السنة، وبعد نحو 40 عاماً، أصدرت إدارة شرطة دنفر إعلاناً أدَّى إلى منح بعض العزاء لعدد من العائلات المفجوعة. فقد أعلنت الإدارة في 29 يناير/كانون الثاني 2022 أنها تعتقد، وبناءً على عينات الحمض النووي وخدمات علم الأنساب الجيني، أن جو مايكل إرفين كان يقف وراء عمليات قتل فوري لكلّ من ليفاودايز، وباراخاس، وهاريس، وباركس.
عربي بوست