الثلاثاء , نوفمبر 26 2024

“بلومبرغ”: واشنطن تعدّل استراتيجيتها للأمن القومي

“بلومبرغ”: واشنطن تعدّل استراتيجيتها للأمن القومي

أفادت وكالة “بلومبرغ” بأنّ العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا دفعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إعادة صياغة كبرى لاستراتيجية الأمن القومي في الولايات المتحدة.

وتُظهر نسخ أولية من نصّ هذه الاستراتيجية، التي لا تزال قيد الإعداد، كيف تتبدّل أولويات الإدارة استجابةً للحرب في أوكرانيا والشراكة المزدهرة بين بكين وموسكو.

ونشر الوثيقة كان مقرراً في كانون الثاني/يناير الماضي، لكنه أُرجئ بعدما رجّح مسؤولون أميركيون أن تبدأ روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، وأشارت “بلومبرغ” إلى إعادة صياغة النصّ بشكل كبير الآن، ليعكس التبدّلات التي يشهدها العالم منذ بدء الأزمة، علماً أنّ موعد نشره ليس واضحاً.

وتؤكد المسوّدة الجديدة للنصّ على أهمية أوروبا وآسيا بالنسبة إلى مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، في تحوّل عن النسخة السابقة التي ركّزت بشكل أكبر على الصين وآسيا. وبدلاً من التقليل من أهمية الصين، تفيد الوثيقة بأنّ الأحداث التي تشهدها أوروبا وآسيا مرتبطة ببعضها بعضاً بشكل معقد.

استراتيجية الأمن القومي، التي أعدّتها كل إدارة أميركية منذ عهد الرئيس الجمهوري الراحل رونالد ريغان، تتيح إحدى أفضل طرق الولوج إلى أسلوب تفكير البيت الأبيض بشأن ملفات السياسة الخارجية، بحسب “بلومبرغ”.

وهذه الوثيقة، التي تُعدّ بطلب من الكونغرس، تستهدف مساعدة المشرعين على تقويم أولويات موازنة الأمن القومي التي تطرحها الإدارة، من أجل توضيح علاقات الولايات المتحدة مع الحلفاء والشركاء والخصوم، وضمان أنّ ممثلين من كل أقسام جهاز الأمن القومي الأميركي يتحدثون إلى نظرائهم الأجانب بصوت واحد.

ويشير خطاب ألقاه مؤخّراً وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بشأن سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين، إلى صياغة محتملة للطريقة التي ستزن بها الوثيقة التهديدات التي تطرحها بكين وموسكو، إذ قال بلينكن إنّ روسيا تمثل “تهديداً واضحاً وحاضراً”، فيما تشكّل الصين “أخطر تحدٍ بعيد المدى للنظام الدولي”.

والأهم من ذلك، يُرجّح أن تعتبر هذه الاستراتيجية أنّ التعامل مع التحدي الروسي في أوروبا وذاك الصيني في آسيا لا يمكن أن يتم بشكل منفصل.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، في 18 أيار/مايو، إنّ “هناك مستوى معيّناً من التكامل والتكافل في الاستراتيجية التي تتبع في أوروبا وتلك التي تتبع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”، مضيفاً: “أعتقد أنّ القدرة الفريدة التي يتمتع بها الرئيس بايدن لربط هذين الأمرين معاً، ستكون سمة مميّزة للسياسة الخارجية خلال رئاسته”.
معضلة تايوان

الحرب في أوكرانيا دفعت صنّاع السياسة في الولايات المتحدة إلى التركيز على طموحات الصين بشأن تايوان. وحتى قبل اندلاع الحرب، رجّح مسؤولون في إدارة بايدن أن ترى الصين في أسلوب تعامل واشنطن مع أزمة أوكرانيا، دليلاً على كيفية تعاملها مع إجراءات تتخذها بكين ضد تايبيه.

ومنذ بدء العملية العسكرية الروسية، في 24 شباط/فبراير، اعتبر مسؤولون أميركيون أنّ تطوّرات كثيرة توجّه رسالة قوية إلى الصين، بما في ذلك الإسراع في فرض عقوبات على روسيا، بالشراكة مع الحلفاء الأوروبيين، وتعزيز دول أوروبية موازناتها الدفاعية، واستعداد أعضاء حلف شمال الأطلسي للتخلّي عن عقود من السياسات الحذرة، من أجل مساعدة أوكرانيا مالياً وعسكرياً.

وقال مدير وكالة استخبارات الدفاع الأميركية، الجنرال سكوت بيرييه، إنّ “الصينيين سيراقبون هذا الأمر بعناية شديدة، سيستغرق الأمر منهم بعض الوقت لفهم ذلك”.

ورفض مسؤولون صينيّون مرات اتهامات بالسعي لمهاجمة تايوان، التي تعتبرها الصّين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها وتلوّح باستعادتها، ولو بالقوة إذا لزم الأمر، رغم أنها لم تسيطر عليها إطلاقاً. في الوقت ذاته، حذرت الحكومة الصينية من أنّ الولايات المتحدة تعتمد نهج “الحرب الباردة” تجاه آسيا.

وسعت بكين لمواجهة ذلك، من خلال تعزيز علاقاتها مع دول جزرية في المحيط الهادئ، مع تكرار مطالبتها بمناطق متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، بحسب “بلومبرغ”.

وأضافت الوكالة أنّ تركيز إدارة بايدن على ترابط أوروبا وآسيا، كان مدفوعاً أيضاً باعتراف متزايد بالشراكة بين بكين وموسكو، فضلاً عن استعداد دول آسيوية، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، لفرض عقوبات على موسكو.
التهديدات العابرة للحدود الوطنية

نتيجة ذلك، أجرت الولايات المتحدة حواراً مع دول آسيوية بشأن الأحداث التي تشهدها أوروبا، ومع دول أوروبية حول الأحداث التي تشهدها آسيا. وكانت النقاشات مع الدول الأوروبية بشأن المحيطين الهندي والهادئ خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، “صعبة ومليئة بالتحديات وحذرة غالباً”، لكنّها باتت الآن “منتجة جداً”، حسبما قال منسّق منطقة المحيطين الهندي والهادئ في البيت الأبيض كورت كامبل.

وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، عقب زيارة بايدن الآسيوية، إنّ “الاستراتيجية الدبلوماسية الأميركية في آسيا محكوم عليها بالفشل”، مؤكداً أنّ “ما يسمى باستراتيجية المحيطين الهندي والهادئ التي تعتمدها الولايات المتحدة، هي في جوهرها استراتيجية لإثارة الانقسام والتحريض على المواجهة وتقويض السلام”.

ويُرجّح أيضاً أن تتضمّن الوثيقة الأمنية المنقحة توضيحاً للرابط بين التهديدات الناشئة العابرة للحدود الوطنية، مثل الاحتباس الحراري والتنافس الجيوسياسي التقليدي، علماً أن الفضاء الخارجي، على سبيل المثال، هو مسألة عابرة للحدود وخاضعة أيضاً للجغرافيا السياسية، كما نقلت “بلومبرغ” عن مصدر.

المصدر: وكالة بلومبرغ