انقلاب المشهد الانتخابي في لبنان.. خيبة وصدمة لحزب القوات بعد احتفاله بالنصر
المشهد الانتخابي في لبنان بدا خلال الساعات الماضية سرياليا، وصاخبا، مع ارتفاع وتيرة المنافسة وبروز النتائج شبه الرسمية تباعا في والدوائر الانتخابية، ابرز ما ميز الساعات الماضية في لبنان كان انقلاب المشهد بصورة اثارت دهشة المراقبين والمتابعين للنتائج.
فعند اغلاق صناديق الاقتراع مساء الاحد وبعد ساعات من العد والفرز، اعلن حزب القوات اللبنانية فوزه الكاسح في الساحة المسيحية على حساب خصمه التيار الوطني الحر الذي كان يحوز على اكبر كتلة مسيحية في البرلمان السابق، والذي من خلال هذه الكتلة الوازنة مع أكثرية نيابية لحلفائه استطاع انتزاع منصب رئاسة الجمهورية.
ولم يكن مصدر احتفال حزب القوات تحقيق هدف هزيمة خصمه اللدود في الساحة المسيحية فقط، انما هزيمة بعض اللوائح الحليفة لحزب الله والتيار الوطني الحر مثل طلال أرسلان ووئام وهاب واسعد حردان وايلي فرزلي.
وخرج جعجع وانصاره فجر الاثنين معلنين عن مرحلة جديدة في البلاد، عنوانها مواجهة حزب الله وتغيير سياسية البلاد، ولم تخلو مداخلات انصار جعجع عبر وسائل الاعلام من التشفي والتفاخر وفرض الشروط.
لكن المفاجأة حصلت خلال ساعات مساء امس الاثنين عندما بدأت تظهر النتائج النهائية تباعا، بعد بدء العد والفرز لأصوات الاغتراب. وبدأ معها التيار الوطني الحر بزعامة “جبران باسيل” يستعيد زمام المبادرة بتقدمه من 14 مقعدا نيابيا الى 23 معقدا مقابل 20 للقوات. وبذلك يفلت التيار من مصيدة جعجع، وينقلب المشهد، ويقترب التيار من العودة الى موقعه كأكبر تكتل مسيحي في البرلمان.
وهو ما احدث صدمة لحزب القوات، كانت بحجم الاحتفالات التي أقامها امس. وبات الحديث في بيروت يتمحور حول هذا الانقلاب في الصورة الذي فاق التوقعات، وخالف النتائج الأولية قبلها بيوم.
الصفعة المؤلمة التي تلقها حزب القوات هو انتزاع تيار المردة حليف حزب الله مقعدا في “بشري” معقل القوات، بعد ان كان حزب القوات قد اعلن في وقت سابق الفوز به، بينما انتزعت اللائحة المستقلة للمرشحة بولا يعقوبيان مقعدان في دائرة بيروت الأولى، بعد ان كان حزب القوات اعلن الفوز بهما امس. ليتقلص جحم القوات طردا مع ارتفاع مقاعد التيار الوطني.
وبالنظر الى حجم الحملة التي شنت على التيار الوطني الحر وزعيمه جبران باسيل منذ العام 2019، وزعيمه التاريخي رئيس الجمهورية ميشيل عون، مقابل دعم سياسي ومالي واعلامي سعودي امريكي لحزب القوات وحلفائه، تعتبر نتائج التيار انتصارا تاريخيا مضاعفا. وبالقوس الاوسع تركزت الحملة المدعومة سعوديا وامريكيا في لبنان على حزب الله وحلفائه.
لكن مع المقاعد التي حاز عليها التيار الوطني مضافة الى مقاعد حزب الله وحركة امل وتيار المردة شمالا ولائحة فيصل كرامي في طرابلس، وفوز جميل السيد ولائحة حسن مراد في البقاع، فان حزب الله وحلفاؤه استعادوا زمام المبادرة. وبات الحديث عن هزيمة لا معنى له.
وعلق رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على الاحداث في تغريدة على توتير قائلا “بالبترون وبكل لبنان، واقف ع اجريي، راسي مرفوع ويديّ ما عليهم لا دمّ ولا مال… عرفت انو انتو عم بتهزوا وصرتوا ببشري ع فرد اجر”.
وبينما كانت النتائج تظهر تباعا في لبنان، اطل مساعد وزير الخارجية الامريكية السابق ديفيد شينكر عبر وسائل الاعلام اللبنانية حاشرا انفه في النتائج، ومبررا لما كان قاله في ندوة في معهد واشنطن قبل يوم من الانتخابات حول حلفاء الولايات المتحدة ومن تدعمهم في لبنان.
وقال شينكر ان التيار الوطني مرّ بوقت عصيب للغاية في الانتخابات والولايات المتحدة حملته مسؤولية أفعاله التي اعتبرتها فاسدة”.
وأضاف شينكر “أعتقد أن المجتمع المدني فازوا حتى الآن بنحو 10 مقاعد وهو أمر جيد لكن ربما كان بإمكانهم الفوز بالمزيد لو توحدوا بطريقة ما ودخلوا كمعارضة متماسكة للمجتمع المدني.
وقال شينكر من اللافت للنظر أن كل هؤلاء المرشحين المؤيدين لسورية والموالين للأسد مثل ارسلان ووهاب وفيصل كرامي
وفرزلي وأسعد حردان لم يتم التصويت لهم، وحكومة الولايات المتحدة لم تكن مسؤولة بأي شكل من الأشكال عن خفض تصنيف “موديز” للبنان.
وأضاف أعتقد أن نتائج الانتخابات إيجابية ولكن مرة أخرى لديكم ميليشيا منظمة إرهابية تدعمها دولة أجنبية غير خاضعة للمساءلة أمام السلطات اللبنانية”.
وكان شينكر عبر اطلالته يحاول تبرير ما قاله عن حلفاء أمريكا في لبنان وعن وقوف الولايات المتحدة خلف الانهيار المالي في البلاد في ندوة لمعهد واشنطن “حملت عنوان “ديناميات حزب الله والشيعة وانتخابات لبنان. اذ قال شينكر في الندوة
فرضنا عقوبات على مؤسسات حزب الله المالية، كبنك الجمّال. وكنّا حريصين على مزامنة ذلك مباشرة بعد قيام وكالة موديز للتصنيف الائتماني بخفض تصنيف لبنان، وفي اليوم التالي أعلنّا فرض العقوبات على بنك الجمّال، لكن كنّا نحن من يقف خلف قرار خفض تصنيف لبنان الائتماني”.
مبديا اسفه لان المعارضة منقسمة بشكل مريع، وتمتلئ بالقادة النرجسيين والشخصانيين الذين هم مهتمون أكثر بأن يتزعّموا أحزابهم، على أن يتوحّدوا للإطاحة بالنخبة الفاسدة”. واشتكى شينكر من كثرة عدد المرشّحين المعارضين عندما قال متعجّباً: “هناك حوالي 100 حزب يترشّح في الانتخابات، الأحزاب المعتادة وأيضاً كل هذه الأحزاب الصغيرة، وأخمّن بأنهم سيأكلون بعضهم بعضاً ولن يربحوا ما يكفي من المقاعد لإحداث تحوّل في التوازن”.
شينكر انكر هذا الكلام في الندوة المصورة بالصوت والصورة ملقيا اللوم على قناة المنار والميادين. وأثارت مواقفه جدلا واسعا في بيروت لجهة الاعتراف بمسؤولية الولايات المتحدة في تسريع الانهيار المالي، ولجهة انتقاد حلفائه واحراجهم في الداخل.
وسريعا رد كلا من رئيس حزب التوحيد وئام وهاب، والنائب فيصل كرامي، فقد وجه كرامي رسالة لشينكر عبر وسائل الاعلام اللبنانية قال له فيها بانه فاز بالانتخابات على عكس ادعاء شينكر. بينما قال وهاب عبر توتير ” أيها الكذاب شينكر تقول ان الناس لم تصوت لي، عليك ان ترى الرقم لتوقف الكذب، لقد ساهمت اصواتي في إنجاح اثنين على لائحتي، لكن صديقك دفع الملايين لاسقاطي، وشن ابشع الحملات، وغدا سيجلس مع وفق صفا ليستجديه كما يفعل دائما”.
واليوم مع الانتهاء الكامل والرسمي من عمليات العد والفرز والإجراءات الإدارية والقانونية سوف تتضح بشكل مفصل الاحجام في المجلس النيابي الجديد مع ترجيح عدم وجود أكثرية ساحقة لاي من التكتلات داخل مجلس النواب.
راي اليوم- نور علي
اقرأ ايضاً:وفاة 3 شابات من ابناء الجالية السورية في اميركا أثر حادث سير اليم