بعد سنوات من الاستقرار الأمني في دمشق وعودة الأمن والأمان إلى المدينة، يسعى الكثير من الناس وخصوصاً الشباب إلى شراء شقق سكنية، وهو الأمر الذي أصبح شبه مستحيل وخاصة مع الأحوال المعيشية الصعبة، كما يشهد سوق العقارات حالة من الركود غير المسبوق بعد زيادة العرض وقلة الطلب.
وصلت أسعار العقارات إلى درجة الخيال في سوريا و لا سيما مدينة دمشق و أصبح من السهل شراء منزل في أي دولة أجنبية وبأرخص من عاصمة الياسمين الأمر الذي يثير الدهشة .
وعن سبب الارتفاع قال الخبير العقاري المهندس “معتز قبيطري” في تصريح خاص ل سنسيريا : من الطبيعي أن تكون الأسعار مرتفعة في مدينة دمشق لأنها من أقدم بلاد العالم وعاصمة لعدة حضارات وتعتبر مدينة أثرية يصل عمرها ١١٠٠٠ سنه، ومحدودة المساحة، وعلى سبيل المثال الصالحية منظمة منذ زمن الاحتلال الفرنسي والشارع المستقيم الذي يعرف بسوق مدحت باشا يعود إلى زمن النبي بولس وأن هذه الخواص التاريخية تجعل أسعارها مرتفعة ومن غير المعقول هدم مناطق أثرية لبناء محاضر جديدة أو أبراج .
حيث صدر منذ سنوات مراسيم تخص أحداث مناطق تنظيمية مثل ماروتا سيتي وباسيليا سيتي ولازورد سيتي لتطوير مناطق المخالفات كخطوة نحو المدن الذكية ولكن هذه الخطوة تبقى محدودة إمام قدرة المواطن الشرائية.
وأردف “قبيطري” أن هذه المدن خطوة جيدة كواجهة حضارية لمدينة دمشق، علماً أن محافظة دمشق رفعت رسوم تراخيص البناء في مشروع “ماروتا سيتي” لتضاعف بأكثر من 11 ضعفاً ما يثير الكثير من علامات التعجب أمام واقع أسعار العقارات التي يوفرها المشروع خلال الفترة المقبلة، وبحسب الخبير فأن المشكلة بأسعارها المرتفعة جداً وغير المناسبة لذوي الدخل المحدود. مضيفاً أنه يوجد بعض القوانين التي صدرت مؤخراً أثرت بشكل مباشر على حركة البيع والشراء.
وفي نفس السياق تحدث الباحث الاقتصادي “د سنان ديب” سابقا أن قانون الضرائب والبيوع العقارية في ظل عدم تطور القدرة الشرائية كانت من أسباب رفع الأسعار وصدور قرارات متتالية وغير مرنة من المصرف المركزي كرفع الفوائد وحجز الأموال زعزعة ثقة التعاطي مع البنوك.
و لكن “لقبيطري” رأي مخالف حيث قال أن بعض القرارات منطقية و تتماشى مع الواقع ومن غير المنطقي البقاء على القوانين القديمة، كما أن ضريبة بمقدار ١% منطقية جداً، علماً أن عمولة المكتب العقاري ٢.٥% منوهاً إن الأثر الأكبر على عمليات البيع هو وضع مبلغ ١٥% من سعر العقار في المصرف وإعادتها بشكل مجزأ .
وأضاف الخبير: لا يمكن أن ننسى أن الأرتفاع يعود للتضخم و الإنهيار الذي أصاب الليرة السورية، مبينا أن الأرتفاع ناتج عن التضخم الداخلي والخارجي بعد سنوات طويلة من الحصار الاقتصادي وبعدها الأزمة الأوكرانية التي أثرت بشكل سريع على سورية.
أما الباحث “ديب” قال: إن عدم الرؤية الصحيحة لقطاع العقارات أوصلنا لأسعار تتجاوز التضخم وتعتبر خيالية وأغلى من دول العالم موضحاً أن الأسعار لا تعكس التضخم ولا العقلية الصحيحة في المجال التجاري. كما كان لأسعار مواد البناء دوراً كبيراً في الغلاء فقد أدى رفع سعر الإسمنت مؤخرا بشكل مباشر على العقارات وارتفعت الأسعار حوالي ٥% . والجدير بالذكر أن هذه الأسعار المرتفعة لم تنعكس على عمليات البيع والشراء فقط بل كان لها آثر كبير على الوضع الاجتماعي حيث نشهد عزوف كبير عن الزواج بسبب عدم القدرة على تأمين منزل.
في النهاية يبدو أن امتلاك منزل أصبح اليوم من الأحلام المستحيلة، ومن استطاع أليها سبيلاً.
سنسيريا- إبراهيم مخلص الجهني
اقرأ أيضا: ارتفاع كبير جدا للوقود في أمريكا