كوكب مختبئ في أعماق الأرض يدور بشكل مختلف… فيديو
عتبر كوكب الأرض إلى هذه اللحظة، أحد أكبر ألغاز العالم، على الرغم من التطور الكبير الذي وصلت إليه البشرية، حيث بقيت طبقات الأعماق السحيقة غامضة بالنسبة للإنسان، ولا يُعرف الكثير عنها، حتى أنه لا يمكن الوصول إليها ودراستها، خصوصا لب كوكب الأرض الغامض.
وعلى الرغم من أن العلماء استطاعوا دراسة القشرة الخارجية لكوكب الأرض، إلا أن الطبقات الداخلية مازالت غامضة إلى يومنا هذا، خصوصا لب الأرض، الذي يشكل لغزا حقيقيا، يقع أسفلنا جميعا، لكن لا نستطيع الوصول إليه أو إدراكه.
ويقع لب كوكب الأرض على عمق يقدر بـ5 آلاف كيلومترا ويمكن مقارنته بحجم كوكب بلوتو، حيث يحاول العلماء كشف غموض هذه النواة الداخلية للأرض وفهم كيف يمكن أن يحمي الحياة على كوكبنا.
وأظهر اكتشاف حديث، أنه قبل 565 مليون سنة، لم يكن المجال المغناطيسي للأرض يتسم بالانتظام؛ علاوة على ذلك، انخفضت شدته بشكل حاد إلى 10% من المستوى الحالي. ولكن بعد ذلك، بأعجوبة، في بضع عشرات الملايين من السنين، تعافت قوة المجال المغناطيسي، حيث حدث ذلك في الوقت المناسب أنه في تلك المرحلة التاريخية، المعروفة باسم “الانفجار الكمبري”، نشأت الحياة متعددة الخلايا والمعقدة بشكل مفاجئ.
ويرجع العلماء سبب عودة المجال المغناطيسي لكوكب الأرض بشكل سريع للسبب التالي، وهو “ظهور لب داخلي بالقرب من الأرض، أي غلاف أرضي من الحديد الصلب يقع داخل اللب الخارجي المنصهر، حيث يولد المعدن الصاعد المجال المغناطيسي للكوكب”.
وبمجرد ظهور اللب الداخلي (وربما حدث هذا بعد 4 بلايين سنة من ولادة الأرض نفسها)، أدى نمو النواة الشبيه بالأشجار، بسبب ارتفاع سطحها عدة مليمترات في السنة إلى عمليات متسارعة في الخارج. كل هذا أثر على المجال المغناطيسي غير المستقر للكوكب، والذي شكل بالتالي حاجزًا وقائيًا مصممًا لحماية الحياة على الأرض.
“أعاد اللب الداخلي توليد المجال المغناطيسي للأرض في أكثر اللحظات دراماتيكية للتطور. ماذا لو لم يتشكل؟”
وبدأ العلماء تدريجياً في العثور على إجابات لهذه الأسئلة، من خلال تحليل الموجات الزلزالية الناتجة عن الزلازل أو الاختبارات النووية ثم دخولها أو ارتدادها عن اللب الداخلي للأرض.
“اللب الداخلي هو كوكب داخل كوكب. له منظر طبيعي خاص به، وسرعة دوران خاصة به، وبنيته الخاصة. إنه مخفي في أعماق الأرض. ومع ذلك، لم تتم الإجابة بعد على بعض الأسئلة الأساسية المتعلقة به”.
واكتشف علماء الزلازل أن اللب الداخلي يدور بشكل مستقل عن بقية الطبقات الجيولوجية لكوكبنا. وباستخدام أدوات الكمبيوتر، تمكن العلماء من إنشاء نموذج لهيكل ذوبان الحديد، مضغوطًا بواسطة الطبقات العليا من الكوكب، وسلوكه الغريب، بسحب المقال المنشور في مجلة “science”.
اعتقد الناس قديما أن مركز الأرض أجوف، وفيه مكان الجحيم، أي نار جهنم التي تحترق، تخرج منها قنوات تسخن مياه المحيط. لكن بعد التقديرات الخاطئة لكثافة القمر والأرض التي حصل عليها إسحاق نيوتن، أعرب العالم إدموند هالي، في عام 1686 أن الأرض عبارة عن عدة كتل متداخلة في بعضها البعض تحيط بها دائرة سطحية، ويرجع ذلك إلى وجود مجال مغناطيسي ينشأ، والذي يتم تسجيله حول سطح الأرض.
ويعتقد العلماء حاليا أن الأرض ظهرت نتيجة اصطدام العديد من “الكواكب الصغيرة” الشبيهة بالكويكبات، حيث انغمست كميات الحديد الذي كانت في الكواكب الصغيرة، بسبب جاذبيتها وتمركزت في قلب الأرض الأولية المنصهرة، وارتفعت صخور السيليكات الأخف (مثل قطع الزيت على الماء)، مكونة عباءة، وبسبب وجود حرارة تصل إلى عدة آلاف من الدرجات وضغط ملايين الطبقات والغلاف الجوي، فإن اللب سيظل منصهرا، حتى عندما يبرد وشاح الأرض وقشرة الأرض.
وأحدث عالم الزلازل الدنماركي الرائد إنجي ليمان، في أوائل الثلاثينيات، خرقا كبيرا عندما سجل نوعا جديدا من الموجات الزلزالية وأظهر أن لب الأرض ليس سائلا تماما.
“الموجات التي وجدها ليمان تنتشر في زوايا لن تكون ممكنة إلا إذا انعكست من شيء كثيف. بحلول عام 1936، خلص ليمان إلى أن الأرض لها لب داخلي صلب، يبلغ قطره، كما اكتشف لاحقًا، نحو 2440 كيلومترًا، وهو مجرد كوكب صغير حقيقي داخل كوكب كبير”.
ووجد العلماء أيضا أن لب الأرض الداخلي يدور بسرعة تزيد درجة واحدة في السنة عن سرعة دوران بقية الكواكب، وبسبب هذا الدوران الفائق، أصبحت مسارات الموجات الزلزالية في اللب الداخلي للأرض متحدة المحور تدريجياً مع محور الأرض بين الشمال والجنوب، والمعروف أنه يزيد من سرعة الموجات الطولية، بحسب مقال نُشر في مجلة “Nature” عام 1996.
“كل 400 عام، يحدث اللب الداخلي للأرض ثورة إضافية أخرى داخل كوكبنا”.
وتم تأكيد هذه النتيجة بعد سنوات قليلة بواسطة عالم الزلازل جون فيديل من جامعة جنوب كاليفورنيا، حيث وجد العالم أنه في السنوات الثلاث بين الاختبارات النووية التي أجريت تحت الأرض، كان اللب الداخلي يدور بمعدل 0.15 درجة سنويًا أسرع من بقية الطبقات الجيولوجية للكوكب.
وترك اكتشاف الدوران الفائق للنواة الداخلية للأرض انطباعًا قويًا لدى العديد من الجيوفيزيائيين، لأنه كان يُعتقد قبل ذلك أنها تدور بنفس سرعة الوشاح. علاوة على ذلك، أثار هذا الاكتشاف آمالًا جديدة بين العلماء، لأن دوران اللب الداخلي للأرض يمكن أن يكون مفتاحًا للإجابة على الأسئلة التالية: كيف يتصل اللب الداخلي لكوكبنا بالنواة الخارجية، وما هو الدور الذي يلعبه في تشكيل المجال المغناطيسي الناتج عن تأثير الدينامو؟
ويعتقد بعض الخبراء أن الدوران الفائق للنواة الداخلية من شأنه أن يساعد في تفسير سبب تحرك الأقطاب المغناطيسية للأرض وتبديل الأماكن من وقت لآخر.
قبل أن يتاح للعلماء الوقت لاكتشاف دوران اللب الداخلي للأرض، كان عليهم التأكد من أن الصورة الحقيقية هي في الواقع أكثر تعقيدًا وغموضًا. يقول جون فيدال: “أفكارنا، التي التزمنا بها قبل عشر سنوات، لم تعد تتوافق مع الواقع”.
لكن في دراسة جديدة، وجد العلماء أن الدوران الفائق للب الداخلي لكوكبنا قد توقف بالفعل منذ عشر سنوات، ومنذ ذلك الحين كان اللب الداخلي يدور بنفس سرعة الوشاح. “اختفى الفارق بين عشية وضحاها”.
وأرجع العلماء سبب هذه الظاهرة لعدة نظريات، مثل وجود نتوءات في غلاف الوشاح وكتل جرت النواة معها، أو وجود قوى جاذبية للوشاح يمكن أن تسحب اللب الداخلي معها.
اقرأ ايضاً:«قطة شرودنجر» تحل معضلة حسابية ظلت «مستحيلة» على الحل 243 سنة!