أمجادٌ يتحسر الروس عليها… مختصر ما سترغب بمعرفته عن الاتحاد السوفيتي
تأسس الاتحاد السوفيتي إثر نجاح ثورة فريق البلاشفة (البلشفيك تعني بالروسية الأغلبية) في “حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي”، بقيادة “فلاديمير لينين” ليلة 25 أكتوبر/تشرين الأول عام 1917، حيث تم القضاء على الحكم القيصري في روسيا الذي أدخل البلاد في أزمات طاحنة بسبب انخراطه بالحرب العالمية الأولى.
طبق البلاشفة إصلاحات أبرزها الفصل بين الكنيسة والدولة وتأميم المصانع، ورقابة العمال على المنشآت الصناعية، وهو ما أثار معارضة قوية في البلاد حتى من زملائهم الاشتراكيين “المناشفة” (المنشفيك تعني الأقلية).
وهكذا، دخلت البلاد في حرب أهلية دامت خمس سنوات (1917-1922)، حسمها البلاشفة لصالحهم بقوة الحديد والنار عبر أجهزة الأمن السياسي وكتائب “الجيش الأحمر”.
وفي 30 ديسمبر/كانون الأول 1922 أعلِن قيام “اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية” بقرار من مجالس السوفيات في كل من: جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية، وجمهورية أوكرانيا، وجمهورية بيلاروسيا، وجمهورية ما وراء القوقاز.
معلومات هامة عن الاتحاد السوفيتي:
1- المساحة: 22,402,000 كلم مربع (نحو 15% من اليابسة على الكرة الأرضية)، 4.538.600 كلم منها بلاد إسلامية، وبلغ طول الاتحاد 10 آلاف كلم، وعرضه تراوح بين 3000-4500 كلم، وكانت تحده 12 دولة، وتحيط به ثلاث محيطات وبحارها المتفرعة منها.
2- السكان: كان عدد سكان الاتحاد السوفيتي عند انهياره عام 1991 حوالي 293.000.000 نسمة (تقدر مصادر عدد المسلمين بـ 60-70 مليونا)، يتوزعون على 120 قومية عرقية ولغوية.
3- الحكم: تكون الاتحاد أساسا من 15 جمهورية يشكل المسلمون أغلبية سكان ست منها، وكان “مجلس السوفيات الأعلى” هو الجهاز الأعلى في السلطة، ويُنتخب بالاقتراع العام لمأمورية مدتها أربع سنوات.
يعين المجلسُ “مجلسَ رئاسة الدولة” الذي يمارس جماعيا مهام رئيس الدولة ويعين مجلس الوزراء. وتنتخب اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي (كان الحزب الوحيد المسموح به، وانتسب إليه نحو 19 مليون عضو) المكتب السياسي برئاسة الأمين العام للحزب، وهي التي تتولى عمليا قيادة الحزب.
4- القوات: يقدر عدد القوات العاملة في الاتحاد السوفيتي بنحو 3.4 ملايين فرد، وقوات الاحتياط بـ 5.2 ملايين، إضافة إلى 570 ألف عنصر تابعين لجهاز الاستخبارات (KGB) ووزارة الداخلية.
5- الاقتصاد: كان الأول عالميا في قطاع الطاقة بإنتاجه ما يعادل 20% من النفط العالمي، واحتل المرتبة الثالثة في إنتاج الفحم، وقفز نصيب الصناعة في الإنتاج الوطني إلى مستويات فوق 70%، ووصلت حصة الصناعة الثقيلة 74% من قطاع الصناعة الكلي.
بلغ إجمالي الناتج المحلي للاتحاد السوفيتي 2660 بليون دولار تقريبا، ومتوسط دخل الفرد 9130 دولارا (الإحصائيات السوفيتية الرسمية لعام 1990).
وكان الاتحاد متطورا أكثر من الولايات المتحدة في بعض جوانب التقنية العسكرية لا سيما في حقل الأسلحة النووية.
السبب الأهم لانهيار الاتحاد السوفيتي
في 25 ديسمبر/ كانون الأول 1991 استقال “ميخائيل غورباتشوف”، أخر زعيم سوفيتي، رسميا من منصب رئيس الاتحاد السوفيتي.
في اليوم التالي في 26 ديسمبر اعترف برلمان البلاد، مجلس السوفيت الأعلى، رسميا باستقلال 15 دولة جديدة وبالتالي أنهى وجود الاتحاد السوفيتي.
ثم تم إنزال العلم الأحمر الذي يحمل المطرقة والمنجل والذي كان يوماً ما رمزاً لواحدة من أقوى دول العالم من فوق قصر الكرملين.
كان الانهيار الاقتصادي أكبر مشاكل الاتحاد السوفيتي. حيث كان اقتصاد البلاد مخططاً مركزياً على عكس اقتصادات السوق في معظم البلدان الأخرى.
في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية السابق، كانت الدولة تقرر مقدار ما يجب إنتاجه من كل شيء (عدد السيارات أو أزواج الأحذية أو أرغفة الخبز).
كما كانت الدولة تحدد عدد هذه الأشياء التي يحتاجها كل مواطن، وكم يجب أن تكون كلفة كل شيء وكم يجب أن يدفع للناس ثمناً لها.
نظرياً كان يفترض أن يكون هذا النظام فعالا وعادلا، لكنه في الواقع كان بالكاد يعمل…
حيث كان العرض دائماً أقل من الطلب وكان المال غالباً بلا قيمة. ولم يكن الكثير من الناس في الاتحاد السوفيتي فقراء تماماً، لكنهم ببساطة لم يتمكنوا من الحصول على السلع الأساسية لأنه لم يكن هناك ما يكفي منها.
لشراء سيارة، كان عليك أن تكون على قائمة الانتظار لسنوات. لشراء معطف أو زوج من الأحذية الشتوية غالباً ما كان عليك الانتظار لساعات لتجد أن مقاسك قد نفد من المخزن.
باختصار: في الاتحاد السوفيتي لم يتحدث الناس عن شراء شيء ما، لكن عن الحصول عليه.
وما جعل الأوضاع الاقتصادية أكثر تردياً هو تكلفة استكشاف الفضاء وسباق التسلح بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة والذي بدأ في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي.
حيث كان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية أول دولة في العالم ترسل انساناً إلى المدار وكانت تملك ترسانة من الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية المتطورة للغاية، لكن كل هذا كان مكلفاً للغاية.
وقد اعتمد الاتحاد السوفيتي على موارده الطبيعية الهائلة مثل النفط والغاز لدفع ثمن هذا السباق، ولكن في أوائل الثمانينيات انهارت أسعار النفط مما أثر بشدة على الاقتصاد المتعثر بالفعل.
وفي عام 1990 أدخلت السلطات إصلاحاً نقدياً قضى على مدخرات ملايين الأشخاص على الرغم من ضآلتها، لذلك ساد شعور قوي بالإحباط من سياسات الحكومة، وهكذا كان الاقتصاد أول مسمارٍ يدق في نعش هذه الدولة.