ماذا يعني “الفيتو” الروسي الصيني لإحباط قرار أمريكي بفرض عُقوبات على كوريا الشماليّة؟
إصرار مندوبي الصين وروسيا على استخدام حقّ النقض (الفيتو) ضدّ مشروع قرار أمريكي لتشديد العُقوبات على كوريا الشماليّة بعد اختبارها صواريخ باليستيّة عابرة للقارات، يؤكّد مدى قوّة التحالف الروسي الصيني، ودعم البلدين لكوريا الشماليّة وزعيمها كيم جونغ أون باعتبارها الضّلع الثالث لمُثلّث هذا التحالف.
استخدام أيّ من الدولتين لحقّ “الفيتو” كان يكفي لإسقاط مشروع القرار الأمريكي في مجلس الأمن الدولي يوم أمس، ولكن إصرارهما سويًّا على استِخدامه هو رسالة قويّة إلى واشنطن، والدول الغربيّة، بأنهما يقفان في خندق واحد، ويدعمان التجارب الصاروخيّة والنوويّة لكوريا الشماليّة، ويُوفّران الحماية لها في المحافل الدوليّة.
ومن المُفارقة أن مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة أصرّت بدورها على تقديم مشروع القرار للتصويت رغم علمها بالفيتو الصيني الروسي المزدوج، الأمر الذي أدّى إلى إحراج 13 دولة غير دائمة العُضويّة في المجلس وجدت نفسها مُكرهةً على التصويت الإيجابي، وكسب عداء كُل من الصين وروسيا وكوريا الشماليّة.
زعيم كوريا الشماليّة رجلٌ قويّ، وبارعٌ في تحدّي الولايات المتحدة الأمريكيّة وغطرستها، وهذا ما يُفسّر توقيته لإجراء هذه التجارب الصاروخيّة مع بدء الرئيس الأمريكي جو بايدن لجولته الآسيويّة التي شملت دولًا مثل اليابان وكوريا الجنوبيّة، فالصواريخ الباليستيّة الكوريّة الشماليّة بعيدة المدى باتت قادرةً على قصف مُدن السّاحل الشرقي للولايات المتحدة، ولا نستبعد أن تمتلك بيونغ يانغ تكنولوجيا تصنيع النّوع الأسرع من الصّوت من هذه الصّواريخ وتزويدها برؤوسٍ نوويّة خاصَّةً أن روسيا والصين باتا يمتلكانها، ولن تبخلان عليها بامتلاكها وفي المُستقبل المنظور.
في ظِل التّهديدات الأمريكيّة بدعم تايوان عسكريًّا في حال إقدام الصين على ضمّها بالقوّة، مثلما أكّد الرئيس جو بايدن في مُؤتمره الصّحافي الذي عقده مع رئيس الوزراء الياباني في ختام زيارته لطوكيو قبل يومين، فإنّه من حقّ كوريا الشماليّة تحصين نفسها وتعزيز ترسانتها العسكريّة نوويًّا وصاروخيًّا، تحسّبًا لأيّ تهديد أمريكي بالتدخّل لإسقاط نظامها، وتوحيدها أو ضمّها إلى كوريا الجنوبيّة، خاصَّةً أن الأخيرة تستضيف قواعد أمريكيّة مُجهّزة بأسلحةٍ نوويّة وتضم أكثر من 20 ألف جندي أمريكي حسب بعض التّقديرات غير الرسميّة.
كوريا الشماليّة هزمت أمريكا دبلوماسيًّا مرّتين عندما نجح رئيسها كيم في إهانة وشرشحة الرئيس الأمريكي السّابق أثناء لقائهما في سنغافورة وهانوي، ولم يستطع الأخير، أيّ دونالد ترامب، الحُصول منه على تنازلٍ واحد خاصَّةً في ميدان وقف التجارب الباليستيّة والنوويّة، وعاد إلى واشنطن يجرّ أذيال الخزي والعار وفارغ اليدين.
باختصارٍ شديد، أمريكا بدأت تخسر بشَكلٍ مُتسارع عظمتها وزعامتها للعالم بينما يتصاعد نجم التحالف الروسي الصيني الجديد على الصّعد كافّة، العسكريّة والاقتصاديّة والسياسيّة، وما نراه حاليًّا هو قمّة جبل الجليد لهذا التحالف، وإذا طالت الحرب الأوكرانيّة قد نرى الجُزء الأكبر منه.. والأيّام بيننا.
اقرأ ايضاً:ايران ترفض العملية التركية شمال سوريا