من بينها “قلب ريتشارد الأسد”.. 5 أعضاء بشرية يُمكنك زيارتها
لم تُدفن أعضاء المشاهير في الأماكن التي تتوقّعها؛ وفي بعض الحالات، انتهى بها الأمر في متحفٍ، كما حصل مع دماغ ألبرت أينشتاين على سبيل المثال، الموجود في المتحف الوطني للصحة والطب الأمريكي. إضافةً إلى وجود أجزاءٍ أخرى من الدماغ في متحف The Mütter بمدينة فيلادلفيا الأمريكية، ولا تزال تُعرض حتى يومنا هذا.
ولعلّ شعار “جزءٌ يمثّل الكلّ” هو خير تعبير عن هذه الحالة، وحالات مشابهة أخرى سنتعرّفُ إليها في هذا التقرير، الذي يمرّ على 5 شخصيات يتذكّرهم التاريخ -مثل ريتشارد قلب الأسد- عبر أعضاءٍ معيّنة من جسمهم، دُفنت وحدها -أو عُرضت في متاحف- من دون باقي الجثمان:
ذراع ستونوول جاكسون
بينما كان الجنرال الكونفدرالي توماس ستونوول جاكسون يجهز قواته مساء 2 مايو/أيار 1863 في ولاية فيرجينيا، أُصيب بنيرانٍ صديقة أدّت إلى بتر ذراعه اليُسرى. أخذ القس بيفرلي تاكر لاسي الذراع المقطوعة إلى مزرعة شقيقه، ودفنها في مقبرة العائلة؛ في تأبينٍ كامل، حسب الطقوس المسيحية.
وبعد 8 أيام، أثناء انتظار القطار إلى ريتشموند، توفي جاكسون، البالغ من العمر 39 عاماً بسبب التهابٍ رئوي، في مكتب صغير داخل غابة فيرفيلد. ويُدير هذا الموقع الآن هيئة خدمات المنتزه الوطنية باعتباره موقع وفاة جاكسون.
أما فيما يتعلق بذراعه، فقد رفضت زوجة جاكسون عرضاً للمّ شمل الذراع مع باقي جثمان الجنرال؛ وتُشير بعض التقارير إلى أن جنود الاتحاد نبشوا ذراع الجنرال، وأعادوا دفنها عدة مرات.
وفي مكانٍ قريب من مزرعة شقيقه، توجد اليوم لافتة من الغرانيت كُتب عليها: “ذراع ستونوول جاكسون، 3 مايو/أيار 1863″، تمتلكها وتديرها جمعية Friends of Wilderness Battlefield.
حذاء بينيدكت آرنولد
تكريماً للذكرى المئوية للثورة الأمريكية وتعزيز المصالحة بعد الحرب الأهلية، انشغلت جمعية Saratoga Monument Association بإقامة نصب تذكارية بمناسبة انتصار القوات الوطنية الأمريكية الحاسم على البريطانيين في معركة ساراتوغا.
وعلى بُعد ميل واحد من المكان الذي استسلم فيه الجنرال البريطاني جون بورغوين وقواته في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1777، يقف نُصب تذكاري من حجر غرانيت يبلغ ارتفاعه نحو 47 متراً لتكريم قادة الجيش القاري، الجنرال هوراشيو غيتس والجنرال فيليب شويلر، والكولونيل دانيال مورغان، مع تخصيص 3 من أركانه لهؤلاء.
لكن الزاوية الرابعة لا تزال فارغة، في إشارة لنبذ بينديكت أرنولد، الجنرال الأمريكي الموهوب الذي قاد هجوماً جريئاً دفع القوات البريطانية في ساراتوغا للتراجع، لكنه عاد وانشقّ لاحقاً وانضمّ إلى البريطانيين.
الأمر الأكثر غموضاً هو ما يُسمّى بـ”نصب الحذاء”، الذي يعرض حذاءً برقبة عالية، وشارة كتف من نجمتين لجنرال، وورقة غار فوق مدفع هاوتزر.
ومن الواضح أنه الموقع، حيث أصيب أرنولد برصاصة في فخذه الأيسر خلال المعركة. وينصّ الإهداء على ما يلي: “تخليداً لذكرى الجندي الأكثر ذكاءً في الجيش القاري، الذي أصيب بجروح بالغة في هذا المكان، ميناء بورغوين الكبير [الغربي] في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 1777، حين انتصر لمواطنيه في المعركة الحاسمة للثورة الأمريكية ولنفسه رتبة لواء”.
ساق أنطونيو لوبيز دي سانتا آنا
المرة الأولى التي فقد فيها الجنرال المكسيكي والرئيس السابق، أنطونيو لوبيز دي سانتا آنا، إحدى ساقيه كانت في العام 1838 في ولاية فيراكروز، خلال نزاعٍ قصير مع فرنسا حول معاملة المواطنين الفرنسيين المقيمين في البلاد.
دفن دي سانتا آنا ساقه المفقودة في مكسيكو سيتي، وحصل على طرفٍ اصطناعي -مكانها- من الفلّين. لكن في العام 1844، وعلى إثر غضبهم من حُكمه، نبش المواطنون المكسيكيون ساقه اليُسرى، وسحلوها في الشوارع.
لاحقاً، فقد دي سانتا آنا ساقه الاصطناعية، بالقرب من فيراكروز، في 18 أبريل/نيسان 1847، خلال معركة سيرو غوردو. وفي إحدى ولاياته العديدة، كرئيسٍ للمكسيك، تنحّى عن منصبه للخدمة في الحرب المكسيكية الأمريكية.
وبعد أن اضطرّ إلى الفرار على عجلٍ من موقع المعسكر من دون ساقه، بسبب اقتراب القوات الأمريكية، استخدم جنود ولاية إلينوي طرفه الاصطناعي كمضرب بيسبول وعرضوه في معرض صندوق الصور.
الساق الاصطناعية موجودة اليوم من بين القطع الأثرية بمتحف ولاية إلينوي العسكري في سبرينغفيلد، وكانت المكسيك قد طالبت باستعادتها، لكن ولاية إلينوي رفضت.
ساق دان سيكلز
أصيب عضو الكونغرس من مدينة نيويورك والجنرال في جيش الاتحاد، دان سيكلز، بالشلل مساء اليوم الثاني من المعركة في غيتيسبيرغ، في 2 يوليو/تموز 1863، عندما حطمت قذيفة مدفعية ساقه اليُمنى.
لم يتمكن سيكلز من الاحتفاظ بقدمه؛ فقبل عام أرسل الجرّاح الأمريكي، الجنرال ويليام هاموند، أمراً إلى الضباط الطبيين بإرسال عيّنات وملاحظات وآثار من الصدمات التي تحدث في ساحة المعركة إلى ما سيُصبح لاحقاً المتحف الوطني للطب العسكري في ماريلاند.
وقدّم سيكلز ساقه المبتورة بنفسه، في صندوقٍ معدني يحمل ملاحظة، كتبها بنفسه: “مع تحيات اللواء دان سيكلز، متطوّعو الولايات المتحدة”.
وقد أصلح الضباط الطبيين -الذين أرسلهم هاموند- قَدَمَ سيكلز المبتورة لتسليط الضوء على الكسور المعقدة، وعُرِضت عيّنة من الساق والشظية التي اخترقتها، وقيل إن سيكلز اعتاد زيارتها بانتظام مع الضيوف.
يعود سبب شهرة سيكلز الأكبر إلى أنه كان أول شخص في الولايات المتحدة يستخدم حُجة الجنون المؤقت، ليدفع عنه تهمة القتل العمد. في 25 فبراير/شباط 1859، أطلق سيكلز النار على فيليب بارتون كي -ابن فرانسيس سكوت كي- الذي كان على علاقة غرامية مع زوجته الشابة، تيريزا باجيولي. وبعد محاكمة مثيرة، أصدرت هيئة المحلفين حكماً ببراءة سيكلز.
قلب ريتشارد الأول “قلب الأسد”
يُشتبَه بوفاة أول ملك لإنكلترا بسبب تعفن الدم نتيجة المعالجة الرديئة لجرحٍ أصابه في كتفه اليُسرى، بسبب سهمٍ في كتفه اليسرى، خلال مهاجمته قلعة في 26 مارس/آذار 1199 ببلدية شالو الفرنسية. لم يكن ريتشارد الأول، الشهير بـ”ريتشارد قلب الأسد”، يرتدي درعاً في الهجوم.
وكما كانت العادة آنذاك، فُصِل جسده عن أحشائه وقلبه لدفنها في أماكن مختلفة. وقد دُفِن قلب الأسد”، الذي توفي عن عمر يناهز 41 عاماً، في كاتدرائية نوتردام في روان، على بعد 529 كيلومتراً من مقرّ الاحتلال الإنكليزي لنورماندي.
وفي العام 1838، عُثِر على صندوق من الرصاص يحتوي على قلبه المتيبس أثناء تجديدات الكاتدرائية، وكُتب عليه الكلمات اللاتينية HIC IACET COR RICARDI REGIS ANGLORUM أو “هنا قلب ريتشارد، ملك إنجلترا”.
وفي عام 2013، حلّل العلماء القلب الذي صار بحلول ذلك الوقت رماداً، ووجدوا أنه ملفوف في كفنٍ ودُفِن بمجموعة متنوعة من المواد للحفاظ عليه؛ بما في ذلك الآس والأقحوان والنعناع والكريوزوت والزئبق والصمغ، وبالتالي فإن القلب لم يكن في الواقع قلب أسد.
اقرأ ايضاً:اكتشاف “كنز قيمته مليارات الدولارات” في قاع البحر