السبت , نوفمبر 23 2024
ما سر إيمان الناس بالخرافات؟

ما سر إيمان الناس بالخرافات؟

ما سر إيمان الناس بالخرافات؟

”إنها دائما نفس الإيماءات المتكررة. أوّلا الساق اليسرى، دائمًا. الجَورب، الحذاء. ثم الساق اليمنى“. هذا الإعلان الذي صوّره زين الدين زيدان عام 2000 أثر كثيرًا في الفرنسيين.

هل كان فريق كرة القدم الفرنسي سيفوز بكأس العالم 1998 دون هذا الإعلان؟ لماذا نحتاج إلى هذه المعتقدات الخرافية حتى ترافقنا يوميًا؟

في عام 1912، في كتابه ”الطوطم والتابو“ ربط رائد التحليل النفسي سيغموند فرويد الفكرَ السحري بالشعوب البدائية، فتحدّث عن ”الفكر الوثني، ذلك الإيمان بقوة حيوية خارقة من شأنها أن تحرك كل كائن حي، أو أي شيء مادي، أو أي عنصر طبيعي. في مواجهة أي عنصر أو أي ظاهرة لا تفسير لها يحتاج الإنسان إلى إنشاء منطق السبب والنتيجة، حتى في حالة عدم وجود أي صلة. لتجنب المتاعب يضع أكثر الناس وجلا وفزعًا رغيفَ الخبز على الوجه الصحيح، ويتجنبون كسر المرآة، أو حتى الذهاب إلى كورسيكا، إلى سينيادورا Signadora لممارسة الصلوات والطقوس لدرء العين الشريرة، بحسب ما أورده تقرير لمجلة ”caminteresse“.

يقول تييري ريبول، أستاذ علم النفس المعرفي في جامعة إيكس مرسيليا (بوش دو رون) ومؤلف كتاب ”لماذا نؤمن؟“ علم نفس المعتقدات“ (طبعة العلوم الإنسانية 2020) ”يقضي الإنسان وقته في جعل العالم واضحًا لأنه بحاجة إلى الفهم. لهذا يحاول أن يطرح معنًى للأشياء وأن يخلق فرضيات“.

ما سر إيمان الناس بالخرافات؟

إذن، ما الذي يحدث في دماغنا عندما نؤمن؟ هنا يقول الاختصاصي: ”في حالة الإجهاد النفسي، وفقدان السيطرة تصبح القشرة الحزامية الدماغية مفرطة النشاط“، لأن هذا الجهاز العصبي سيُستخدم لإدارة الصراع بين ما هو متوقع وما هو حقيقي.

ويضيف الأخصائي قائلا: ”لقد ثبت أن هذا الاعتقاد يسمح بالحد من هذا النشاط الدماغي المفرط، وبالتالي التقليل من التوترات الداخلية“. ومن هنا يأتي سرّ استخدام التعويذات للسيطرة على العالم.

الملح الخشن

في كتابه ”النظام 1. النظام 2. سُرعَتا الفكر“ يوضح عالم النفس دانييل كانيمان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2002 أن دماغنا لديه طريقتان لمعالجة المعلومات.

الأولى سريعة وبديهية وتولِد الإيمان، بينما الثانية بطيئة وتحليلية وتعمل عكس هذه البديهيات الحدسية الأولية.

وبالتالي فإن مقاومة فكرة أولية تتطلب جهدًا إضافيًا، خاصة أن الطقوس غالبًا ما تنتقل من جيل إلى جيل. ”يضعون الملح الخشن في الزوايا الأربع للمنزل لأنهم تعلموا هذا الطقس، فهو جزء من التقاليد“، هكذا يقدّر غريغوري ديلابلاس، عالم الأنثروبولوجيا ومؤلف كتاب ”الذكاءات الخاصة، بحثٌ في البيوت المسكونة بالأرواح“، الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر2021).

بالنسبة لهذا الباحث ”المسألة مسألة معرفة لماذا الملح الخشن بالذات، ما هي وظيفته عبر العصور“.

منذ العصور القديمة تم استخدام الملح، وهو سلعة نادرة، كمُنَقٍّ ومطهّر. فالملح يتكون من بلورات، ويمتص الموجات السيئة، لذلك لا تأتي الخرافات من العدم، ومن يدري، فقد نميل إلى إعادة إنتاجها في حالة ما.

التوصية بعدم فتح مظلة في داخل البيت خرافة جاءت من إنجلترا في القرن الثامن عشر، عندما لم تكن آليات الفتح آمنة. بالنسبة إلى عالم النفس تييري ريبول ”لدى الرياضيين رفيعي المستوى طقوس معيّنة يمارسونها، لأنها تُهدئهم، أو لأنهم يؤمنون بها. في هذه الحالة يكون الاعتقاد محقّقًا لذاته، لأنه من اللحظة التي يؤمن فيها المرءُ بطقوس ما فإن أداءها يمنحه الثقة“.

طقوس ملفَّقة

الاعتقاد الخرافي وطقوس الدرء، والفكر السحري مرحلة أساسية في تطور الكائن البشري الذي يحاول، بحثًا عن المعنى وإيجاد روابط، ومصادفات بين الأشياء.

من بين تجاربه الأولى ”أسقِطُ من يدي شيئًا، فيسقط“ يعطي الطفل لنفسه الوهمَ بأنه يتحكم في عالمه.

هذا الاعتقاد يتلاشى مع التقدم في العمر، لكن بعض البالغين يحتفظون بقناعة ”قدرة الأفكار المطلقة“، أي الاعتقاد بأنه يكفي التفكير في شيء بعينه حتى يتحقق.

بالنسبة لعالم الأنثروبولوجيا غريغوري ديلابلاس، ”تحت مصطلح الفكر السحري يوجد كل شيء لا يمكن فهمه، كل شيء لا يمكن نمذجته في شكل قانون“.

اقرأ ايضاً:لن تروا البعوض مجدداً.. الحيل الأكثر فاعلية في إبعاده عن منزلك