وضعت “نوال العلي” 47 عاماً، من محافظة “السويداء”، جنوب “سوريا”، ما تبقى لديها من البرغل لتحضير مؤونة الكشك لهذا العام لتصنع خمسة كيلو من الكشك. لعلها تكفيها لوجبة ساخنة ومغذية لعائلتها في فصل الشتاء، تلك الوجبة التي بقيت موجودة ولو بالحد الأدنى، رغم الغلاء الذي طال المكونات. علماً أنها كانت تدعى سابقا “أكلة الفقراء”.
الكشك يصنع من البرغل، واللبن وبعض الملح، بطريقة حرفية، حفظتها السيدات عبر الزمن من الجدات. وقد تضاعفت كلفة تحضير هذه المؤونة الهامة في “السويداء”، مع ارتفاع أسعار اللبن والبرغل.وبحسب ما قالته “العلي”، فإن إعداد 5 كيلو من البرغل بسعر 30 ألف ليرة للكمية الإجمالية، يحتاج إلى 15 كيلو لبن رائب بسعر 30 ألف أيضاً، بكلفة إجمالية 60 ألف ليرة دون حساب كلفة الغاز والطحن بالمطحنة. بينما العام الماضي كان سعر كيلو البرغل 1600 وليس 6000 ليرة، واللبن 1600 ليرة وليس 2000 ليرة. أي أن كلفة 5 كيلو برغل كانت 8000 للبرغل، و24 الف للبن، أي 32 ألف ليرة.
تقريباً تكفي تلك الكمية مؤونة عائلة مؤلفة من 5 أشخاص، كما تقول “العلي”. وتضيف أنهم تخلوا عن وضع اللحم في طبخة الكشك، وباتت تكتفي أسوة بالكثيرين، بتنكيهها ببعض الثوم والبصل والسمن.
مؤونة أساسية
المادة التي تعتبر مؤونة أساسية، في “السويداء”، تحضر منزلياً بطريقة وقياس متبع. حيث يحتاج كل كيلو من البرغل 3 كغ من اللبن الرائب، الذي سينقع به البرغل ويقلب لعدة أيام، ويعرض تحت الشمس ليفرك عدة مرات ويتحول إلى حبات كبيرة، تطحن بعد التنشيف لعدة أيام لتتحول إلى مسحوق جاهز للطبخ، وفق “باسمة الشيباني” صاحبة مطبخ ومخبز “الرحا” التي تعد كل عام كميات كبيرة لتبيعها لمن لم تتمكن من تحضير الكشك، فمن النادر ألا تتمون عائلة منه كونه يشبه مؤونة الطحين ورب البندورة أو المكدوس.
وتضيف: «تبلغ تكلفة الكيلو الواحد من البرغل ٦٠٠٠ ليرة، وكيلو الحليب الذي ستغليه وتحوله للبن رائب ٢٠٠٠ ليرة. هذا دون حساب تكلفة الغاز والملح، والنقل إلى المطحنة وأجور الطحن التي بلغت هذا العام ٤٠٠ ليرة للكيلو دون النقل».
تتحدث “الشيباني” عن معاناة حقيقية عاشتها هذا العام، للحصول على كميات الحليب المطلوبة، بسبب قلة المادة كونها تعد كميات كبيرة للأسواق. إضافة لنقص الغاز وعدم توفره، بالتالي فإن الكيلو سيصل للمستهلك بسعر أغلى من ذلك للاضطرار لشراء الغاز من السوق السوداء.
الكمية المطلوبة
بحساب بسيط وفق “هديل العبدالله” طالبة العلوم، التي أسست مشروعاً للألبان والأجبان فإن أي عائلة بحاجة إلى خمسة كيلو كحد أدنى، لضمان مؤونة الشتاء. وطبعاً قلة من أصحاب الدخل المحدود سيحصلون على الكمية المطلوبة، وهي تعرف جيداً أن السعر قابل للزيادة والجميع سيشتري، أو يصنعه بالمنزل فالكشك غذاء لأيام الشتاء القاسية.
وتضيف العبد الله : «أحضر الكشك على عدة وجبات، اليوم وضعت عشرة كيلو من البرغل وقد نحتاج لتصنيع دفعتين أو ثلاثة، لتلبية حاجة الزبائن. مع العلم أن العمل مجهد بداية من العجن اليومي للبرغل الممزوج باللبن، ونشره على القماش تحت الشمس عدة أيام وتقليبها. مما يرفع السعر في حال تم الشراء من خارج المنزل».
أخيراً إن الكشك الذي يطبخ على شكل شوربة ساخنة، مع البطاطا أو الزهرة أو يُفت به الخبز، وتعد منه الفطائر ويصحبه الطلاب كأكلة سريعة التحضير في السكن الجامعي، كانت الجدات تحضره من مؤونة البرغل المتبقية بالمنزل، كلفته هذا العام قد تلغيه كوجبة مغذية ومفيدة.
سناك سوري
اقرأ أيضا: شركات الإسمنت تطالب برفع جديد لأسعارها